دعا البيت الابيض الثلاثاء الى التحرك "العاجل" في مواجهة التغير المناخي عبر نشر دراسة عن التأثيرات الحالية والمتوقعة لهذه الظاهرة على الولاياتالمتحدة والقطاعات الرئيسية لاقتصادها. ويعدد التقرير الذي جاء ثمرة اربع سنوات من العمل بمشاركة المئات من خبراء المناخ والعلماء، الأضرار والتهديدات التي لحقت ويتوقع ان تلحق بالتجمعات السكنية والبنى التحتية والأنظمة البيئية والقطاعات الاقتصادية التي ستضطر البلاد الى التأقلم معها، في ما يعتبر أداة تربوية لمساعدة الأميركيين على التكيف مع هذه التغيرات، كما أكد البيض الابيض في بيان. واكد جون هولدرن المستشار العلمي للرئيس الاميركي باراك اوباما في حديث هاتفي ان ارتفاع حرارة الأرض "ليس تهديدا بعيدا"، بل حقيقة واقعة نعيشها اليوم. وكان اوباما وعد بفعل الكثير في هذا الملف اثناء حملتيه الانتخابيتين قبل ان يصطدم بتصلب الكونغرس. ويستبق ملخص من 100 صفحة للتقرير انتقادات "المشككين بازمة المناخ" معددا امثلة مسوغة ومرفقة ببيانات حول واقع هذه الظاهرة ولا سيما ما يؤكد انها ناجمة عن النشاطات البشرية. ويجمع التقرير بيانات منشورة ولا سيما حول التركز المتفاقم لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وزيادة قسوة وعنف الاضطرابات الجوية وارتفاع منسوب البحار الذي سيغمر بشكل تدريجي المناطق التي يقل ارتفاعها عن سطح البحر، على غرار فلوريدا (جنوب شرق) او دلتا نهر الميسيسيبي في لويزيانا (جنوب)، في حال عدم عكس اتجاهه. في جنوب غرب البلاد الذي شهد ارتفاعا كبيرا في عدد السكان في السنوات الثلاثين الفائتة "ينبئ تغير المناخ بالصعوبات في منطقة جافة اصلا مع تفاقم الجفاف والقيظ في جنوبها". وستتكثف مشاكل الحصول على المياه وحرائق الغابات الفتاكة بحسب التقرير. وتتفاوت تبعات تغير المناخ بين المناطق الشاسعة في شمال اميركا، لكنها تبرز بشكل صارخ في الاسكا التي شهدت ارتفاعا في درجات الحرارة "بسرعة تفوق بضعفين ما حدث في سائر الولاياتالمتحدة" بحسب التقرير الذي اشار الى "تغيرات كبيرة في الانظمة الحيوية" بسبب اضمحلال الكتل الجليدية الى جانب "اضرار بالبنى التحتية" مع ذوبان الطبقات الجليدية الدائمة. كما تتعرض مقومات حيوية للاقتصاد للتهديد بسبب ارتفاع مناسيب المياه او الازدياد الملحوظ لعدد الاعاصير الاستوائية التي تكتسح السواحل بحسب التقرير. وتذكر الوثيقة بشكل خاص الطريق رقم 1 في لويزيانا، وهي طريق استراتيجية للانتاج النفطي. هذه الطريق "تغوص فيما يرتفع مستوى المياه" وقدر التقرير الربح الفائت للاقتصاد الاميركي في حال تعذر استخدام هذه الطريق لثلاثة اشهر ب7,8 مليارات دولار. بشكل عام "سيؤدي تغير المناخ الى ارتفاع تكاليف انظمة النقل في البلاد ومستخدميها" على ما توقع العلماء الذي اوصوا باتخاذ "تدابير مهمة للتأقلم" لتجاوز ذلك. "تشدد خلاصات التقرير حول وضع المناخ على ضرورة التحرك العاجل في مواجهة تهديد التغير المناخي لحماية الاميركيين والمجتمعات المحلية، والعمل من اجل مستقبل دائم من اجل اطفالنا واحفادنا". ونشر التقرير على موقع غلوبال تشينج الحكومي وهو يندرج في اطار جهود اوباما لاحراز تقدم في برنامج لمكافحة الاحتباس الحراري ما زال عالقا في الكونغرس. وتاتي مكافحة التغير المناخي من ضمن الوعود الكبرى لاوباما في اثناء حملته الرئاسية عام 2008. لكن الملف وضع جانبا بعد فشل مشروع قانون طموح في بدء ولايته الاولى بالرغم من تمتع حلفائه الديموقراطيين بالاكثرية في غرفتي الكونغرس. مذاك فقد هؤلاء سيطرتهم على مجلس النواب لصالح الجمهوريين. ويرفض الكثير من المشرعين المحافظين قوانين فدرالية جديدة حول الانبعاثات الملوثة، لاعتبارهم انها تهدد النمو والتوظيف. في يونيو 2013 كشف اوباما عن مبادرة واسعة النطاق لمكافحة الاحتباس الحراري باستهداف انبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة عن محطات الطاقة العاملة بالفحم وتطوير المزيد من موارد الطاقة النظيفة. الهدف من ذلك يكمن في تقليص انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 17% مع حلول 2020، مقارنة بمستوياتها في 2005.