روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يسخر من المطربة المصرية "جواهر" بعد ترديدها الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) خلال حفل بالقاهرة    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام "دين وأمة".. وليس "ديناً ودولة"
نشر في سودانيات يوم 01 - 02 - 2012

الإسلام ليس ديناً ودولة بل دين وأمة لأنه لا يعرف المؤسسة الدينية التي تحتكر الدين وتصبح واسطة بين العبد وربه..
وأن أمور الحكم ليست فرضاً أصيلاً في العقيدة وتركها الاسلام ولم يحددها وجعل الحكم هو ما يتفق عليه جموع المسلمين في الشكل والأسلوب في ظل حرية تمكن الشعب الأعزل من السلطة وتحميها من الشطط والانحراف في التطبيق، لأن السلطة لا تحكم على ضمائر الناس ولا تصف أحداً بالكفر أو النفاق وليس عليها سلطان بالحريات العامة والشخصية.
هكذا بدأ «جمال البنا» حواره على صفحات «الوفد» مؤكداً أن العسكريين وفقهاء التقليد والأنظمة الشمولية هي أعدى أعداء الحرية وهي الوجه الثاني للعدل الذي يحمي العدالة من تغول السلطة على الحريات.
مفهوم الحرية في الاسلام؟
- الحرية لها مفرداتها التي تكون في مجموعها حريات عديدة أهمها حرية الفكر والاعتقاد وحرية التعبير، وتفاعلها مع المجتمع وليست حرية المنفرد في جزيرة منعزلة غير مأهولة بأحد سواه، ولكنها الحرية في مجتمع يهتم بالأفراد والجماعات له تاريخه وثقافته وعاداته وتقاليده ومصالحه، ولهذا على الحرية أن تحسب حسابها وتتعامل معها دون تجاهل، وتتمثل في ثلاث صور: الأولى أن يكون حراً في تفكيره في كل ما حوله من أوضاع بل ولا يقف في سبيله أي قوة أخرى تمنع ظهور هذا الفكر.
ثانياً: حقه في أن يعبر عما يفكر فيه فينشأ حق التعبير وكل ما ينشأ للفرد من حقوق ما يترتب عليها من حريات يخضع لقاعدة رئيسية ومن مفاخر الاسلام وهي عدم إساءة استخدام الحق.
ثالثا: العمل الذي يجاوز إطار الحق إلى اطار العمل والممارسة، وهنا الاسلام يخضعه لقاعدة رئيسية هى العدل وهى صورة أشمل من قاعدة عدم اساءة استخدام الحق لأن العدل هو الحق مطبقاً، وطبيعة الحق هي التجريد وطبيعة العدل هى التطبيق.
سيطرة الخرافة
ولهذا الحرية مطلب أساسي للشعوب؟
- الحرية تمكين من المطالبة بما يزيد، وتحمي الممارسات من الشطط ومن النظرة الاحادية والانحراف والخطأ في التطبيق.. وعدم وجود الحرية لن تنكشف الأخطاء ولن يتم تصحيحها، فالحرية تؤدي الى تفعيل العقل للتوصل الى القرارات السليمة وبانعدام الحريات تسيطر الخرافة ويستبد الحكام وينتشر الفساد.
حكمة الاسلام في حرية العقيدة؟
- أساس الاسلام عقيدة وشريعة.. والعقيدة هي البلورة التي قدمها الاسلام للألوهية، والرسالة واليوم الآخر وكيف تكون العلاقة بين الانسان والله.
والشريعة هي المعاملات، والقانون، والسياسة، والاقتصاد وكيف تكون العلاقة بين الناس، إذاً العقيدة تتجه الى الفرد والقلب، والشريعة تتجه الى المجتمع والممارسات وعبقرية الاسلام هي في احكام هذا الجمع والفصل بين العقيدة والشريعة، مع التأكيد على حرية الدعاة في الدعوة، وحرية المدعويين الى الاستجابة او الرفض، واستبعاد كل صور القسر والإكراه لحمل الناس على الايمان، فالبيئة الحرة وحدها يزدهر الايمان ويصبح ثمرة الاقتناع الحر الارادي والاختياري للفرد، ويستبعد دوافع المصالح الخاصة أو التخلص من الارهاب والقسر.
خطورة المساس بحرية العقيدة؟
- هو المساس بالحريات الأخرى.. فإذا حرمت حرية العقيدة سوف يتطرق ذلك الى حرية الفكر ثم الى حرية المعارضة السياسية والنتيجة التحكم في المجتمع بأسره وإخضاعه لديكتاتورية شاملة.. والحرية في الاسلام هي كل ما يتعلق بالفكر والقلب والضمير تكفل له الحرية لأن الإيمان لن يصلح ويصدق إلا عندما يقوم على اقتناع داخلي وإرادة شخصية وهذا لن يوجد إلا بوجود الحرية.
استبداد الدولة
ما الفرق بين الحرية في الاسلام والحرية في النظم الديمقراطية أو النظم الشيوعية؟
- النظم الديمقراطية طالبت بالحرية في كل المجالات خاصة مجالي الكفر والعمل، فكانت النتيجة استغلال الرأسمالية للعمال والسماح بمختلف صور التفاوت الاجتماعي والاقتصادي وظهرت الشيوعية وحرمت الحرية في المجالين، والنتيجة استبداد الدولة وطغيان الحكومة.. فالديمقراطية لا تطبق النظام أو التخطيط الا على حساب الحرية! وهى حجر الأساس، والشيوعية لا تسمح بالحرية إلا على حساب النظرية الحتمية الواحدة المحددة.. ولكن الحرية في الاسلام تميزت بأنها حققت ما عجز «الشيوعية والديمقراطية» عن تحقيقه لأنه يملك ما لا يملكون.
وهو التنزيل من الله فيتمتع برعاية ورقابة إلهية ويستتبع ثواباً وعقاباً بعد الموت، وبهذا فهو أقوى من أي عقيدة دنيوية أخرى وليس بحاجة الى حماية السلطة الأرضية.. فضلاً عن تأكيده على حرية الفكر والعدل والعمل التي هي جزء من طبيعة الاسلام.. ومن هنا تقع السلطات أو الافراد في خطأ كبير عندما ينصبون من أنفسهم حفظة على ضمائر الناس، ويحكمون على هذا بالكفر أو النفاق أو يوقعون عليه أحكاماً تمس شخصية أو حقوقه الاجتماعية.
هل من الممكن أن تجوز الحرية على العدالة المطلقة؟
- قد يظن البعض ذلك ولكن لا يوجد تعارض أصيل ما بين الحرية والعدالة، مع إنه من الممكن أن تجور الحرية الطليقة على العدل بالنسبة لفئات مثل استغلال أصحاب الأعمال للعمال، أو حرية استبداد بعض الحكام للمحكومين أو حرية استعلاء الرجال على النساء، ولكن في ذات الوقت هذه الحرية نفسها تفسح المجال للمظلومين جميعاً للانتصاف وللقضاء على الاستغلال وتمكنهم من تكوين نقابات تستطيع أن توقف استغلال رأس المال، وتمكن الشعب المجرد الأعزل من السلطة من حق الانتخاب والترشيح.. ثم إن العدالة والحرية وجهان لأصل واحد وهو الحق وأهمية الحرية أن تفتح باب العدالة مع أن بعض الحكام خدعوا شعوبهم عندما أو هموهم أنهم ليسوا في حاجة الى الحرية وإنما هم بحاجة الى العدالة وكانت صفقة خاسرة لأن الحرية تحمي العدالة والعدالة، بدون حرية غير موجودة.
ظلم الأغلبية
ما الفرق بين الحرية والديمقراطية؟
- الحرية نظرية إنسانية والديمقراطية أسلوب عملي.. والحرية بها من التنظير من انطلاق وموضوعية والديمقراطية فيها العمل عن ضرورات وذاتيات، أي أنها حكم الأغلبية، وعلى الأقلية الخضوع للأغلبية والتسليم لإرادتها حتى لو كانت إرادة غير سليمة ولهذا مع الحرية يمكن للأقلية أن تغير الاتجاه وتصبح الأكثرية وتتكرر التجربة أو على الأقل تحول دون ظلم الأغلبية لها.. وبالطبع احتمال تحول الديمقراطية إلى ديكتاتورية أمر وارد، كما حدث في روسيا وألمانيا وإيطاليا.. والمانع الوحيد دون هذا التحول هو الحرية التي تحمي الديمقراطية والعدالة ولهذا الألوية تكون للحرية.
يدعي البعض أن الحرية تثير الفوضى والقلق وتبعث على الاختلاف والتفتت بسبب التعدد الذي تسمح به؟
- أقر الاسلام الاختلاف لأن الشعوب ليست أمة واحدة، وقد رضى أن تظل مجموعات من الناس على أديانهم رغم أنه يرى أنها كافرة، فإذا كان الاسلام قبل الاختلاف في العقيدة.. إذا فالاختلاف والتعدد أقل شأناً في العقيدة، والحرية ساعدت على ظهور الآراء المختلفة وأفسحت لها المجال ثم إن الوعي بالحرية والايمان بها عميقاً فلن يصل الاختلاف الى التمزق والفرقة، وإنما يحدث هذا إذا ساد التعصب الذي هو نقيض الحرية.
الإسلام قبل الاختلاف والتعدد حتى في العقيدة ومع هذا لم تذكر كلمة الحرية صراحة في القرآن الكريم؟
- ليس شرطاً أن يذكر القرآن لفظ الحرية بعينها طالما توجد تعبيرات تؤدي نفس المعنى، ويسلك سياسات تحقق مضمون الحرية.. فالقرآن وضع كلمة «الحلال» مقابل كلمة «الحرام» وهذا يدل على أن كلمة الحلال هي مضمون الحرية.. ومن ناحية أخرى القرآن حرم الإكراه على الايمان، وهذا يعني إفساح المجال للحرية واستبعاد أي قوة تحول دونها حتى يصبح الانسان حر الاختيار.
الحظر الوحيد
حرية الفكر في الاسلام هل عليها قيود؟
- تحور الفكر الاسلامي حول «الله» جعل المبدأ الأعظم في المجتمع الاسلامي هو «الحق» والحرية تنطلق منه وتصبح ممارسة له على أساس أن الحرية هى التي تكفل التفهم السليم لمبدأ الحق في حرية الفكر والاعتقاد.. والحد الوحيد الذي تنتهي عنده هذه الحرية هو الذات الإلهية لأن التفكير الانساني ليس مهيئاً لمعالجته، ولم يستطع الفلاسفة والمفكرون الذين حاولوا هذا بداية من سقراط حتى الآن التوصل الى طائل.. ومن هنا فإن الحظر الوحيد على التفكير الذي جاء في اثر اسلامي هو التفكير في ذات الله، وباستثناء هذا فإن الاسلام يطلق حرية الفكر دون قيد أو شرط.
وماذا عن حرية المرأة في الاسلام؟
- الاسلام حرر النساء من الاعدام الأدبي بعد أن أنقذهن من الوأد الجسدي، وأعطى للمرأة شخصيتها القانونية والانسانية كاملة، بحيث يكون لها حق التصرف في أموالها وحق المتاجرة والعمل، والتوظف، بل والمشاركة في الحروب براً وبحراً وكرمها أماً وزوجة.
وماذا عن حق الرجل في تعدد الزوجات، والطلاق والحجاب وهذه أمور تتعلق بالمرأة؟
- هذه الأمور لا تعود على الدين بل علي سوء الفهم والممارسة من المسلمين أو التحامل من غير المسلمين على الاسلام، فتعدد الزوجات شىء لم يوجبه وإنما أجازه وقيده بالعدل، والطلاق هو صمام الأمام الذي لابد منه في علاقة مثل الزواج وقد أعطاه للمرأة، كما أعطاه للرجل.. أما الحجاب فقد أراد الاسلام منه الحيلولة دون التبذل والتحلل وجعل المرأة سلعة أو مطمعاً وطغيان معنى الأنوثة على معنى الانسانية في المرأة حتى تصان كرامتها.
احتكار الدين
المؤسسة الدينية في الاسلام هل لها تأثيرها على احتكار الدين؟
- يتميز الاسلام عن باقي الأديان بأنه لا يعرف المؤسسة الدينية التي تحتكر الدين دون غيرها، وتتولى إدارة شئونه وتكون واسطة بين الفرد وربه، وهذا لا يعرفه الاسلام، حيث لا يعمد المسلم عند ولادته بما أنه يعتبر أن كل الاطفال يولدون مسلمين، ثم إن المسلم لا يتزوج في المسجد بعقد كهنوتي لأن الزواج عقد مدني رغم المسحة الدينية ثم لا يدفن المسلم في جبانة تابعة للمسجد حتى وإن صلى عليه فيه والأرض جميعاً مسجداً للمسلم ولهذا فلا يقتضي وجود المؤسسة الدينية المحتكرة.. بل إن الاسلام يحرم تحريماً باتاً وقطعياً أن توجد واسطة بين الفرد وربه.
ولا يوجد تأثير على الحريات من المؤسسة الدينية المسلمة؟
- لا توجد وأهمية عدم وجود دور للمؤسسة الدينية، بالنسبة لقضية الحرية ان تجربة التاريخ في العالم أجمع وعلى مدى كل العصور أثبتت أنه ما إن تقوم مثل هذه المؤسسات حتى تحتكر الدين ولا ترضى بأي حديث عنه وتعتبره مساساً بها، وقد ترى هذا الحديث كفراً وهرطقة ويتبع هذا الاحتكار بناء هرم كهنوتي به درجات للسلطة والمسئولية تبدأ من راعي المؤسسة وتنتهي الى السلطة الأكبر التي يستمد سلطته من الله رأساً.
أصول العقيدة
أمور الحكم في الاسلام هل هى أصل في العقيدة الاسلامية أم ترجع الى حرية المسلمين في اختيار النظام الذي يتفقون عليه؟
- الرسول لم يعالج مع صحابته قضية الحكم بشىء من التفصيل، وهذا يدل على أن أمور الحكم أو الخلافة هو ما يتفق عليه المسلمون في ظل الظروف الخاصة بهم، إذا هو ليس بأصل من أصول العقيدة.
ولكن البعض يشير إلى وجود أحاديث أشارت إلى الخلافة كنظام حكم في الاسلام؟
- لابد أن ننظر إليها بحذر ونعتقد أن معظمها وضع بعد حياة الرسول ولخدمة أغراض سياسية، لأنه عندما نقرأ حديث «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» فنقطع بأن الجزء الأخير منه موضوع، وإن أثار الوضع ظاهرة بالعين المجردة دون تدقيق وتحقيق لأن طابع التحريض على اتباع الخلفاء الراشدين المهديين، مما لا يمكن أن يقوله الرسول، فتعبير «الخلفاء الراشدين» تعبير متخلف عن عهد النبي.. وأقوى الأحاديث عن الرسول ويتبعه المسلمون هو ما جاء عن القرآن.
سيادة الشعب
ألا توجد طبيعة للدولة الإسلامية؟
- ما حدث من سجال بعد وفاة النبي في «سقيفة بني ساعدة» وضع صورة لمستقبل الدولة الاسلامية، حيث أخذ بمبدأ البيعة التي لم يكن لها معنى إلا سيادة الشعب، وأن الحاكم لا يكون حاكماً إلا عندما يقبله الشعب ويبايعه على ذلك، وهنا استبعد مبدأ الوراثة، ولأن الحاكم مهما، كان عبقرياً ومخلصاً، فإنه يعجز عن أن يلم بكافة أبعاد وأقطار العملية السياسية لأن مشاكل الحكم العديدة لا تجعل يومه يتسع لكل المطالب، والشىء الوحيد الذي يعالج هذا النقص أن تكون بيئة الحكم حرة بحيث يمكن للآخرين أن يعرضوا وجهات النظر والجوانب التي شغل عنها الحاكم بالعديد من شواغله.
إلى أي مدى تكون السلطة مفسدة وتأثيرها على الحريات؟
- مفسدة لأنها أعظم الاغراءات لأن المال والثروات والاستمتاع بالترف، والجمال والجنس كل هذا تحت رحمة السلطان وإن كان الإغراء الأعظم عند بعض الحكام هو الاستئثار بارادة الرئاسة والهيمنة والأمر والنهي على العباد وفي البلاد وهذا هو جوهر السلطة وطبيعتها التي تسكر أذكى العقول وأقوى الأجسام بما يجعلها تجور على الحريات بشهوة التسلط والزهو بطاعات الجموع بإثارة الخوف في نفوس الناس حتى يصبح كل واحد «عبد المأمور» وقد تمسخ السلطة الانسان السوي إلي كائن منحط يستحل قتل الابن والزوجة بل حتى الأم كما فعل «نيرون».
نيران السلطة
كيفية التعامل مع السلطة؟
- السلطة نار حامية أو جحيم يحترق فيه كل من يحتك بها احتكاكاً مباشراً، والحل أن نحبط هذا الجحيم ببحر من ماء تتلاطم أمواجه وتستطيع أن تطفئ النيران المشتعلة للسلطة وهذا البحر هو الحرية، وفي وجود الأمة بتنظيماتها الطوعية، وليس القهرية، وفي دعواتها الاصلاحية، مع وجود العدل والحرية هي التي تطالب بالعدل والانصاف والحرية والعدل وجهان لعملة واحدة، وبهذه الطريقة يمكن أن تحول نار السلطة الحامية الحارقة إلى نار هادئة لا تحرق.
وكيف يمكن تطبيق الحريات وممارستها عملياً؟
- يمكن ذلك بفضل عمل الأمة، وما تمثله من هيئات ومنظمات حرة تعمل في مختلف المجالات وهذا لا يتعارض مع الاسلام فالأحزاب تستهدف الحرية السياسية ومشاركة الشعب وصد الطغيان. والنقابات تحمي العمال وتصد الاستغلال الاقتصادي، وهيئات الاصلاح الاجتماعي تحارب وجوه النقص في المجتمع كالجهل والمرض، والهيئات النسائية ترفع صوت المرأة وتعمل لمساواتها بالرجال والحصول على حقوقها.
هذا يتنافى مع مقولة أن الاسلام دين ودولة؟
- نعم لأن الاسلام دين وأمة وليس ديناً ودولة، لأن الحكم له طبيعة خاصة لا يمكن لأي صفة أن تتعلق به أو أن تجرده منها، وإنما أقصى ما يمكن أن تصل إليه هو أن تضيف إليها، أو تنتقص منها بعض الصفات دون أن يؤدي هذا الى تغيير طبيعتها، وهذا ما تؤكده دراسة تجارب الحكم في مختلف النظم والعهود والشعوب وما ظهر من أعماق الحكم وجوانبه المتعددة.. ولكن مع دراسة تفاعل الاسلام مع طبيعة الحكم ومدى نجاحه في كبح جماحها وحسن توجيهها، تأكد أن السلطة التي هي خصيصة الدولة تفسد الأيديولوجيا وهذا الافساد هو في طبيعة السلطة ولا يمكن أبداً أن تتحرر منه وأن أي نظام يقترن بها لإصلاحها لابد وأن تفسده أو أي نظام يحاول تطويعها لابد وأن تطوعه، وبدلاً من أن يكون سيدها يصبح تابعها. وهذا المبدأ القاهر هو الذي يؤكد أن الاسلام دين وأمة وليس ديناً ودولة.
القهر والظلم
إذاً ترى أن السلطة أفسدت الخلافة الراشدة؟
- نعم، وتحولت إلى ملك عضوض على يدي «معاوية بن أبي سفيان» وهذا دلي لعلى جريمة السلطة أنها تفسد أي نظام يعتمد عليها، ولكنها احتفظت بمعاني الخلافة من تحري الدين ومذاهبه والجري على منهاج الحق، ثم انقلب عصبية وسيفاً، وهكذا كان الأمر لبني أمية ثم بني العباس ثم ذهبت معاني الخلافة، ولم يتبق منها إلا اسمها وصار الأمر ملكاً بحتاً، وجرت طبيعة التغلب إلى غايتها واستعملت في أغراضها من القهر والظلم والتقلب في الشهوات والملذات، وقضت على مبدأ اختيار الخليفة وأخذت بمبدأ الوراثة، وقال الجاحظ عن الخلافة أصبحت «ملكاً كروياً وغصباً قيصرياً».
كيف ترى تجارب بعض الدول التي أرادت تطبيق المنهج الإسلامي، وكيف كانت النظرية في التطبيق؟
- لو استعرضنا الدول التي أرادت قيام دولة اسلامية سنرى مدى افلاسها وفشلها إذا قيست بمقاييس الاسلام الحقة ففي دولة «اقرأ» تتفشى الأمية مع إنه يجب ألا يكون فيها أمي، وفي دولة «لا إكراه في الدين» تقوم الدعوة على اساس الاكراه ويحاكم كل صاحب فكر حر بقانون الردة اللعين.. وفي دولة النساء شقائق الرجال توجد ألف درجة ودرجة بين النساء والرجال وفي دولة تكون فيها الزكاة ركناً ثالثاً للاسلام لا نسمع شيئا عن الزكاة، ولا عن حسن تطبيق مصارفها وفي دولة «محمد وأبو بكر وعمر وعلي» الذين لم يأخذوا شيئاً ولم يخلفوا ديناراً، يقال: ان نصف عوائد البترول تؤول الى الأسرة المالكة والنصف الآخر للشعب بأسره.. وأسوأ من هذا وصمة الاعتقالات والتعذيب.. ولقد حرم الاسلام المثلة بالكلب العقور فكيف لانسان يمارس حقه في المعارضة أن يسجن ويعذب وتصادر أمواله ويضطهد فهذا موجود ي هذه الدولة ولا يمكن المجادلة فيه.
قد يرى البعض أن هذا سوء في التطبيق وليس المنهج؟
- هذه دعاوى حق يراد بها باطل لأنه لا يوجد دولة دينية في الاسلام، ولهذا جميع الدول الاسلامية التي طبقت هذا بالفعل لم تحقق أهداف الاسلام، كما لم تستطع أن تكون دولة الرعاية كما حدث في بعض الدولة الأوروبية أو دولة الحرية، كما هو الحال في دول اخرى فلا هى نهضت بالزراعة أو الصناعة أو التجارة ولا حققت الأمن ولا الأمان، فخسرت الدنيا ولم تكسب الآخرة.
عداوة الحرية
ما هي آليات تقويض الحرية؟
- السلطة لأنها تجعل من يمتلكها عدواً للحرية لأنها تحد من سلطانه وتكون رقيباً عليه ومقيدة له ولسلطاته.. ثم العسكريون عندما يمتلكون السلطة والقوة المعززة بالسلاح والمزودة بنظم الضبط والربط فتعمل على تركيز الحكم واقامته على أساس القوة ولهذا فدائما وأبداً تكون ضد الحريات وعدوة لها أو الخوف سلبياً والطاعة ايجابياً يقضيان على الارادة ويطمسان الذاتية بسبب وسائل الضبط والربط والطاعة العمياء، والحكم العسكري هو أقدم صور الحكم في القمع، وطالماً كانت القوة العسكرية بعيدة كل البعد عن الحكم الديمقراطي أو اشاعة الحرية، فلا يوجد مبرر على الاطلاق أن يضع العسكريين في قمة نظام الحكم، ولهذا نجد بعض الدول التي تحرص عليها ديمقراطيتها أن تعين وزير دفاعها رجلاً مدنياً.
وماذا عن رجال الدين في السلطة؟
- أعداء الحرية هم فقهاء التقليد لأنهم يقلدون ما وضعه الأئمة السابقون دون أن يقدموا اضافتهم فتتجمد المؤسسة الدينية وتفرض مفاهيمها على الفكر وتصبح من أكبر أسباب تأخر المجتمعات لأنها تحول دون انطلاقة الفكر واستكشاف الآفاق.
والحكم الشمولي مدى عدائه للحريات؟
- من الجدير بالاهتمام عدم اغفال دعاة الحكم الشمولي بما لديهم من التنظيم والتنظير الذي يقضي على الحرية ولا تعد الأساليب العسكرية في بطشها الفج ولا المؤسسة الدينية في تجميدها للأفكار شيئا يذكر أمام دعاة الحكم الشمولي من نظم منهجية دقيقة ومن تأويلات نظرية لوأد أو لتقييد الحرية وشل حركتها.. وحكم «عبد الناصر» مثال على ذلك فرغم هزيمته المدوية نسجت أجهزته الدعائية أنه لم يكن إلا قائداً لإحدى الدول العالم الثالث بما يجعله بطل القومية العربية، وحامي فلسطين والله أعلم إن لم يكن لديه إيمان موضوعي خالص بقومية عربية، وإنه حقق لاسرائيل بهزيمته في 67 فوق ما كانت تحلم به وقدم لها مجاناً سيناء والقدس والضفة الغربية والجولان.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - جمال البنا :الإسلام "دين وأمة".. وليس "ديناً ودولة"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.