لا أدري هل المسألة بهذه الصعوبة والاستحالة، أم نحن المصعبينها وخالينها من المستحيلات، وأقصد المعاناة السنوية لسكان ولاية الخرطوم- كل فصل خريف وهو الفصل الوحيد الذي لو أن السماء أغدقت علينا رحمتها غيثاً وغوثاً لما غادر أحد منزله، ولتعطلت مصالح الناس ومافي زول مرق من خشم بابه، ومؤكداً أننا نعيب خريفنا وما لخريفنا عيب سوى التخطيط العشوائي والارتجالي، الذي ظل هو شعار ولاية الخرطوم كل عام، ومافي زول يقول أم وضاح مكبرة الحكاية، وتتجنى على الخرطوم ومحلياتها والدليل يشهد عليه ساكنو الخرطوم الذين دقتهم مطرة أول امبارح التي لم تتجاوز الساعة، لكن من يمد رأسه صباحاً سيظن أن الخرطوم قد زارها تسونامي ليلاً ليس لأن المطيرة كانت بمعدل عالٍ، ولكن بسبب «الفجخيبة» والشوارع المسدودة والحفر المليانة موية لمن قالت بس، مما يؤكد أن ما ظل يشنف به المسؤولون آذاننا عن الاستعداد للخريف ما هو إلا مجرد حديث للاستهلاك ذهجنا ومللنا من سماعه ولم يفتر أو يزهج هؤلاء من تكراره، أعتقد أنه عيب كبير أن يظل الخريف هو مشكلة الإدارات الهندسية بالمحليات المختلفة بل عيب كبير أن يصبح الخريف مشكلة في حد ذاته، مش لأن المطرة بتنزل حجار، لكن لأن صبيحة أي مطرة معناه سوء في البيئة من تراكم النفايات في الشارع وتوالد الذباب والبعوض الذي يجد الحكاية باسطة معاه، وهاك يا مص في الدم، وكأن المواطن السوداني مكتوب على دمه كان ما اتحرق يتمص. في كل الأحوال المياه المتراكمة الآن فرصة للسادة المهندسين أن يركبوا عرباتهم ويرصدوا أماكنها ووصفها في لستة احتياجات، ويشوفوا الدايرة ردم، والعايز شفط، والمحتاجة لجسر أو مصرف، لأنه مطرتين ثلاث أقوى من مطرة امبارح عادي جدا يا دكتور الخضر ممكن ننافس البندقية على نعش المدينة العائمة. كلمة عزيزة يمكن لأنه طبيعة النفس البشرية تركن للنسيان، لذلك يقال البعيد من العين بعيد من القلب، ويمكن لأن الإنسان العايش في بحبوحة و«نغنغة» من العيش أن لايحس بأوجاع وآلام الآخرين، طالما بطنه مليانة وجيبه «مجكن» بالقروش، لذلك كنت أبحث لنواب البرلمان الكرام عن عذر وأقول يا ربي الناس دي خات يدها في الموية الباردة مالها؟ والناس ديل يا ربي ما منحازين للمواطن وقاعدين في عالم ثاني مالهم، وغالباً ما كانت الإجابة على أسئلتي هي ما شفته في بداية حديثي، لكن بصراحة عندما قرأت أمس عن ثورة السادة النواب بسبب تأخير مرتباتهم، قلت بركة يا جامع يمكن يحسوا بشعور الناس مش «البتتأخر» مرتباتهم في بداية الشهر لكن «البتقطع» مرتبهم في بداية الشهر وجاك الموت يا تارك الصلاة. كلمة أعز قيادية في حزب معارض كانت تصلني دائماً بالرسائل القصيرة والدعوات والتحايا، لكن مؤخراً قامت بشطب رقمي عن هاتفها.. ماقلتوا بتاعين ديمقراطية واللا دي شعارات ساي؟!!