تنتاب المدافعين عن الحريات في المغرب، هذه الأيام، حالة من القلق بعد تسجيل «هجمات» لإسلاميين انتقلت في بعض الحالات من «الاعتداء اللفظي» إلى حد «المس بالسلامة البدنية للأشخاص». فبعد تعرض فتاة، قبل أشهر، في الرباط لاعتداء على يد «سلفيين» لم يعجبهم الشكل «المتحرر» للباسها، جاء الدور على شاب أكدت عائلته أن ملتحين انهالوا عليه، قبل أيام، بالضرب حتى الموت، إثر اعتدائه على شقيق لهم بواسطة سلاح أبيض، وشتمه الدين الإسلامي، وتلفظه بعبارات اعتبر المعتدون أنها «تمس الذات الإلهية». ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل إن بعض الدعاة والخطباء أدلوا بتصريحات تهدد بشكل صريح الحريات الفردية للأشخاص. وفي هذا الإطار، قالت خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: إن «بعض التجاوزات المسجلة أخيرا في مجال الحريات خطيرة»، مشيرة إلى أن «السلطات تساعد على استفحالها من خلال تسامحها مع المتورطين في مثل هذه الأعمال». وأكدت خديجة الرياضي، في تصريح ل «إيلاف»، على ضرورة تطبيق القانون، متحدثة أيضا عن وجود «تسامح فيما يخص التمويلات المشبوهة التي تأتي تحت ذريعة الإحسان، في حين هناك حصار للجمعيات الثقافية الجادة». من جهته، أوضح عبدالعزيز قراقي، الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي، أن مسألة التوفيق بين الحريات الفردية والجماعية تطرح، بصفة عامة، في الكثير من المجتمعات»، مشيرا إلى أنه «في المجتمعات التي لم تشهد قطيعة على مستوى تمثلات الأفراد وعلاقتهم بالمجتمع، تعرف فيها الحريات الفردية الكثير من المضايقات أكثرها يأتي من الأفراد أنفسهم، إذ ان كل ما لا يتماشى مع ما تمت تنشئتهم عليه يعتبرونه بمنزلة الجرم في بعض الأحيان». في حين أن ما هو معروف، يشرح عبدالعزيز قراقي، في تصريح ل «إيلاف»، هو أن «الحريات الفردية لا تحدها حدود ما عدا احترام حريات الآخرين»، مبرزا أن «الكثير من المجتمعات، على شاكلة المغرب، تشهد الكثير من مظاهر التضييق على الحريات الفردية. فالأفراد قد لا يقبلون شخصا يعلن صراحة تغيير دينه، أو قيامه بممارسة تختلف مع ما تتبناه الأغلبية». وأضاف الناشط الحقوقي «قد لا يقبل الأفراد أن تخرج المرأة بلباس اختارته لنفسها إذا ما كان لا ينسجم مع ما تعود الناس رؤيته. وهذا الأمر ينصب في بعض الأحيان على الذوق، وحرية التعبير، وعلى أمور أخرى». لهذا، يؤكد عبدالعزيز قراقي، أن تعزيز الحريات الفردية يجب أن ينصب على التنشئة الاجتماعية التي من الضروري أن ترسخ لدى الأفراد أن كل إنسان له حقله الخاص، الذي لا يخضع فيه لأي سلطة حتى لو كانت سلطة المجتمع». وكانت حركة نسائية على موقع «فيسبوك»، تدعى «ديباردور (قميص بلا أكمام).. وبخير» نظمت وقفة احتجاجية في حديقة عامة وسط مدينة الدارالبيضاء، لتجديد التنديد بما تعرضت له فتاة على يد «سلفيين» لم يعجبهم لباسها.