بكين 3-2-2020م (الاقتصادية السعودية) - بين الاقتصاد المشلول والمصانع والمحال التجارية المغلقة ومستقبل تلفه الشكوك وتراجع الثقة، يعتزم المصرف المركزي الصيني ضخ 1.2 تريليون يوان (173 مليار دولار) ضمن سلسلة من الإجراءات، التي تهدف لمساعدة الشركات والبنوك والأفراد، الذين تضرروا من تفشي صدمة فيروس كورونا الجديد، الذي يتوقع أن يؤثر سلبا في النمو في البلد الآسيوي العملاق. وبحسب "الفرنسية"، أعلن بنك الصين الشعبي في بيان أنه سيطلق العملية اليوم بعد انقضاء عطلة رأس السنة الصينية، التي تم تمديدها جراء انتشار فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى أن الخطوة تهدف للمحافظة على "سيولة معقولة ووفيرة" في النظام المصرفي وعلى سوق عملات مستقر. وعشية إعادة فتح أسواق المال في نهاية عطلة طويلة بمناسبة رأس السنة القمرية، أوضح البنك الصيني أن المبلغ الإجمالي للسيولة في المنظومة المصرفية سيكون أعلى ب900 مليار يوان (129 مليار دولار) عن الفترة ذاتها من العام الماضي. وأشار البنك إلى أنه سيتم توفير الأموال باستخدام اتفاقات إعادة شراء عكسية لضمان توافر السيولة خلال فترة تفشي الفيروس. وأصاب الفيروس حتى الآن أكثر من 14 ألف شخص في الصين، وأدى إلى وفاة أكثر من 300. يأتي هذا الإعلان عقب صدور بيان مشترك من جانب عدة وزارات وجهات مالية، تعهدت خلاله باستخدام عمليات السوق المفتوح وآلية الإقراض الدائمة وآليات أخرى لضمان توافر السيولة بين البنوك لضمان استقرار أسعار السوق. وطالب البنك المركزي البنوك بتعزيز الإقراض للاقتصاد بأكمله، وقال إنه سيمنح البنوك 300 مليار يوان لمساعدتها في توفير مزيد من الأموال لقائمة من الشركات المتضررة من الفيروس. وأعلن المصرف عن سلسلة إجراءات نقدية وائتمانية لدعم الشركات التي تقدم المساعدة في مواجهة الوباء، على غرار الشركات الطبية. وحض المصرف المركزي الصيني المؤسسات المالية على تقديم "موارد ائتمانية كافية" للمستشفيات وغيرها من الهيئات الطبية إلى جانب إجراءات أخرى. وتأتي خطوة ضخ السيولة إلى المنظومة المالية الصينية في وقت يهدد الفيروس بالتأثير في الاقتصاد، الذي يعاني أصلا التباطؤ. وسجلت الصين نموا اقتصاديا 6.1 في المائة العام الماضي، عد الأبطأ منذ نحو ثلاثة عقود، ويحذر المحللون من احتمال تراجعه بشكل إضافي في حال تواصل انتشار الوباء الشبيه بفيروس "سارس" (متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد) لمدة طويلة. وستفتح أسواق المال الصيني أبوابها اليوم بعد عطلة رأس السنة القمرية، التي طال أمدها بسبب انتشار الفيروس، وفقا لما ذكرته هيئة الرقابة على الأوراق المالية. ويمكن أن تشهد جلسات صباح اليوم في بورصتي شنغهاي وشينزن انخفاضا حادا، والبورصتان مغلقتان منذ 24 (يناير) غداة فرض الحجر فعليا على مدينة ووهان (وسط)، ما أثار قلقا عالميا. وكان يفترض أن تفتح البورصات الصينية الجمعة، لكن بكين فرضت ثلاثة أيام عطلة إضافية في مهلة لمكافحة الوباء بشكل أفضل. ومنذ عشرة أيام، شهدت مؤشرات البورصات العالمية تراجعا حادا خوفا من انتكاسات محتملة للوباء على الاقتصاد الصيني، الثاني في العالم. وأدى ظهور فيروس كورونا المستجد إلى شلل قطاعات كاملة من الاقتصاد الصيني، إذ إن السكان، الذين يشعرون بالخوف فضلوا البقاء في منازلهم. أما المطاعم ودور السينما، التي تمتلىء عادة في الأعياد، فهي مقفرة من شمال البلاد إلى جنوبها، وتركز انتشار المرض في مقاطعة هوباي، التي باتت مقطوعة عن العالم. وأضحت حركة النقل الجوي والسياحة شبه متوقفة، وأعلنت شركات عديدة أنها ستمدد تعليق نشاطاتها إلى ما بعد عطلة رأس السنة، التي انتهت أمس من حيث المبدأ. ومن هذه الشركات المجموعة التايوانية العملاقة للتكنولوجيا فوكسكون، التي ستبقي مصانعها مغلقة حتى منتصف (فبراير). وتسعى بكين إلى استعادة الثقة، وكتبت السلطة المسؤولة عن ضبط الأسواق في مقال نشر في صحيفة "الشعب" الناطقة باسم الحزب الحاكم أن "تأثير الوباء قصير الأمد، ولن يؤثر في التوجه على الأمد الطويل"، وضرب الفيروس الصين بينما تخوض حربا تجارية بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب. والولاياتالمتحدةوأستراليا وسنغافورة ونيوزيلندا وفيتنام من بين الدول، التي منعت دخول الأجانب الذين زاروا أخيرا الصين. وتعتزم شركة أبل الأمريكية إغلاق كل متاجرها ومكاتبها في الصين حتى التاسع من (فبراير)، وقيدت شركتا وولمارت وإيكيا وغيرهما القيود على السفر والعمليات. وعلقت خطوط طيران عالمية أو قلصت رحلاتها المباشرة لمدن رئيسة في الصين، وتعمل دول منها أستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة على إجلاء مواطنيها من ووهان أو بدأت بالفعل في ذلك. وبينما شكل الاستهلاك 3.5 نقاط مئوية من نسبة النمو العام الماضي، حذر محللو وكالة "ستاندرد آند بورز" من أن انخفاضا بسيطا يبلغ 10 في المائة في نفقات العائلات يمكن أن يؤدي إلى تراجع إجمالي الناتج الداخلي 1.2 في المائة على مدى عام. وقال مكتب "أوكسفور إيكونوميكس" إن "التأثير في النمو الصيني قد يكون كبيرا على الأمد القصير"، موضحا أن نسبة النمو "قد تنخفض إلى 4 في المائة في الفصل الأول" بدلا من 6 في المائة المقدرة حاليا. ولتجنب انخفاض البورصات صباح اليوم، يرجح أن تأمر بكين صناديق الاستثمار العامة بشراء أسهم بكثافة. ويمكن أن تتضرر أسهم قطاع السياحة والنقل، وقد ترتفع أسعار أسهم القطاع الصحي مستفيدة من رواج أقنعة الوقاية وغيرها من المعدات الطبية. كما يمكن أن يكون حجم المبادلات ضئيلا صباح الإثنين بسبب استمرار إغلاق بعض المكاتب، وإن كانت المصارف ستعيد فتح أبوابها مبدئيا. من جهة أخرى، أفادت لجنة التعريفات الجمركية في مجلس الدولة الصيني أنها لن تفرض أي تعريفات جمركية إضافية على وارداتها من الولاياتالمتحدةالأمريكية والمتماشية مع سياسة الإعفاء التعريفي الجديدة لمنع ومكافحة تفشي فيروس كورونا الجديد. ووفقا لإشعار صدر بشكل مشترك عن وزارة المالية ومصلحة الدولة للجمارك ومصلحة الدولة للضرائب، اعتمدت الصين مزيدا من السياسات الضريبية التفضيلية، بما في ذلك الإعفاء من رسوم الاستيراد، لتسريع استيراد المواد المتبرع بها لمكافحة الوباء. وأشارت اللجنة إلى أن المنتجات المستوردة ذات الصلة من الولاياتالمتحدة لن تخضع لتعريفات إضافية، في حين يمكن استرداد الرسوم الجمركية الإضافية، وسيكون إلغاء الرسوم الإضافية نافذا حتى 31 (مارس). إلى ذلك، ذكر مكتب الإحصاء في بكين أن حجم استثمارات الأصول الثابتة في بكين انخفض 2.4 في المائة على أساس سنوي في 2019، مع انخفاض الاستثمار في تطوير العقارات 0.9 في المائة. ولم تشمل الإحصاءات تلك المتعلقة بالمنازل الريفية، وذكرت تقارير صحفية رسمية أن شركات التطوير العقاري الرائدة في الصين شهدت نموا قويا لمبيعاتها السنوية في 2019 وسط تباطؤ النمو في القطاع. وبلغت المبيعات الإجمالية المتعاقد عليها لأكبر 30 مطورا عقاريا في البلاد 5.74 تريليون يوان (نحو 823.65 مليار يوان)، مع تجاوز إجمالي المبيعات المتعاقد عليها لأكبر أربع مؤسسات 550 مليار يوان. وعلى الرغم من المبيعات القوية، التي نشرتها الشركات الكبرى، شهد قطاع العقارات معدل نمو أقل، حيث بلغ معدل النمو لأكبر 100 شركة عقارية 6.5 في المائة في 2019. ونما الاستثمار الصيني في تطوير العقارات 10.2 في المائة على أساس سنوي في أول 11 شهرا من 2019 إلى 12.13 تريليون يوان.