(حريات) تأكدت الفضيحة على لسان المسؤولين الحكوميين أمس . حيث أعلن وزير الإعلام رسمياً ان إنفجار مصنع اليرموك للصناعات العسكرية نتيجة قصف 4 طائرات اسرائيلية . وهذه المرة الخامسة التي تقصف إسرائيل أهدافاً في الداخل السوداني فيما تظل حكومة المؤتمر الوطني تتوعد بإحتفاظها بحق الرد في كل مرة ، وكانت الأولى والثانية غارتين على قوافل تهريب السلاح الإيراني بشرق السودان في يناير وفبراير 2009 ، والثالثة هجوم قوات خاصة على عربة تحمل ايرانياً وفلسطينياً 5 ابريل 2011 ، وقصفت عربة برادو وقتلت راكبها ناصر عبد الله ، مهرب أسلحة ، بحي ترانزيت ببورتسودان 22 مايو 2012 . ويكتسب القصف ملامح الفضيحة الكاملة لعدة أسباب ، منها تناقض وعجز السلطات الحكومية ، فسكتت وسائل الإعلام الحكومية عن القصف لأكثر من ساعتين ، وبدأ سيل التصريحات بوالي الخرطوم الذي إستبعد الهجوم العسكري الخارجي ، ثم بتصريح مصدر من الشرطة لوكالات الأنباء العالمية يقول فيه بأن ( .. الحريق شب أثناء إجراء صيانة عادية بواسطة عامل لحام بعد ان تطايرت شرر ماكينة اللحام..) !! ووصف خبير أمني في تصريح ل(حريات) موقف الحكومة ب (العاجز حتى عن جمع المعلومات .. وكانت بإنتظار المعلومات الصحيحة من مخابرات دولة جارة قبل إعلانها رسمياً) . وعجز الحكومة يصل إلى درجة الحرج ، حرج المفارقة ما بين خطابها المُعلن الصخاب عن عدائها لإسرائيل وما بين قدراتها العملية لدفع إستحقاقات هذا العداء ، خصوصاً وان الهجمات تؤكد كما يصرح المسؤولون الحكوميون أنفسهم وجود تعاون إستخباري مع إسرائيل في داخل أجهزة الإنقاذ ! والعجز الحكومي يتسم بسمات الفضيحة لأنه يقترن بالعنتريات الجوفاء ، من مثل ما يصرح به المسؤولون الحكوميون عن ( الإحتفاظ بحق الرد) و(الرد في الزمان والمكان المناسبين) ، كما قال وزير الإعلام أمس ، وسبقه على ذلك وزير الدفاع عبد الرحيم مراراً . وكذلك تتأكد الفضيحة لإرتباط العجز بالكذب . وخلاف كذبة ( اللحام) المتوقعة من شرطة هاشم عثمان ، فقد قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الصوارمي أمس ، ان السودان تحت الإنقاذ (في تقدم ويسير في الطريق الصحيح) وان ( القوات المسلحة لديها أجهزة أمنية وإستخباراتية عالية الكفاءة مما مكن الدولة من معرفة ما حدث ) ! ولكن لأن الكذب لابد ان يخلف تناقضات ، فقد قال الناطق نفسه وفي نفس المؤتمر الصحفي ( ما حدث من تكرار الإستهداف يتطلب وقفة لمراجعة عمل الأجهزة المختصة) ، بل واعترف بالواضح والفاضح ( من الممكن ان يكون هناك إختراق داخلي) . وسبق وأكد مدير الأمن السابق والقيادي في المؤتمر الوطني قطبي المهدي فضيحة إختراق أجهزة الإنقاذ في تصريحات صحفية ، كما أكدها الكاتب الإسلاموي الموصول بالأجهزة الأمنية إسحق أحمد فضل الله في عموده بالإنتباهة 17 ابريل 2012 ، على خلفية الهجمات الإسرائيلية على شرق السودان ، والتي إستنتج منها مراقبون ( طريقة الهجوم والفرار النظيف يشير إلى وجود منظمة عسكرية متطورة قادرة على القيام بعمليات غير تقليدية عبر مسافات طويلة ، تتطلب دعماً إستخباراتياً مقدراً) . وكذلك فان القصف الاسرائيلي يكتسب ملامح الفضيحة لإرتباطه بالفساد وتبديد موارد البلاد ، فأكثر من 70 % من الميزانيات الحكومية تذهب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية ، خصماً على التنمية والصحة وحماية البيئة ، ولكن في المقابل تعجز هذه الأجهزة عن حماية ( الأرض والعرض) من العدو الخارجي ! وأزمة القوات المسلحة ليست في قلة الموارد وإنما في الفساد الذي يتعهده رئيس النظام ومحاسيبه كوزير الدفاع عبد الرحيم ، وسبق وكشفت (حريات) صفقة الدبابات الفاسدة التي كلفت ملايين الدولارات وأرسلت بعد إستلامها مباشرة لدولة مجاورة لصيانتها ! الأمر الذي كان أحد أسباب فصل قيادات القوات المسلحة في فبراير 2011 . وتؤكد مصادر (حريات) ان متعهد إستيراد رادارات القوات المسلحة التي إعترف وزير الدفاع بانها من (الاربعينات) هي السمسارة (منى قاسم) التي إستوردت (اليخت الرئاسي) بملايين الدولارات في (صفقات مشبوهة) أعطيت لها ليس بناء على أي معايير موضوعية وإنما بناء على حسابات وعلاقات فاسدة بوزير رئاسة مجلس الوزراء السابق الفريق صلاح أحمد محمد صالح ووزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين! وبالطبع فإن رادارات على مقاس معارف منى قاسم يمكن ان تلتقط (مساحيق التجميل) ولكنها قطعاً لن ترصد طائرات الاعداء !! ووقائع الفساد التي لم يعد من الممكن إنكارها ، كانت وراء إعتقالات جديدة وسط ضباط القوات المسلحة أمس ، على خلفية (إجتماع في القيادة العامة تناول قصف مجمع اليرموك) كما أورد موقع (السودان اليوم) بناء على شهادة أحد أبناء الضباط المعتقلين . ويرتبط القصف كذلك بخيارات حكومة الإنقاذ السياسية وخدمتها لأجندة ايران ، وتهريبها السلاح للجماعات الإسلامية . واذا كانت ايران نفسها دولة ثيوقراطية وفاسدة فان فسادها لم يصل حد الإنقاذ ، فتؤمن ايران مصانع أسلحتها في منشآت تحت الأرض ، لا يمكن إختراقها إلا بصواريخ خاصة لا تمتلكها حالياً إلا امريكا ، اما الإنقاذ فمنشأتها التي تستخدمها ضد الشعب السوداني وفي خدمة الأجندة الايرانية فهي في (السهلة) تكاد تقول (اضربوني)! والسبب الرئيسي وراء ذلك الفساد ، فالفساد يفسد كل شئ ، حتى المؤامرات ! واللعب مع ايران مكلف ، إعتقدت الإنقاذ انها يمكن تفادي إستحقاقاته بفهلوة الطفيليين واللعب على كل الحبال ! ولكن خبرة التاريخ تفضي بان ( اللعب على كل الحبال) يؤدي إلى ( الشرقطة) ! والفضيحة الأكبر ان سلاح اليرموك ، خلاف خدمته أجندة ايران ، موجه ضد الشعب السوداني ، وما من وطني شريف يمكن ان يذرف عليه دمعة واحدة . وسواء بقصف المدنيين العزل أو تحويل السودان إلى ساحة للصراع الاسرائيلي الايراني ، أو بنصب مصنع عسكري داخل الأحياء السكنية ، فان حكومة الإنقاذ كعادتها تستهين بأرواح السودانيين ، وهذا يرتبط بمنطلقاتها الايديولوجية وخياراتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، فهي ذات السلطة التي أفقرت المواطنين ودمرت خدماتهم الصحية ولوثت بيئتهم المادية والمعنوية وإضطرتهم إلى شرب المياه مختلطة بالبراز وإلى تناول الأطعمة الملوثة والمواد المسرطنة والأدوية الفاسدة .