شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    شاهد بالفيديو.. خلال إحتفالية بمناسبة زواجها.. الفنانة مروة الدولية تغني وسط صديقاتها وتتفاعل بشكل هستيري رداً على تعليقات الجمهور بأن زوجها يصغرها سناً (ناس الفيس مالهم ديل حرقهم)    مناوي: أهل دارفور يستعدون لتحرير الإقليم بأكمله وليس الفاشر فقط    آمال ليفربول في اللقب تتضاءل عند محطة وست هام    اجتماع بين وزير الصحة الاتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    شاهد بالفيديو.. في أول حفل لها بعد عقد قرانها.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها الضابط وتتغزل فيه: (منو ما بنجأ ضابط شايل الطبنجة)    شاهد بالفيديو.. قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل يكشف تفاصيل مقتل شقيقه على يد صديقه المقرب ويؤكد: (نعلن عفونا عن القاتل لوجه الله تعالى)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    حملات شعبية لمقاطعة السلع الغذائية في مصر.. هل تنجح في خفض الأسعار؟    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مقال باخبار اليوم ، الصديق الصادق المهدي يهاجم ابراهيم الامين
نشر في سودانيات يوم 30 - 04 - 2014


حزب الأمة والحوار الوطني
الصديق الصادق المهدي
حزب الأمة: النضال والحوار:
اخبار اليوم
حزب الأمة منذ تأسيسه في 1945م يتخذ الحوار مع الآخرين آلية لتحقيق برامجه وأهدافه السياسية. حدث هذا في تحقيق استقلال البلاد الثاني في 1956م، وفي تفكيك نظام عبود والعودة للحياة المدنية، وفي تفكيك نظام نميرى والعودة للديمقراطية والمدنية. الإنجازات السابقة تمت بالحوار، عندما يعترف النظام القائم بالآخر ويقبل الدخول في الحوار للتحول لمربع جديد. وعندما لا يعترف النظام بالآخر، تستخدم الضغوط السياسية واحيانا العسكرية لتحقيق التحول أو فرض واقع جديد يكمل بالحوار. لتحقيق الاستقلال قاد حزب الأمة حوارا عميقا مع دولتي الحكم الثنائي ومع دعاة الاتحاد مع مصر؛ وبعد انتخابات 1953م التي كسبها الاتحاديون واعتبروها تأييدا لمشروع الاتحاد مع مصر تحت التاج المصري، سير الاستقلاليون مواكب سلمية في كل أنحاء البلاد لإسماع صوتهم للرئيس الأزهري، وموكب مارس 1954م لإسماع صوتهم للرئيس محمد نجيب. وفي الختام تحقق الاستقلال من دولتى الحكم الثنائي باجماع السودانيين. ولمواجهة نظام نوفمبر، قدم الأنصار شهداء المولد، وقادوا جبهة المعارضة، وعندما تصاعدت التعبئة ضد النظام خرجت المواكب الجماهيرية المعارضة، وقاد السيد/ الصادق المهدى الحوار مع ممثلى حكومة العسكر وكتب الميثاق الذي اتفقت عليه جميع الأطراف. وفى مواجهة نظام نميرى قدم الأنصار عشرات الشهداء في أبا وودنوباوى، وفي انتفاضة يوليو 1976م، واغتال النظام أمامهم الشهيد السيد/ الهادى المهدى في طريق هجرته خارج البلاد. قاد حزب الأمة التعبئة ضد النظام ودخل سجونه حتى استوى الشارع فأوقد الشرارة موكب الجامعة الإسلامية التي كان يقود اتحادها الطلاب الأنصار وحزب الأمة، فاشتعل الشارع. تحاور السيد/ الصادق المهدى مع ممثلي القوات المسلحة وانحازوا لخيار الشعب. ثم وقعت الأطراف على ميثاق الانتفاضة الذي قدم مقترحه السيد/ الصادق المهدى.
نلسون مانديلا والتحول في جنوب أفريقيا:
قبل استعراض حزب الأمة وقيادته من الحوار، رأيت من المفيد جدا الاطلاع على تجربة جنوب أفريقيا بقيادة البطل المناضل نلسون مانديلا. كان النظام متحكما، شديد القبضة الأمنية، وكان يستعمل أسلوب فرق واحكم اعتمادا على الفوارق القبلية، وكان يعمل على تشتيت جبهة المعارضة ويقابل تحركاتها بعنف وقمع شديدين ( في مظاهرة فتح البوليس النار على متظاهرين وقتل منهم 69 وجرح اكثر من 400). كان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) يقود المواجهة ضد النظام لثلاثة أرباع قرن، ويحمل السلاح لأكثر من 20 عام، ويقود حملة خارجية لمحاصرة النظام دبلوماسيا. كان نلسون مانديلا من القيادات الصاعدة في ANC، وكان مسجونا ضمن اعداد أخرى من حزبه ومن أحزاب المعارضة الأخرى.
مع تصاعد الضغط الدولى على الحكومة من الداخل والخارج، قدم رئيس الدولة عرضا في العلن لاطلاق سراح نلسون مانديلا وبقية المعتقلين. فكر نلسون مانديلا في ان العدو كان مصمما وقويا، ولكن لابد أنهم ادركوا أنهم في الجانب الخطأ من التاريخ؛ الحق كان بجانب ANC، ولكن كان واضحا ان النصر العسكرى بعيد ان لم يكن مستحيلا؛ فقد آن أوان الحوار. مانديلا كان يعلم ان زملائه لو علموا بالحوار لن يقبلوه، ولكن هناك ظروف على القائد ان يتقدم الآخرين بثقة في اتجاه جديد. بدأ الحوار بين لجنة النظام ونلسون مانديلا. نتيجة للحوار اعلن الرئيس دى كليرك خطوات لتفكيك نظام الفصل العنصري ورفع الحظر عن الأحزاب السياسية واطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
بعد خروج نلسون مانديلا من السجن تركز خطابه في ان نظام الفصل العنصري لا مستقبل له في جنوب أفريقيا، وان الناس يجب الا يوقفوا الحراك الجماهيرى، وان محادثاته مع الحكومة استهدفت تطبيع الوضع السياسي في البلاد وانه كان دائما يصر على ان يحدث ذلك بلقاء بين ANC والحكومة. وأوضح ان المواطنة تجمعهم بالبيض وان إقصاء البيض سيدمر الأمة والبلاد، وان هناك منطقة وسطى بين مخاوف البيض وآمال السود، وانهم في ANC سيجدون هذه المنطقة الوسطى، ورحب بأي مواطن يتخلى عن النظام العنصري في المعركة من أجل جنوب أفريقيا ديمقراطية وموحدة وغير عنصرية.
اشاع بعض من اطلق سراحهم من السجن في الفترة الماضية ان مانديلا موقفه لان وان السلطات اشترته وظهر ذلك في ملبسه ومأكله. عندما التقى حزبه اجلى الموقف.
اتفق ANC على اللقاء الأول بينهم وبين الرئيس دى كليرك وحكومته، وهذا حوار لتنظيم الحوار. قبل اللقاء فتح البوليس النار على تجمع متظاهرين من عضوية ANC وقتل منهم 12. اعلن نلسون مانديلا تجميد الحوار مع الحكومة. ثم التقى الرئيس سرا للتشاور في مواصلة الحوار. الحكومة كانت تعمل على إطالة امد الحوار ليزول الزخم الذي صاحب خروج نلسون مانديلا من السجن. الرئيس لم يكن يستهدف التحرير، والإصلاحات التي قام بها لم تكن بنية التنازل عن السلطة ولكنها كانت لتثبيت سلطة البيض في وضع جديد. العنف تصاعد في البلاد بشكل كبير، عدد القتلى في عام 1995م تجاوز 1500. شعر نلسون مانديلا بضرورة الاسراع بعملية التطبيع، فالبلاد تنزف حتى الموت. بادر ANC واتفق مع الحكومة على تجميد العمل العسكري لخلق مناخ مواتى للحوار. لكن العنف في البلاد لم يتوقف، تواترت عدة روايات ان الأمن والبوليس يعملان على تصعيد العنف، وان البوليس يصادر اسلحة من مناطق تتبع ANC، وتهاجمهم قوات موالية للحكومة بنفس سلاحهم المصادر، وان البوليس يجتمع بالقوات الموالية ويرافقهم في هجومهم ويمولهم.
تعرض نلسون ماندلا لاحتجاجات من قواعد حزبه بأنهم كانوا بمعزل عن الحوار مع الحكومة، وأنهم يقضون وقتا مع قادة الحزب الحاكم اكثر من جماهير حزبهم.
بعد عام ونصف من الحوار حول الحوار، بدأت المحادثات الرسمية في مؤتمر جنوب أفريقيا للتحول الديمقراطي ( Codesa )، أول منبر حوار رسمي بين الحكومة و ANC والأحزاب الأخرى. المحادثات الثنائية السابقة بين ANC والحكومة مهدت السبيل للحوار الجماعي. احد الأحزاب (PAC) قاطع الحوار لخوفه من ان تفضح الانتخابات قلة جماهيرهم.
طلب السيد دى كليرك ان يكون المتحدث الأخير في المؤتمر، فوافق ANC على ذلك. وفي كلمته هاجم الرئيس ANC لعدم التزامه باتفاقياته مع الحكومة وعنفه لامتلاكه جيش مسلح وتساءل ان كان جديرا بالثقة للاتفاق معه. تحدث نلسون مانديلا بعد الرئيس وانتقد بشدة ما فعل، وذكر ان ANC علق العمل العسكرى والحكومة استمرت في التآمر مع مؤججى الحرب، وحتى أثناء الحوار كانت الحكومة تمول منظمات ترتكب العنف ضدهم سرا. الحكومة كانت تستخدم المفاوضات ليس للوصول للسلام ولكن لخدمة مكتسبات حزبية ضيقة.
بعد انقطاع 4 أشهر انعقد مؤتمر كوديسا 2. مشروعات المؤتمر تم تحضيرها في اجتماعات سرية بين ANC والحكومة، وأخرى بين ANC والأحزاب الأخرى. الاجتماعات اكتملت بلقاء جمع نلسون ماندلا بالسيد دى كليرك قبل يوم من افتتاح كوديسا2 .
تعثرت المفاوضات في المؤتمر ANC وحلفائه اتفقوا على حراك جماهيرى يوضح للحكومة حجم تأييد الشارع لهم، الحراك يشمل الاضراب والتظاهر والمقاطعة. قبل هذا الحراك هاجمت قوات مسلحة متحالفة مع الحكومة مناطق ANC وقتلوا 46 معظمهم نساء واطفال. الحراك تمخض عن اضراب كبير قوامه 4 مليون عامل، وتسيير موكب شارك فيه مائة ألف شخص. و موكب آخر ففتحت الشرطة فيهم النار وقتلت منهم 29. المأساة أدت لاستعادة المحادثات، قابل نلسون مانديلا دى كليرك لتجنب تكرار مجزرة آخرى. استأنفت لجان الحوار لقاءاتها واختتمت بقمة رسمية بين نلسون مانديلا ودى كليرك. تم الاتفاق على تكوين حكومة وحدة وطنية بعد انتخابات عامة حرة يشارك فيها كل حزب يحصل على 5% من الأصوات ومدتها 5 سنوات. في يونيو 1993م تم الاتفاق على اجراء انتخابات عامة حرة تعددية غير عنصرية في أبريل 1994م لانتخاب جمعية تأسيسية من 400 عضو تجيز الدستور وتنتخب رئيس حكومة الوحدة الوطنية. فاز ANC ب 62.5% من الأصوات. أدى السيد دي كليرك القسم كنائب ثاني للرئيس، وثابو أمبيكى كنائب أول، ونلسون مانديلا رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
السيد الصادق المهدى وحزب الأمة ومواجهة نظام الإنقاذ:
تم انتخابه لأول مرة رئيسا لحزب الامة عام 1964م لدوره في ثورة اكتوبر التي أطاحت بنظام عبود. وأعيد انتخابه بالإجماع في المؤتمر العام السابع لحزب الأمة عام 2009م. تؤهل السيد/ الصادق المهدى للقيادة أشياء كثيرة اجتمعت فيه، أورد منها:
1. يمتلك فكرا رصينا، يلتزم به قولا وعملا، يزاوج بين الاصل والعصر، ويحل قضايا الاشتباك والاستقطاب التي تواجه أمتنا كلها. الثروة الفكرية التي يملكها، بمكوناتها المختلفة، تساعده كثيرا في اتخاذ المواقف السياسية الصحيحة.
2. الإيمان بالمؤسسية والمشاركة ورأي الجماعة، وأهم مقتضياتها ان تكون القيادة في مختلف مستوياتها بالانتخاب ( حتى إمامة الانصار تقلدها بالانتخاب في المؤتمر العام لهيئة شئون الانصار في عام 2002م). وفي مضمار الحكم يؤمن بالنهج القومي في التخطيط، والمشاركة الجامعة في التنفيذ.
3. يطرح الهوية السودانية بشكل يجعلها جامعة وعاملة على تشبيك انتماءات شعب السودان المختلفة من عرق وثقافة ولغة ودين. وهذا هام جدا لتماسك البلاد ووحدتها الوطنية.
4. انتمائه الاسرى ساعده ولكنه عضده بما سبق ذكره وغيره من المجهودات الكثيرة التي بذلها ويبذلها لتحقيق سجل إنجازاته المليء بفضل الله. ادل على ان الانتماء الأسري وحده ليس كافيا بانه في انتخابات 1986م التعددية الحرة التي جرت بالبلاد، نزل حزب الأمة القومي بقيادة السيد/ الصادق المهدى وحزبان آخران يحملان اسم الأمة يقودهما أثنان من أبناء المهدى (أحدهما ابن الإمام عبد الرحمن والآخر حفيده). حصل حزب الأمة بقيادة السيد/ الصادق على 105 دائرة ( 40% من الاصوات) وهي أفضل نتيجة يحققها حزب الأمة في كل تاريخه في الانتخابات؛ بينما حصل حزبا الأمة الآخرين على صفر.
منذ نجاح انقلاب الإنقاذ 1989م قدم لهم السيد/ الصادق المهدى مذكرة فحواها ان معنا الحق ومعكم القوة، ومشاكل السودان معقدة ولا تحتمل المجابدة بين الحق والقوة، وان التعامل الأمثل معها يتم بالحوار بين كل أطراف الساحة السياسية السودانية. أهمل النظام مذكرته لهم. في السجن اجتمع قادة الأحزاب السياسية واتفقوا على تكوين التجمع الوطنى الديمقراطي ووقعوا على ميثاقه. عند خروجه من السجن، قاد السيد/ الصادق المهدى وهيئة شئون الانصار حملة كبيرة لابطال ادعاءات النظام الإسلامية، وأوضحوا ان الإسلام يدعو لتقديس حقوق الإنسان، وان الانتهاكات التي تمارس بإسمه لا صلة لها بالإسلام بل تتصل بملة الاستبداد التي اذاقت البشرية صنوفا من العذاب.
فوض السيد/ رئيس الحزب السيد/ مبارك المهدى لقيادة العمل الخارجي، وقام بدور كبير في تكوين تجمع المعارضة بالخارج وضم الحركة الشعبية له. لحق به المرحوم د. عمر نور الدائم بالخارج بعد خروجه من السجن. كان الرئيس يتابع العمل الخارجي من الداخل، وأمدهم بمعادلة للاتفاق على اشكالية الدين والدولة الذي تم بين حزب الأمة والحركة الشعبية في مؤتمر نيروبي عام 1993م. توسع الاتفاق في اجتماع شقدوم، ثم توسع الحضور ليشمل كل تحاف المعارضة في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية عام 1995م. في ديمسبر 1996م لحق السيد/ رئيس الحزب بالعمل الخارجي عبر عملية " تهتدون" التي خططها ونفذها السيد / عبد الرحمن الصادق المهدى، وقد اظهر قدرة فائقة اذ جمع اسطول عربات، واعد كتيبة الحراسة من الاحباب المخلصين الموثوقين وسلحهم واخرج رئيس الحزب وكلاهما تحت الرقابة الأمنية المشددة ( خصوصا الرئيس) من عاصمة البلاد الي دولة ارتريا. بعد ذلك تصعد العمل العسكرى من الخارج. فكر السيد/ الصادق المهدى في ادارة حوار مع النظام، طرح الموضوع لتجمع المعارضة وليبيا ومصر. تطورت الفكرة لما عرف بالمبادرة المصرية الليبية المشتركة التي اعاقها رفض دولتى المبادرة لمبدأ تقرير المصير والموقف الأمريكي الذي وجه الحركة الشعبية بنسفها.
التقى السيد/ الصادق المهدى بالدكتور / حسن الترابي في جنيف، وبالرئيس عمر البشير في جيبوتى. موضوع اللقائين واحد: اعتراف النظام بالمعارضة، حل المشاكل بحوار جامع. اللقاءان عكسا انقسام النظام، وظهر ذلك في المفاصلة التي اعقبت قرارات رمضان، وتكوين المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور الترابي. عاد حزب الأمة للداخل بعد ان التأم اجتماع تنظيمي لقيادات بالقاهرة للاتفاق على جسم انتقالى يزاوج بين شرعية الانتخابات وشرعية العطاء. استقبل السيد/ رئيس الحزب عند عودته استقبالا كبيرا، ذكر احد حاضريه بأنه لأول مرة منذ تكوين حزب الأمة يشهد حشدا يملأ ساحة مسجد خليفة المهدى. عاد كذلك جيش الأمة للداخل بعد ان ابلى بلاء حسنا في الجبهة الشرقية. عودة الجيش تقررت للتطورات السياسية داخل البلاد، ولاندلاع الحرب الاثيوبية الإرتيرية. كون حزب الأمة لجنة للحوار مع النظام برئاسة السيد/ مبارك الفاضل المهدى رئيس القطاع السياسي للتوصل للأجندة الوطنية: سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي كامل. قدم النظام عرضا لإشراك حزب الأمة في السلطة القائمة بلا تغيير جوهرى في توجه النظام. عرض المشروع على مؤسسات الحزب (المكتب القيادى والمكتب السياسي) فرفضته أغلبية اكثر من ثلاثة ارباع، وقبلته اقلية اقل من الربع. ثم صدر قرار 18 فبراير الشهير بالإجماع؛ وفيه قبول مبدأ المشاركة أما في اطار قومي أو في اطار تحول ديمقراطي. السيد/ مبارك وبعض دعاة المشاركة كانوا يرون ان الحزب اذا اضاع هذه الفرصة، والحكومة مقبلة على سلام برعاية دولية، فلن يتكرر العرض بعد ان يتحقق السلام، وان حزب الأمة سيخرج من دائرة الفعل السياسي، وان مشروع التحول الديمقراطي الذي يدعو له الحزب ليس هناك مناصر له في المجتمع الدولي ولا الإقليمي، وان قضايا المعايش يجب ان توضع في الحسبان عند النظر في قرار المشاركة، وان الأجهزة التي قررت عدم المشاركة عمرها انتهى وبالتالي قراراتها غير ملزمة. لذلك تداعوا سرا لما اسموه بالمؤتمر الاستثنائي وقرروا المشاركة في سلطة الإنقاذ وسموا حزبهم حزب الأمة الإصلاح والتجديد. استمرت المشاركة إلى ان اقال رئيس الجمهورية مساعده رئيس حزب الإصلاح السيد/ مبارك المهدى، وتفتت حزب الإصلاح إلى 5 لافتات تحمل اسم الأمة. توزعت قيادات الإصلاح بين مقال ومستقيلين احتد بعضهم في المعارضة، وبين مشاركين في وظائف حكومية. كلف السيد/ رئيس حزب الأمة لجنة برئاسة نائبه اللواء فضل الله برمة بلم شمل الحزب وارجاع الأخوة في التيار وفي الإصلاح لمؤسسات الحزب. استجاب معظم التيارين وفعلوا نشاطهم واختار الرئيس أبرز قياداتهم وقيادات الحزب الأستاذ/ محمد عبد الله الدومة نائبا له. الإصلاحيون غالوا في مطالبهم ورفضوا عرض الحزب. السيد/ مبارك رفض عرضا اشرفت عليه بتولى منصب نائب رئيس الحزب، وعرضا آخر بتكليفه بملفات مباشرة مع الرئيس قبله في الأول ثم رفضه.
الهيئة المركزية الأخيرة لحزب الأمة اسقطت خطاب الأمين العام الفريق/ صديق محمد إسماعيل الذي تقبل النتيجة بصدر رحب وحافظ على تماسك الحزب والممارسة الديمقراطية في أجهزته ومؤسساته. الهيئة المركزية انتخبت الدكتور إبراهيم الأمين أمينا عاما لحزب الأمة, أنا شخصيا كنت من المتفاءلين جدا بقدومه واعتقدت ان الحزب بوجوده في الأمانة العامة سيقوم بدور كبير في لم كل أطرافه وبتفعيل شبابه وبتفعيل دور المهنيين. أمانة الدكتور إبراهيم ولدت في مناخ استقطابي حاد، سبق انعقاد الهيئة المركزية وساهم في إعاقة عدد من مشاريع الأمانة وبرامجها. الدكتور إبراهيم الأمين طبيب أمراض النساء والتوليد يعلم اكثر من غيره ان الولادة المتعثرة تتطلب رعاية خاصة للألم وللجنين؛ ولكنه بدلا عن الرعاية المطلوبة، قام بأعمال في رأيى، مضرة لتماسك الحزب ولفعاليته، أهمها:
1. قدم السيد/ رئيس الحزب مشروع الحوار للمكتب السياسي للحزب، وهو الجهة التي تتخذ القرار في برامج الحزب. المكتب السياسي ناقش المشروع واقترح تعديلات اضيفت، ثم وافق على مشروع الحوار المقدم بالإجماع. مهم جدا ان تكون كل أجهزة الحزب منسجمة في تنفيذ برامجه وقراراته، ويمكن ان يقرر الحزب أيضا قفل باب الحوار والمضي في قرارات أخرى. ولكن ان يقرر الحزب بالإجماع شيء، وان يذهب الأمين العام للحزب في اتجاه آخر (أظهره في عدم الاستجابة لقرار الحزب بالمشاركة في وفد الحزب في لقائه مع الحكومة، وفي تصريحات بلغت قمتها من مؤتمره الصحفى الأحد الماضى) فهذا مضر جدا لفعالية الحزب.
2. وفق الدستور فإن تعيين شاغلي الدوائر يعرض على المكتب السياسي. هناك دوائر ربط الدستور تحديد مسئوليتها بالتشاور بين الأمين العام ومؤتمر الدائرة، ومنهم دائرة المهجر. الأمين العام عين مسئولا لدائرة المهجر بقرار في الصحف، ولم يعرض على المكتب السياسي حتى الآن، مما أدى لانقسام في جسم المهجر. ومعلوم ان الانقسام من أكبر الأدواء التي تصيب اجهزة الحزب بالشلل.
3. تكوين المجلس الأعلى للشباب تم بمبادرة، مهما حسنت نوايا من قاموا بها، فهي:
- تمت خلف ظهر الحزب، وخارج إطار دستوره وخارج إطار هيكله المجاز.
- لا تعترف برئيس الحزب الذي انتخبه المؤتمر العام، فقد رفضوا الدعوة للقائه والتي قدمتها لكل شباب الحزب السيدة/ سارة نقد الله رئيسة المكتب السياسي للحزب، ببيان نشروه.
- اضافت سببا آخرا للاستقطاب وسط شباب الحزب، وقفلت الباب أمام وحدتهم لأنها ضمت جزءا منهم في جسم رفضه الآخرون، فلا الآخرون سينضموا للمجلس ولا المتمجلسون سيتركوا مجلسهم.
فهذا عمل تخريبى بحيثيات واضحة (غير الحيثيات الأخرى المعلومة). السيد/ الأمين العام لحزب الأمة له روابط سرية وعلنية بهذا المجلس، وما جلوس رئيس المجلس بجانبه في مؤتمره الصحفى الا تأكيدا لهذه الروابط.
الأمين العام لحزب الأمة واجبه ان يهتم بالشباب، ولكنه ليس بجزء على حساب الكل، ولا بمتابعتهم في كل ما يفعلون، فهو الأمين العام لحزب الأمة وليس الأمين العام للمجلس الأعلى للشباب.
4. الكلام عن عدم دستورية اجتماع الهيئة المركزية يعنى من الآن إعلان عدم الاستجابة لقرارها اذا أقالت الأمين العام. دستور حزب الأمة يحدد دورة أجهزة الحزب بأربع سنوات، تختتم بانعقاد المؤتمر العام، ويذكر في المادة ( 10 – 14): " عند انقضاء اجل الأجهزة دون عقد المؤتمر العام تستمر الأجهزة في تسيير المهام لحين انعقاده". المهام معرفة بالألف واللام تعنى المهام التي حددها الدستور للمكتب السياسي ( واستمر يمارس صلاحياته كاملة ولم يقل أحد من الناس ان المكتب السياسي لا يستطيع ان يقرر في شيء لأن الفترة انتهت) وللهيئة المركزية، وحدد لها الدستور مهمتان فقط: محاسبة الأجهزة التي انتخبتها وهي المكتب السياسي والأمين العام، والقيام بدور المؤتمر لحين انعقاده. لم يذكر الدستور أي تحديد عن المهام التي تسيرها الأجهزة، مما يؤكد انها ذات المهام التي ينص عليها الدستور. إذن الاجتماع وقراراته دستورية. السؤال هنا: هل نتمسك بتفسير كلمة تسيير باجتهاد وتأويل أنها لا تشمل محاسبة الأجهزة، للزوغان من المحاسبة؟! كان الأفضل للسيد/ الأمين العام ان يطلب من نفسه من الهيئة المركزية النظر في هذا الوضع الذي لا يفيد حزب الأمة ويحوله لجسم مشلول. ولا يجب ادعاء مواقف لحماية الكرسى؛ فالرئيس لو كان يريد مشاركة الحكومة فقد عرضت له قبل ذلك بالنص واجهزة حزب الأمة محلولة وكل الذين يتكلمون الآن كانوا في بيوتهم وعياداتهم، وكان بامكانه اتخاذ القرار وحده. حزب الأمة مصفح ضد المشاركة، ورئيسه رفض ويرفض المشاركة ولو على على طبق من ذهب. في مكتبه السياسي وهيئته المركزية ومؤتمره العام، لا أحد يجرؤ على ذكر مشروع مشاركة النظام في سلطته. ثم ان الموضوع نفسه أنتهى الآن، فعندما كان النظام مستقرا وعنده بترول أغرى من مشاركوه. الآن النظام نفسه يتكلم عن مربع جديد. ان ادعاء البقاء حتى لو رأت الهيئة المركزية صاحبة القرار غير ذلك بحجة حراسة الحزب من المشاركة، هو تشبث بالكرسى بهدف سامى.
صحيح ان موعد انعقاد المؤتمر العام حل، وعضوية المؤتمر العام 5000، اجتماعهم استحقاق دستوري مربوط بالظروف والإمكانية، فالمؤتمر العام السابق أتى بعد الذي قبله بست سنوات، وهناك فجوات اكبر من هذه في المؤتمرات السابقة. غنى عن الذكر أن تكاليف وتحضيرات اجتماع 5000 تختلف عن تكاليف وتحضيرات اجتماع 800 عضو. نحن نريد للمؤتمر العام الثامن ان ينعقد ليخرس كثيرا من الألسن التي تعالت أصواتها بالتحدي، وصدقوني لن نسمع لها صوتا ولا همسا في المؤتمر العام.
ان الحوار الذي ابتدره السيد/ رئيس حزب الأمة وأجمعت عليه مؤسسات الحزب، هو آلية لتحقيق النظام الجديد الذي يدعو له الحزب. والحزب يجب ان يجمع نفسه وان يوحد صفه وان يفعل مؤسساته ليكون اداة ضغط على النظام لتحقيق المكتسبات. الساحة السودانية مليئة بتعقيدات كثيرة تجعل اعطاء الحوار فرصة اخيرة مشروعا سياسيا يحظى بالتأييد والقبول. وهو لا يعتمد في الأساس على جدية النظام في التنازل عن التسلط، فقد رأينا في تجربة جنوب أفريقيا ان النظام كان سيء النية، وكان يمارس القتل بوحشية وهو يحاور. ومع هذا اثمر الحوار تحولا اصبح مضرب الأمثال ومحل الاقتداء. هناك عوامل تضغط على النظام نحو تغيير يسع كل السودانيين؛ منها العجز الاقتصادي الكبير الذي اعقب انفصال الجنوب، ومنها الضغط الدولى والإقليمي وقرارات المحكمة الجنائية الدولية على قادة النظام، ومنها الانقسام والخلاف داخل النظام، ومنها جبهات الحروب المشتعلة. السيد/ رئيس حزب الأمة في مسعاه المستمر لإيجاد حل يجنب السودانيين مزيدا من الدماء طالته اتهامات كثيرة. تطابقت للصدفة الغريبة مع الاتهامات التي طالت بطل أفريقيا القامة الزعيم نلسون مانديلا. وانا أرى ان حزب الأمة ورئيسه يقومان في السودان بذات الدور الذي قام بها ANC ورئيسه نلسون مانديلا في جنوب أفريقيا. ان حزب الأمة يتكلم تسيير المواكب والإضرابات والاعتصامات، للضغط على النظام إذا لم يثمر الحوار. الآن المطلوب من حزب الأمة، للاستفادة من فرصة التحول وإنجاحها، الآتي:
1. المضي في برنامجه الذي أجمعت عليه مؤسساته، وان يعمل على تفعيل بنياته التحتية، من شباب وطلاب ومهنيين، وان يعمل على حل كل الخلافات والمشاكل التنظيمية بما يوفق بين كل المختلفين فالحزب يحتاجهم جميعا في صفه. حسنا فعل السيد/ رئيس الحزب باجتماعه بالقيادات والكوادر الشبابية الأسبوع الماضي، والمرجو التعجيل بلقاء الشباب الجامع الذي تم الاتفاق عليه للاتفاق على تنظيم مؤتمر الشباب.
كذلك مطلوب التعجيل بمؤتمر المهجر لإعادة توحيد المهجريين.
2. المضي في لم الشمل وتوحيد الكلمة وعقد المؤتمر العام في أقرب فرصة ممكنة.
3. الاتصال بالجبهة الثورية التي تحاور الحكومة الآن، والعمل على تنسيق المواقف والاتفاق على حوار جامع يشترك فيه الجميع وتطرح فيه كل القضايا.
4. الاتصال وتنسيق المواقف مع تحالف المعارضة ومع الاتحادات والنقابات، فالموقف مشترك والهدف مشترك.
قال تعالى : ( ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وانت خير الفاتحين).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.