يدلى التونسيون بأصواتهم، اليوم الأحد، لانتخاب برلمان جديد فى الوقت الذى أصبح فيه أخيرا احتمال تطبيق نظام ديمقراطى كامل قريب المنال بعد أربعة أعوام، من الاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن على . ويسود تونس وضع أفضل من جيرانها الذين أطاحوا أيضا بحكامهم الذين استمروا فى السلطة فترة طويلة خلال انتفاضات الربيع العربى وتجنبت إلى حد كبير الاستقطاب والفوضى، اللذين شهدتهما تلك الدول المجاورة على الرغم من مواجهتها توترات مماثلة بشأن الإسلاميين فى مواجهة حكم أكثر علمانية. ولكن بينما هيمن دور الإسلام فى السياسة على الانتخابات الأولى التى جرت فى 2011 فإن الوظائف والفرص الاقتصادية وصراع تونس مع المتشددين هى الآن القضايا الرئيسية التى تشغل بلدا يعتمد بشكل كبير على السياحة الأجنبية. ويعد حزب النهضة المعتدل وتحالف نداء تونس العلمانى المنافس له الحزبان الاوفر حظا للفوز بمعظم المقاعد فى انتخابات اليوم الأحد والتى تمثل ثانى انتخابات حرة تجرى فى تونس منذ لجوء بن على إلى المنفى. ولكن العدد الكبير من الأحزاب الآخرى من الحركات السلفية المحافظة إلى الاشتراكيين يعنى أن تشكيل حكومة ائتلافية هى النتيجة المحتملة. وسيختار البرلمان المؤلف من 217 عضوا رئيس وزراء جديدا. وفاز حزب النهضة بمعظم المقاعد فى الانتخابات الأولى وقاد ائتلافا قبل أن تجبره أزمة بشأن حكمه وقتل زعيمين علمانيين إلى إبرام اتفاق للتخلى عن السلطة لرئيس وزراء مؤقت. ويقول زعماء النهضة الذين واجهوا انتقادات بسبب سوء الادارة الاقتصادية وتراخى التعامل مع الإسلاميين المتشددين إنهم تعلموا من أخطائهم فى السنوات الأولى بعد الثورة. ولكن حزب نداء تونس الذى يضم بعض الاعضاء السابقين فى نظام بن على يعتبر نفسه من التكنوقراط العصريين القادر على ادارة التحديات الاقتصادية والأمنية بعد الفترة المضطربة من الحكم الذى كان يقوده الإسلاميون. ومن بين الأحزاب العلمانية الآخرى التى تبحث عن مكان فى البرلمان الجديد بعض الأحزاب التى يقودها مسؤولون سابقون فى نظام بن على يصورون أنفسهم على أنهم ذوو كفاءات لم يلوثهم الفساد وانتهاكات نظامه. وتعكس عودتهم شكل الحل الوسط والاجماع اللذين ساعدا تونس على تفادى المواجهات التى شهدتها ليبيا ومصر حيث تحولت الخلافات بشأن دور الإسلاميين ومسؤولى النظام السابق إلى أعمال عنف. وهذا التوافق بالاضافة إلى نظام انتخابى بالتمثيل النسبى يعنيان أن الطرفين الرئيسيين سيسعيان إلى ابرام اتفاقيات مع شركاء أصغر لتشكيل أغلبية فى البرلمان وامتلاك دور أقوى فى تشكيل الحكومة الجديدة. ام/ام