تقرير / منى البشير رشح صراحة اعتراض جهات نافذة فى البيت الابيض ومنظمات مجتمع مدنى على زيارة نافع كشخصية الخارجية : دكتور نافع لم يسع لهذه الزيارة والدعوة من واشنطن كانت نتيجة لاتصالات بغرض الحوار علاقة امريكا بالسودان لم تتخطى مربع الوعود منذ اتفاقية نيفاشا عام 2005 رعاية امريكا لجنوب السودان ابوية آنية سيدفع جنوب السودان مستحقاتها فى المستقبل من اراضيه الخصبة ومياهه العذبة ، ونفطه الوفير تمهيد :- فى شهر مارس من العام الجارى قدمت الادارة الامريكية دعوة للحزب الحاكم لزيارة الولاياتالمتحدةالامريكية لاجراء مباحثات مشتركة ، وبحسب القائم بالاعمال الامريكى بالخرطوم جوزيف استانفورد وقتذاك فأن دعوة بلاده لحزب (المؤتمر الوطني) الحاكم بالسودان لزيارة واشنطن لم تحدد مواعيدها بعد ، وقال إن جلسة الحوار السوداني الأمريكي ستكون مناقشات صريحة بشأن مكافحة الإرهاب والمفاوضات الجارية مع (قطاع الشمال) في أديس أبابا ، بجانب الصراعات والأزمات الإنسانية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، وقضية حقوق الإنسان ، وتنفيذ الاتفاقيات مع جنوب السودان . وأشار القائم بالأعمال الأمريكي إلى أن موافقة الدكتور نافع على نافع مساعد الرئيس السوداني على المشاركة في الحوار جاءت بعد طرح الإدارة الأمريكية عقد هذه الاجتماعات . الملفت فى هذه الدعوة انها ومنذ بدايتها لم يحدد لها موعد بعينه ، وجاء على لسان المسؤلين الامريكان فى اكثر من مناسبة ان واشنطن قدمت الدعوة للخرطوم للحوار ولكن لم يحدد الموعد بعد ، مما يفسر ان هنالك تقاطعات ومشاورات عديدة اكتنفت موضوع الزيارة وظلت تخضعها يوميا لمزيد من الدراسة حيث رشح صراحة اعتراض جهات نافذة فى البيت الابيض ومنظمات مجتمع مدنى على زيارة نافع تحديدا ، وجاءت النتيجة النهائية بتعليق الزيارة. فى هذا التقرير لا ننظر لتعليق الزيارة من زاوية شخصية نافع على نافع تحديدا المرفوضة لدى الامريكان ولكن ننظر لها من زاوية شاملة هى المصلحة الوطنية والفائدة التى ستعود على البلاد من تطبيع العلاقات مع امريكا حيث ان المواطن السودانى هو المستفيد من هذه العلاقة اذا كانت من اهم نتائجها رفع العقوبات الاقتصادية ، ولكن لامر ما شخصنت الادارة الامريكية موضوع الزيارة واختذلته فى شخص نافع ، وكان من الممكن ان يقوم بالزيارة شخصية اخرى تكون مقبولة عند الامريكان . السبب الحقيقى لتعليق الزيارة :- استغلت الادارة الامريكية موضوع تجميد الاتفاقيات مع جنوب السودان لاخفاء السبب الحقيقى من تعليق الزيارة وهو الاعتراض الواسع الذى واجه شخصية نافع تحديدا وليس الزيارة بشكل عام ، وحتى تنفى عنها تهمة الرضوخ لضغوط غير مبررة ، وبحسب مراقبين فاذا كان الاعتراض على شخصية نافع فهناك شخصيات اخرى مقبولة لدى الادارة الامريكية يمكن ان يتم الاستبدال ويمضى الحوار الى غاياته . وفى ذلك قال البيت الابيض: ان زيارة نافع لواشنطن لن تقوم نتيجة لقرارات حكومة السودان الاخيرة بشأن وقف ضخ النفط وتجميد انفاذ اتفاقات التعاون،مشيراً الى ان الدعوة نفسها كانت قد ووجهت باعتراضات من قبل عدد من اعضاء مجلس النواب . مدير مكتب المبعوث الاميركي للسودان وجنوب السودان لاري اندريه،دافع خلال جلسة استماع لمجلس النواب ،عن الدعوة الصادرة من ادارة الرئيس اوباما،وقال ان واشنطن تبحث عن اي طريقة لايصال رسالتها لمتخذي القرار الاساسيين في السودان ،واضاف» عندما اتخذنا قرار دعوة نافع لاميركا في مارس الماضي، لم يكن ذلك من فراغ وانما تم بهدف فعل اي شئ يمكن فعله لانهاء الأزمات والصراعات في السودان»،وتابع بالقول»نحتاج لطريقة لايصال سياساتنا للقيادة في الخرطوم»،وكشف عن ابلاغ الحكومة السودانية بأن الزيارة مرهونة بانفاذ اتفاقات التعاون مع جنوب السودان»،وزاد بالقول» وبما ان حكومة الخرطوم اتخذت سلسلة من القرارات مطلع هذا الشهر بوقف تنفيذ اتفاقات التعاون،بعثنا برسالتنا لنافع بان الزيارة تم تعليقها ،رداً على تعليق انفاذ تلك الاتفاقات مع جنوب السودان». الحكومة تقلل :- بيد ان نافع قلل من الخطوة مشيراً الى ان زيارته لواشنطن لم يطلبها المؤتمر الوطني ولكنها جاءت دعوة من قبل الادارة الامريكية ،وحددت لها مواعيد في السابق ولكن لم يتم الاتفاق علي البرنامج، ونفي نافع في مؤتمر صحفي عقده بالخرطوم وقتذاك علمه بتعليق الزيارة وقال نحن لم نطلبها فاذا كانت الادارة الامريكية علقتها فهذا شأن يخصها واذا حددت لها مواعيد نحن جاهزون للحوار ،واضاف ان المؤتمر الوطني وافق علي مقترح الزيارة في اطار استمرار الحوار من جانبها قالت وزارة الخارجية فى اول تعليق لها : اذا صح ذلك فاننا نقول إن دكتور نافع لم يسع لهذه الزيارة والدعوة من واشنطن كانت نتيجة لاتصالات بين القائم بالأعمال الأمريكي والمؤتمر الوطني بغرض الحوار وذلك بالصفة الحزبية للدكتور نافع . وقال السفير ابوبكر الصديق الناطق الرسمى باسم الخارجية : واذا كان سبب تعليق الزيارة كما نسب لمدير مكتب المبعوث الأمريكي للسودان هو مازعمه أن حكومة السودان قد جمدت اتفاقيات التعاون مع حكومة جنوب السودان فإننا نوضح " إن حكومة السودان لم تجمد اتفاقيات التعاون مع الجنوب وانما اتخذت قراراً بوقف مرور نفط الجنوب عبر الأراضي السودانية خلال فترة 60 يوماً لعدم وفاء حكومة الجنوب بما يليها من التزامات بموجب الاتفاقية الأمنية ومصفوفة تنفيذ اتفاقيات التعاون خاصة فيما يخص دعم حركات التمرد المسلحة". وأضاف " لقد تم توضيح ذلك للقائم بالأعمال الأمريكي في لقائه بالسيد وزير الخارجية ، وبالتالي فإن تبرير الإدارة الأمريكية للخطوة المذكورة يعني أنها تبني مواقفها وقراراتها تجاه السودان على حيثيات خاطئة لاسند لها في الواقع شأنها شأن كثير من السياسات التي تتبناها أمريكا تجاه السودان" . وأوضح الناطق الرسمي أن الإدارة الأمريكية لاتزال كما يبدو تخضع لضغوط مجموعة متطرفة في الكونغرس الأمريكي تتخذ مواقف عدائية مسبقة تجاه السودان لأسباب أيدولوجية ولاتريد هذه المجموعة أن تستمع الى آراء أخرى وحقائق الواقع ولاتريد للآخرين أن يستمعوا كذلك لأي آراء وحقائق. امريكا وجنوب السودان :- الثابت ان الادارة الامريكية تحرص على علاقاتها مع جنوب السودان اكثر من السودان وعلى عكس وعودها المتكررة للسودان والتى لاتنفذ منها شيئا ، فان جنوب السودان لم تحصل على وعود زائفة قط من الادارة الامريكية فكل ماوعدت به امريكا الجنوب تم تنفيذه بدءا من الاستفتاء والانفصال مرورا برفع العقوبات الجزئى الذى نعمت به جنوب السودان فيما لازال الشمال يرزح تحت نير هذه العقوبات ، وقد وصفت جنوب السودان امريكا بالصديق الوفى انظر الى سلفاكير في خطابٍ متلفز لدى افتتاحه طريق (نمولي – جوبا) العام الماضي وهو يشيد بالدور الإيجابي الذي لعبته الإدارة الأمريكية في وقت الحرب وفي المفاوضات بمراحلها المختلفة حتى إحلال السلام في السودان، وأشاد كذلك بطريقة خاصة بقيامها بتشييد أول طريق معبد في جنوب السودان بعد أن وضعت الحرب أوزارها. وصف الرئيس كير في ذلك الخطاب الولاياتالمتحدةالأمريكية ب"الصديقة الحقيقية لجنوب السودان"، مشيراً إلى أنها قَدَّمت الكثير لجنوب السودان إبان الحرب، فضلاً عن المساعدات التي كانت تقدِّمها عبر منظمتها الدولية "الوكالة الأمريكية للتنمية" (USAID) لنازحي ولاجئي جنوب السودان. وهي مساعدات كانت تتمثل في توفير الغذاء والدواء والخيام للنازحين في السودان واللاجئين خارج السودان، كما نقلت أعداداً كبيرة من الأطفال اليتامى والذين شردتهم الحرب من معسكرات اللجوء، لا سيما معسكر كاكوما بكينيا، تعلم من تعلم من هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا الآن رجالاً استفادت الدولة منهم ومازالت تستفيد كمورد بشري تدفع بعجلات البلاد التنموية إلى الأمام . وبحسب مراقبين فان رعاية امريكا لجنوب السودان تنبع من ابوية آنية سيدفع جنوب السودان مستحقاتها فى المستقبل من اراضيه الخصبة ومياهه العذبة ، ونفطه الوفير ، اضافة الى ان جنوب السودان المسيحى يجد التاييد من المنظمات الدينية النافذة فى امريكا وعلى راسها منظمة (ساماريتان بيرس الدولية – المسيحية) Samaritan's Purse التي ظلت تخدم شعب جنوب السودان في المناطق المتأثرة بالحرب لمدة عشرين عاماً، وذلك بتوفير الغذاء والدواء والكساء والخيام والتى يراسها القس فرانكلين جراهام . امركيا وشمال السودان وعود فقط :- لم تتخطى علاقة امريكا بالسودان مربع الوعود منذ اتفاقية نيفاشا فى العام 2005 حيث وعدت السودان وقتها برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للأرهاب اذا وقع على الاتفاقية ولم يحدث الى يومنا هذا حيث تتناسل الوعود يوما بعد يوم دون نتيجة ملموسة . كل مبعوث امريكى جاء الى السودان جاء بحقيبة منتفخة بالوعود والاوهام ، تنفجر الى لاشىء عند اول شكة دبوس من جماعات الضغط المعادية للسودان ففى عهد اوبا استها ولايته بارسال الجنرال المتقاعد من سلاح الطيران الأمريكي اسكود غريشن فى وقت كانت فيه العلاقة بين البلدين تشهد تصعيدا بسبب طرد الخرطوم 13 منظمة دولية من دارفور اتهمتها الحكومة بالتخابر لصالح المحكمة الجنائية الدولية التى أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير في الرابع من مارس 2009 . والشاهد ان فترة غريشن وخلفه ليمان لم تثمر ولم تؤدى الى احداث تغيير في علاقة البلدين، لإعتبار ان السياسة الامريكية تجاه السودان واضحة المعالم، خاصة النظرة الامريكية للأزمة في دارفور . ايضا حديث وزير الخارجية الامريكى جون كيرى مع نظيره السودانى على كرتى لايراوح محطة الوعود فقد أبدى كيري رغبة بلاده في مواصلة المساعي لتحسين العلاقات الثنائية بين البلدين» الامر الذى اعتبره كرتى سطرا جديدا في ملف ظل يحمل بين ثنايا تفاصيله قضايا لم تراوح مكانها منذ عقدين نحو حلول تفضي الي تطبيع كامل ظلت تنشده حكومة الخرطوم التي دأبت واشنطن التعامل معها وفق سياسة العصا والجذرة . وقال كرتي ان هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها الحكومة بصورة واضحة رغبة أميركا في تحسين العلاقات مع السودان . لكن تعليق الزيارة اوضح الوجه الحقيقى لامريكا تجاه السودان ، وبحسب مراقبين فان حديث كيرى لن يكون آخر الوعود بدون تنفيذ . دعم قوى التغيير فى السودان :- السياسة الامريكية تؤيد التغيير السلمى فى السودان عبر الحوار لكن جون برندر قاست – أحد مؤسسي منظمة كفاية الامريكية ومشروع القمر الصناعي سنيتيل – دعا إلى حل سياسي شامل في السودان وإلى دعم قدرات قوى التغيير الديمقراطي ، وفي جلسة إستماع لجنة لانتوس لحقوق الإنسان بالكونغرس الأمريكي 19 يونيو الجارى قال برندر قاست انه بعد عشرة سنوات من الحرب دارفور لا يزال الوضع الإنساني في السودان مؤلم ، واضاف ان على الولاياتالمتحدة المساعدة في بناء عملية سلام شاملة لكل السودان بدلاً عن إتفاقيات السلام الجزئية مثل مبادرة دارفور الحالية . ويجب على الولاياتالمتحدة الإعتراف بالتحالفات المعارضة مثل الجبهة الثورية كمفتاح لتحقيق الإنتقال السلمي . ودعا إلى تعزيز بناء التحالفات بمساعدة جهود المجتمع المدنى والحركات المسلحة والقوي السياسية المعارضة لبناء شراكات أعمق بشأن رؤيتهم لعملية الإنتقال السياسي في السودان . وإلى المساعدة في بناء القدرات المؤسسية للجبهة الثورية وقوى الإجماع والحركات الشبابية ومجموعات المجتمع المدني التي تعمل من أجل التغيير الديمقراطي . الادارة الامريكية بعد تعرضها لمثل هذه الضغوط وتعليقها زيارة المسؤول السودانى وضعت السودان تحت رحمة جماعات الضغط التى لكل منها تحفظاته على السودان .