صب الأستاذ سعد أحمد سعد الكاتب بصحيفة الانتباهة جام غضبه على دعوة خاصة قدمتها جهة تنظيمية لم يسمها بمحلية الخرطوم، قال إنها قدمت دعوة وصفت بالخاصة، لمناقشة عدد من القضايا ذات الصلة بالتقاطعات التنظيمية والإدارية والسياسية بين المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية السودانية.. ولا أعرف لماذا أزاح الشيخ سعد الستار عن دعوة قال إنها خاصة وداخلية، وقام بنشرها الى العلن.. كما إنني لم أجد مبرراً موضوعياً لغضبته المضرية واتهاماته القاسية التي بدأ بها هجومه على منظمي ومقدمي دعوة النقاش الخاص حول الموضوع، الذي لم يعد سراً منذ مدة طويلة.. أقول لا أجد سبباً مقبولاً، ولا مقنعاً لوصفه للمؤتمر الوطني بالابن العاق للحركة الإسلامية واتهامه بالمضي قدماً في الاجهاز على الحركة الإسلامية وقتلها واقتسام ميراثها!! قبل الإشارة تعميماً الى نقاط تصلح للنقاش حول موضوع عمنا واخينا الأكبر سعد بصحيفة الانتباهة عدد الخميس 23 يونيو 2011م. أشير الى جلسة حوار داخلي جمعتنا قبل سنوات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويومها لم يصعد الرجل على كرسي رئاسة مجلس الوزراء في تركيا، بل كان متحركاً مع اخوان له آخرين في ترتيب استراتيجية وخطط حزب العدالة والتنمية، تمهيداً للمرحلة الحالية من تاريخ الإسلاميين في تركيا.. تم طرح عدة أسئلة أمام أردوغان يومذاك في صالونه الأنيق بمدينة استنبول.. من ضمن تلك الأسئلة: لماذا لا تضمنون الإسلام صراحة في اسم حزبكم، علماً بأن تسعون الى المدى البعيد الى تطبيق الإسلام في كل مناحي الحياة؟!!.. أجاب الرجل على السؤال في ختام الجلسة وبدأ مقدمة حديثه بنصف ابتسامة قال: نحن نسعى لتحقيق العدالة كقيمة أساسية، نريد أن تكون مدخلنا للحوار العملي مع قطاعات أخرى ظلت بعيدة ومغيبة عن التعرف على المعالم الأساسية للخطاب الإسلامي.. وعليه لا نود طرح شعاراتنا بطريقة مباشرة، لأنها قد تحدث لنا من الخسائر ماقد يطيح بكامل التجربة التي نسعى لتطبيقها في تركيا، التي عاشت حقباً تحت ظل حكم علماني سيطر على مفاصل الحياة كافة.. سقت هذا المثال لأقول لأخينا سعد أحمد سعد إن التمسك بالهياكل واللافتات لن يغني شيئاً إن أصبحت هذه الأشكال والهيئات والأسماء التاريخية عائقاً أمام الداعية لتحقيق غاياته في الحياة.. ومشروع الاسلام الحركي في السودان تجذر وتوسعت مواعينه، وتضاعفت أعداد الجماهير حوله، لأنه لم يكن أسيراً لاسم ولا متعصباً له، إن كان مضمون الرسالة التي تصل يحمل في طياته حزمة الأفكار والرؤي ذات الصبغة والبصمة الفكرية والقيمية للحركة الإسلامية، التي لا يجب أن تكون هيكلاً يكثر الناس البكاء على اسمه ورسمه، ويتمسكون به برغم عجزه عن تحقيق الغايات التي يسعى الناس اليها عبادة لله وتقرباً اليه..هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أرجو أن يفتح الأخ سعد أحمد سعد وغيره من العاملين والمهتمين والمراقبين لما يدور في أوساط المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية أن يفتحوا باب النقاش والحوار بهدوء و(نفس رايق)، بغرض الوصول الى نقطة انتقال جديدة ومساحة تلاقي تفتح باب العمل للمد الإسلامي في مرحلة جديدة من تاريخ التيار الإسلامي في السودان.. ظللت أقول منذ فترة إننا بحاجة الى إعادة التفكير في وسائل وهياكل وخطاب وصيغة العمل الإسلامي بكامله، وذلك بسبب التحولات الهائلة التي طرأت على كامل وكافة مناحي حياة الناس، وفرضت واقعاً جديداً يتطلب إعادة النظر في الوسائل، وتغيير طرق التعامل مع القضايا والمستجدات سياسياً وفكرياً واقتصادياً واجتماعياً.. وكمثال لما أقول أشير فقط الى أثر وسائل الاتصال الحديثة على اجتماعات التنوير والتعبئة التي كانت الحركة الإسلامية تنظمها لتنوير عضويتها بالمركز والولايات.. لا أظن أن أي عضو في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية بحاجة الى لقاء تنويري يقدمه نفر من قيادات الحزب، يجهدون أنفسهم بالسفر والعودة الى الخرطوم لتقديم تنوير لقواعد الحزب في ولاية من ولايات السودان، حول مايجري في جنوب كردفان مثلاً.. علماً بأن العضوية هذه تتلقى المعلومات من فيض الميديا الذي يتدفق عبر القنوات والصحف والمواقع الالكترونية، فضلاً عن الهواتف السيارة التي جعلت التنوير أمراً مباشراً.. وفي ذات لحظة وقوع الحدث!! لابد من مراجعة شاملة لطرق ووسائل العمل الحالية.. ومن القضايا التي تتطلب مراجعة صادقة وأمينة خلال المرحلة القادمة، التقاطعات التي تحدث حالياً بين المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وغياب الرؤية التنظيمية والإدارية والتنسيقية بينهما، الأمر الذي قاد ويقود الآن لحوار تجاوز مرحلة السرية الى العلن، بهدف معالجة الاختلالات والخلافات و(الاتماس) الذي يتضح يومياً بين العاملين في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني.. والغريب في الأمر انك تجد ذات الأسماء والوجوه والقيادات في مؤتمرات ولقاءات تناقش في الغالب قضايا وتحديات يتم التصدي لها بذات العضوية التي تنقسم لقسمين بطريقة لا تجد لها إجابات واضحة.. حركة إسلامية ومؤتمر وطني..!! أحسب أن نقاط الحوار التي كشفها الأخ سعد أحمد سعد تحتاج لحوار شامل ومخلص.. هذا إن كانت هناك رغبة صادقة في الخروج من حالة التماهي الحالية، والتي تطرح ذات الأسئلة المطروحة للنقاش كما أوردها صاحب (أصل المسألة) وهي دمج الوظائف المشابهة للحركة الإسلامية والمؤتر الوطني؟.. أم دمج الحركة الإسلامية في المؤتمر الوطني أم الإبقاء على الوضع الراهن مع إحكام التنسيق.. لكنني أرى أن الموضوع الذي يستحق عصفاً ذهنياً هو (تصور جديد لدور جديد للتنظيم).. وهو عنوان عريض لقضية تتطلب حواراً أكثر عمقاً.. وصدقاً وتجرداً لوجه الله تعالى.