ألجمت الدهشة السيد بيير لويجي.. الرجل الذي مهنته الركض وراء الكرة وتجنب ملامستها اخيرا كسب صفقة..بيير الاصلع خطف الاضواء عشية مبارأة المانيا والبرازيل في نهائي كأس العالم 2002..شركة روبل لصناعة السيارات قدمت للحكم ما يقارب المليون دولار في برنامج رعاية يستهدف الترويج لمنتجات الشركة..فرحة حكم الكرة الايطالي لم تكتمل..الصحافة وكبار النقاد ذكروه ان ذات الشركة ترعي فريق ميلانو الايطالي..مضي الحكم النزيه الى مسقط راسه واعلن عن استقالته..استقال لويجي وهو في منتصف الاربعينات..مضى الرجل وترك خلفة مقولة جديرة بالتخليد « يجب ان يثق الناس في الحكام » . حملت الانباء بالامس تعيين مولانا عبدالرحمن شرفي رئيسا للدائرة القانونية بمجمع الفقه الاسلامي..شرفي كان من ضمن مجموعة الشيوخ الافاضل الذين استعان بهم فضيلة الشيخ عصام البشير لتوطيد اركان الفتوي في السودان..المشكلة ان مولانا شرفي يمثل هرم القضاء في السودان حيث يشغل منصب نائب رئيس القضاء..موافقة شرفي تزامنت مع استضافة الخرطوم لمؤتمر عربي ضم رؤساء المحاكم العليا ..في المؤتمر الاقليمي قدم الاستاذ علي عثمان مرافعة جيدة طالبا من المؤتمرين ان يقدموا شهادتهم في استقلالية قضائنا ونزاهته. من قبل تم اختيار محافظ بنك السودان الدكتور محمد خير الزبير رئيسا لمجلس ادارة احدى شركات الاتصالات ..وقتها قدمنا مرافعة احتجاج وقلنا كيف يصبح المحافظ خصما وحكما..احتجاجنا كان مقبولا شكلا ومضمونا للسيد محافظ بنك السودان ومع ذلك ظل قابضا على منصبه الجديد..قبل ايام ارتفعت اصوات تطالب محافظ بنك السودان بتقييد حركة شركات الاتصالات في تحويل ارباحها للخارج..لا ادري كيف سيجتاز محافظ بنك السودان الدكتور محمد خير الزبير تضارب المصالح بين شركته والشركات المنافسة. في حالة مولانا شرفي الوضع في غاية الحساسية..من قبل كانت اعراف القضائية تحظر على منتسبيها من القضاة المشاركة في الحياة العامة من فعاليات رياضية وسياسية..الان مولانا نائب رئيس القضاء وضع نفسه في قلب الاحداث حتى وان عمل دون مخصصات مالية..الناظر الى جدول رئيس القضاء ونائبه يدرك انه ليس من اليسير لمولانا شرفي ان يخصص وقتا لدائرة الشئون القانونية الجديدة. المعضلة الكبرى ان مجمع الفقه كسب وزنا اضافيا بضمه لنائب رئيس القضاء..هنالك اجتهادات كثيرة حول أهمية وجود مجمع رسمي للافتاء..واختلاف حول الزامية فتاويه للحكام والرعية..فيما المؤسسة القضائية تجد اجماعا في الزامية احكامها..دستورنا الحالي لم يتحدث عن مجمع الفقه ولكنه كغيره من الدساتير ركز كثيرا على القضاء واستقلاليته التي تقيم العدل. عليه اناشد رئيس القضاء ونائبه على اعادة النظر في هذه المسألة..اذا اراد شرفي الاستمرار في موقعه الجديد فعليه ان يلتزم بحكمة قاضي الملعب الاخضر الايطالي « بيير لويجي » (يجب ان يثق الناس في الحكام )ومن مسقط رأسه يعلن تنحيه من المنصب القضائي. القضاء ثوب ناصع البياض لايحتمل الجمع بين منصبين.