عندما تم خلع القائد الأوحد «جابر الجُبيري» من حكم دولته الآفروعربية.. عبر ثورة شعبية عارمة.. احتارت في أمره الدولة العظمى.. هل تقبل بأن يكون منفياً عندها.. بعد مشاورات في «البيت الأبيض» قرروا إضافته خامس المخلوعين الذين كانت بينهم وبين الدولة العظمى مودة.. فتمت إضافة الجُبيري إلى مجموعة من الرؤساء المخلوعين وهم على التوالي الإمبراطور وكاليجولا والفرعون الطيب.. والزعيم العجوز فكان هو خامسهم.. لم تجد الدولة العظمى سوى أن تجمعهم في مزرعة كبيرة مهجورة.. فأقامت لهم مساكن هناك.. وبقوا في المنفى بعيداً عن الأنظار وفضول أهل الإعلام ومعارضات دولهم.. كان منفى إجبارياً.. لا يسمح لهم باستخدام الهواتف الخلوية سوى مرة في العام.. آخر الوافدين «الجُبيري» طلب استخدام فرصته فاتصل بالرئيس الجديد.. فلما سمع صوته سأله في حدة من المتصل.. فقال: معاك جابر الجُبيري فوقعت من الرئيس الجديد سماعة الهاتف.. فضحك الجُبيري وقال له: انخلعت.. من قولة تيت بقيت الرئيس المخلوع.. وسخر منه ومن إمكاناته.. فاندهش بقية الرؤساء.. فسأله الإمبراطور: إنت عملت شنو مع شعبك.. فقال: ده شعب كان في أصبعي كالخاتم لكنها غفلة بسيطة تم فيها مأتم.. والله كنت عندما أجيء إلى الاجتماعات يرتجف الجميع.. كنت طيباً لكن وجدتهم خائفين فانتهزتها فرصة وطلبت منهم تقبيل يدي.. هنا انتبه كل الرؤساء وسألوه في لهفة وهل قبلوها.. فقال بل تطوعوا وقبلوا قدمي.. ها وماذا فعلت.. قال: ما طوالي بالشلوت في وجوههم.. فصاح الزعيم العجوز: غلط.. سأله الجُبيري غلط والاّ ما غلط الحصل حصل.. وإنت مالك هنا؟.. قال الزعيم العجوز: لا يوجد شيء.. فقط شعبي ملّ استدامة حكمي.. ولأنني أفرطت في الديمقراطية أنزلوني المعاش.. سأل الجُبيري ووافقت.. لم أوافق ولكن للضرورة أحكام.. أخذ كاليجولا يرقص وقال: أنا قالوا مجنون لأنني عينت حصاناً سفيراً لمملكتي.. ضحكوا جميعاً.. لكن الجُبيري سأل الإمبراطور وإنت يا سيد: فقال أنا سُستهم بالعصا.. ولما شحت الموارد جاعوا.. فانقضوا على الحكم كالكلاب المسعورة.. تقدم الفرعون الطيب وقال: بالنسبة لي التقارير التي كان يرفعها لي المسؤولون خدعتني.. كانوا كذبة أوضحوا لي أن كله تمام التمام.. إلى أن خرجت جموع الشعب تطالب برحيلي وما زلت مندهشاً لكن عزائي أن أحبابي ما زالوا يطالبون بعودتي. استمرت الحياة في المنفى رتيبة تتخللها حكاوي المجد القديم.. لكن فجأة ظهر مواطن في الدولة العظمى وطالب بمزرعته المهجورة.. إمعاناً في العدالة اتفقوا معه أن يعود إلى مزرعته ويقبل بوجود المخلوعين من الزعماء والزمن كفيل بموتهم وتخلو له المزرعة.. وافق المواطن وبقي مع الزعماء المخلوعين.. الجُبيري اقترح عليهم أن يحكموا هذا المواطن بالتناوب.. وافقوا جميعاً على الفكرة وأصبح المواطن الوحيد يحكمه خمسة من الرؤساء بمختلف مشاربهم.. تعب المواطن من حكاية كل يوم رئيس هذه.. وكلما يحتج يطلعون له باتهام.. الجُبيري وجده وسط الأشجار يتنصت إلى صوت العصافير فاتهمه بأنه يريد عمل نقابة ضد الرؤساء والزعماء.. والإمبراطور وجده نائماً فأيقظه وعاقبه على أنه لم يحيه ويقف احتراماً له.. وكاليجولا طلب منه أن يكون حصاناً له.. يركب على ظهره.. الفرعون الطيب اكتفى بأن يجعله يعمل على تصبيغ شعره من الشيب المتفاقم حتى يبدو صغيراً.. أما الزعيم فاكتفى بأن يقوم بعمل مساج له «ويعصر ليهو كرعينو».. استمر الحال لسنوات حتى تعب المواطن واشتكى لرئيس الدولة العظمى وطالبه بحل مشكلته فوراً.. لكن أعضاء الكونجرس عقدوا اجتماعات مطولة تمخضت عن مطالبة المواطن بالمزيد من الصمود.