تحدثت معظم صحف الخرطوم إن لم أقل كلها، خلال الأيام القريبة الفائتة عن حقن الدواجن بمواد خطيرة وهرمونات تزيد من حجم الدواجن، وهذه المواد تؤدي الى الإصابة بالسرطان والفشل الكلوي، والتأثير على الذكورة عند الرجال بفعل الهرمونات الانثوية التي تحقن بها الدواجن.. يعني مش سرطان وبس وإنما فقدان الذكورة كمان، وبذلك يكون الناس الذين عرفوا في السابق )انفلونزا الطيور( أن يعرفوا اليوم مرضاً جديداً اسمه )سرطان الطيور( وفقد الذكورة، ولاعزاء للزوجات المحزونات بعد أن يدخل الصقيع الى خدورهن. أيها السادة انتبهوا فإن )سرطان الطيور، والفشل الكلوي، وفقدان الذكورة( على وشك اجتياح طوحال المدينة، الذي سيزيده مرضاً على مرض، والمعلوم أن الطوحال في الإنسان هو بمثابة مخزن للمكروبات والجراثيم.. تتجمع فيه الى أن يتم التخلص منها.. هذا بالنسبة للجراثيم العادية، أما السرطان والعياذ بالله لا يمكن لطوحال المدينة التخلص منه، ومن ثم وبعد الإصابة (بسرطان الطيور)، المتمركز الآن في الدواجن ستكون الفرصة متاحة جداً لموسم ناجح وغير عادي لنشاط وكالات السفر الى القبور، ومن لم يمت (بسرطان الطيور) الداجنة عليه أن يتكل على الحي الذي لا يموت، ويذهب الى شارع الحرية بالخرطوم، ويشتري غسالة«فل اتوماتيك» ليغسل كليتيه مرتين في الاسبوع على الأقل، حيث أن مراكز غسل الكلى أصبحت هي نفسها محتاجة لغسيل كلى، وذلك لفقدان معظمها للمحاليل اللازمة لفتح شهيتها على العمل ومن ثم أصيبت ب«قفلة نفس»، وتبعاً لذلك أقفلت أبوابها امام السادة «الغاسلين» وحتى إشعار آخر إذا لم يشملهم برعايته موسم وكالات السفر الى القبور بسبب سرطان الطيور الداجنة. عودة على ذي بدء.. وعن مصيبتي أقول لكم إن أصل حكاية سرطان الطيور الداجنة يعود الى أن جمعية حماية المستهلك التي اكتشفت أن القائمين على إحدى مزارع تربية الدواجن المنتشرة في محيط ولاية الخرطوم يستخدمون مواداً خطيرة ويحقنون بها دواجن مزرعتهم، وهذه المواد تؤدي الى الإصابة بالسرطان، وليس هذا فحسب، وإنما يحقنون نفس الدواجن بهرمون انثوي لزيادة حجم الفرخة في فترة وجيزة، وتؤدي هذه الهرمونان الى فقدان الذكورة تدريجياً، والى جانب هذا فإن تلك المواد الخطيرة تؤدي الى الفشل الكلوي وتدمير الجهاز العصبي، والغريب في الأمر حقاً أن المزرعة المعنية التي يديرها أجانب قد منحتها جهات الاختصاص رخصاً للاستثمار في السودان، وهم لايهمهم من الاستثمار إلا الربح والربح السريع جداً، الذي يتماثل في سرعة نموه مع فراخهم المحقونة بالهرمونات الانثوية لزوم «الربربة» السريعة خلال ستة أسابيع فقط لا غير.. واتفرج ياسلام مع الاعتزار للصديق الزميل الصحفي طلحة الشفيع، وبهذه المناسبة اسأل بشدة عن الأخ «طلحة»، وفي اية غابة من غابات الطلح الكروية يعيش دون أن يزعحه دخان البمبان الكروي الذي يشهده راهن الصحافة الرياضية، التي أصبح صحفيوها يسنون أقلامهم عند الحدادين في المنطقة الصناعية، ويجو عايدين ويكتبوا لينا كتابة لا انزل الله لها من سلطان، ويبدو أن السرطان أرحم من كتاباتهم. اما المصيبة الكبرى حقاً أن هؤلاء المستثمرين الأجانب ومعهم المستثمرين الوطنيين لم يكتفوا بسرطنة الفراخ فقط.. وإنما هداهم تفكيرهم الجهنمي الى إضافة مادة مدمرة للجهاز العصبي الى اللحوم المصنعة مثل..السجك .. المفرومة.. البيرقر والفرانكفورت «أصابع الكفتة»، وقد وجهت شعبة مصنعي منتجات اللحوم أصابع الاتهام الى عدد من الأجانب الذين يقترفون هذه الجريمة الخطرة على حياة إنسان السودان، وهؤلاء لم يكونوا أفضل حالاً وأخلاقاً من بعض الوطنيين من عتاة جزاري «الكيري» الذين هم بين وقت وآخر اعتادوا على ذبح الحمير والكلاب وكل مايقع عليه نظرهم من حيوانات الدفع الرباعي- اي الحيونات التي تمشى على أربعة- ولا يهم أن يكون هذا الحيوان مرفعيناً أو ثعلباً وأضعف الإيمان أن يكون الحيوان نعجة عجوز «قاطعة الخلف» أو غنماية حامل بتوأم..أما بالنسبة للطيور فمن الممكن أن يكون الطائر صقراً أو بومة أو حدأة أو غراباً، وأضعف الإيمان أيضاً أن يكون الطائر المجني عليه من طير السمبر أو طير الرهو، ورحم الله الشريف الشاعر زين العابدين الهندي ملهم رائعة «طير الرهو» التي يتغنى بها الفنان الرائع حمد الريح ابن أرض المليون متر مربع جزيرة توتي من كلمات اسماعيل حسن، ومن ثم على المواطن أن يتأكد ويمعن النظر تماماً.. تماماً في اللحمة المقدمة له لحمة عجالي أو بقري أو ضان حتى لايخطئ ويشتري لحمة بدرجة وظيفة «اسكيل كلب». إن الطيور التي عرفت في الزمن الجميل بالرقة والرشاقة والجمال تبدل حالها الآن، وأصبحت تصيبها أخطر الأمراض التي يمكن أن تنقل للإنسان، ومنها انفلونزا الطيور التي كانت قد اجتاحت العالم ولم يستثن السودان منها، وكان معظم السودانيين إن لم أقل كلهم قد امتنعوا عن تناول الفراخ، واسقط في يد أصحاب المزارع الذين كاد أن تنخرب بيوتهم، وحينما ضاق بهم الحال ذهبوا الى الوالي يشتكون له من ضيق الحال، وكان آنذاك الدكتور عبدالحليم اسماعيل المتعافي يتولى منصب والي الخرطوم، فتصرف بسرعة ووجه الدعوة لكافة الوسائط الإعلامية والصحفية لمأدبة أقيمت على شرف تحدي الخوف من انفلونزا الطيور، فافتتح السيد الوالي المأدبة وتناول وحده فرخة «مربربة» لم يكن وزنها يقل عن كيلو ونصف، ومن ثم هجم الأخوة الإعلاميون والصحفيون وقضوا على كل الفراخ التي امتلات بها موائد المأدبة، بل مصمصوا حتى عظامها، وغنى الكورال المصاحب للمأدبة..« شوفوا فراخنا الجميلة.. لا انفلونزا ولا مرض يجينا» .. فهل يفعلها المتعافي مرة أخرى والمصيبة وراهو.. وراهو فهو يتولى الآن حقيبة وزارة الزراعة المسؤولة عن كافة المزارع إن كانت دواجن أو غير ذلك.. لا أعتقد أن يفعلها المتعافي.. الله يديهو العافية.. فالحكاية أصبح فيها الآن سرطان، وفشل كلوي، وتدمير للجهاز العصبي، وحاجات تانية مانعاني.. والا سيبك من الدغمسة والغمتي وأقولها عديل فقدان الذكورة على مر الأيام و(الجماعة ديل) يا صحابي لا يرتكبون المعاصي، ولكن نفسهم مفتوحة على الآخر لتطبيق شرع الله مثنى وثلاث ورباع بقى القول: إن «خوفة» التطير من الطيور جاءت هذه المرة شديدة جداً ولاينفع معها أن تقام على شرفها مآدب الدجاج المحمر والمشمر، ولن يفعلها المتعافي حتى بضمير المستتر، بل ولن يفعلها حتى سيدي الوالي الخضر، وكل عام وأنتم متطيرون.