أصدر جهاز الأمن ظهر اليوم (الثلاثاء 20 مايو 2014) قراراً بإيقاف صدور صحيفة (الصيحة) إلى أجل غير مُسمَّى بعد مصادرة عدد الصحيفة رقم (71) في نفس اليوم بعد الطباعة، وكانت (الصيحة) قد نشرت معلومات متعلقة بالفساد وردت إليها عبر نشر تسريبات فى إطار صراع مراكز القوى فى الحزب الحاكم. وقال رئيس تحرير الصحيفة ياسر محجوب ل"بي بي سي" إنه تلقى اتصالا هاتفيا من إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني للمطالبة بتعليق صدور "الصيحة" اعتبارا من اليوم الثلاثاء. ويقول مراقبون إن صحيفة "الصيحة"، المملوكة لرئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى، هي من أكثر الصحف السودانية انتشارا وتوزيعا هذه الأيام بعد نشرها قضايا فساد مالي واستغلال نفوذ لمسؤولين في الدولة، مع انها صدرت قبل اشهر قليلة. وجاء أمر تعليق صدورها بعد أيام من إعلان الرئيس السوداني عمر البشير السماح لوسائل الاعلام والصحف بالعمل بحرية وبدون تدخل الأجهزة الأمنية والتي كانت تفرض رقابة على الصحف قبل النشر وبعده. ويخشي رؤساء تحرير الصحف من أن يكون تعليق صدور "الصيحة" بداية لما يصفونه ب"ردة عن أجواء الحريات الصحفية" التي عاشتها الصحف السودانية خلال الفترة القليلة الماضية. وقد استبقت الرئاسة السودانية خطوة تعليق الصحيفة بإصدارها بيانا أمس الاثنين دعت فيه الصحف إلى عدم تجاوز "الخطوط الحمراء" أو نشر قضايا الفساد دون أدلة، أو نشر أي مواد صحفية تضر بالأمن القومي السوداني وتشهد الساحة السياسية في السودان ارتباكا هذه الايام بعد اعتقال المهدي إثر انتقاده قوات التدخل السريع التابعة لقوات الأمن، واتهامها بارتكاب انتهاكات في دارفور. وتقول أجهزة الأمن السودانية إن هذه القوات، المؤلفة من عناصر من قبائل عربية من إقليم دارفور، قوات نظامية وتعمل على نحو قانوني. وتشدد على أنها لا ترتكب أي انتهاكات كما قالت السلطات إنها تعتزم نشر ثلاثة ألوية من هذه القوات حول العاصمة السودانية الخرطوم. وإستدعت نيابة الصحافة والمطبوعات يوم (الأحد 18 مايو 2014) الصحفي ب (الأهرام اليوم) الشاذلي السر في بلاغ نشر. ونوهت (جهر) في بيانها يوم(الخميس 15 مايو 2014) إلى عودة الهجوم الأمني على الصحافة وحرية التعبير، ويؤكد ذلك بيان رئاسة الجمهورية يوم (الإثنين 19 مايو 2014) الذي خُصِّص لتهديد الصحافة والإعلام بشكل (جمهوري)، ووضع إطار عام لمحظورات النشر يتوافق ومضمون إجتماع جهاز الأمن برؤساء تحرير الصحف والإعلاميين ظهر (الأربعاء 14 مايو 2014) حيث أرسل جهاز الأمن خلال ذلك الإجتماع تهديدات ورسائل مُستبطنة لرؤساء التحرير مضمونها عدم التعرُّض (السلبي) لمليشيات (الجنجويد) الأمنية المسماة ب (قوات الدعم السريع) التى ترتكب إنتهاكات جسيمة بحق المدنيين يُمكن تصنيفها فى قائمة الجرائم ضد الإنسانية. ونبهت صحفيون لحقوق الإنسان(جهر) للهجوم الأمني على الصحافة وحرية التعبير مستنكرةً بيان رئاسة الجمهورية الذي يُشكل مُباركة رئاسية لإنتهاكات حرية التعبير والصحافة التى يُمارسها جهاز الأمن، وإعلان رئاسي لعودة الرقابة الأمنية رسمياً على الصحافة، و رفضت (جهر) مصادرة، وإيقاف صحيفة (الصيحة) وغيرها من الصُحف (أمنياً) وبعيداً عن سلطة القضاء بإعتباره إنتهاكاً سافراً لحُريَّة الصحافة والتعبير التى يكفلها دستور البلاد، تُعيد التذكير بأن هذه الممارسات الأمنية في حق الصحافة وحرية التعبير تنسف دعاوى الحوار والحديث عن إتاحة حرية التعبير والعمل السياسي، وطالبت بإطلاق سراح الصحفي بالإذاعة السودانية أشرف عمر خوجلي المحتجز بالسجن منذ (الخميس 26 سبتمبر 2013) مع عدد من المواطنين على ذمة تُهم تتعلق بالمشاركة في تظاهرات (سبتمبر 2013). إلى ذلك أعتبرت شبكة الصحافيين السودانيين البيان الذي أ صدرته رئاسة الجمهورية مساء امس عن الخطوط الحمراء ووضع حد لما تتناوله الصحف الا دليلا ناصعا عن زيف خطاب السلطة وهو البيان الذي حذرت رئاسة الجمهورية فيه مما أسمته "تجاوز الخطوط الحمراء" لبعض وسائل الصحافة والإعلام، وتناولها السالب لقضايا الأمن القومي والشؤون العسكرية والعدلية للبلاد، معتبرة أن ذلك "يعرض سلامة الوطن للخطر ويفتت من قوامه" . وقالت في بيان " ان ما يعرض سلامة الوطن للتفتت والخطر هو قمع الاقلام ومنعها من ممارسها دورها الرقابي ، وكبت الحريات ، وخلق واقع ضبابي يصلح حاضنة للفساد لغياب الاقلام الحرة وقمع الصحف وشجبت الشبكة ذلك البيان المعيب وتندد ما تبعه من مصادرة لصحيفة "الصيحة" وتعليق صدورها لأجل غير مسمى ، وتعتبر تلك الخطوات "وثبة" من الوثبات التي ظلت تمارسها السلطة واجهزتها الامنية على الصحف وحرية التعبير ، وتناشد الشبكة كل المجتمع الصحفي والاعلامي باتخاذ موقف قوي وموحد تجاه مثل هذه القرارات والبيانات التي تصدرها السلطة