تعودنا في السودان على ثقافة سيئة هي عدم تجويد الأعمال، واعتمدنا بشكل كبير على عدم التخطيط و(رزق اليوم باليوم) وعبارة (مشي حالك)، والتلفزيون القومي خير مثال على هذه الثقافة السودانية البحتة،إذ ظل يبث للسودانيين المباريات بتقنيات سيئة تجاوزها العالم وهو يتمخطر ويظن أنه قد أنجز مهمته كاملة، ويمد لسانه للمشاهد السوداني كأنه يقول له (أحمد الله على الصورة الجاتك دي). وكان سيظل مستمراً يبختر بإنجازاته ما لم يواجَه بفضائح قصوره دولياً، لأن النقد المحلي لا يحرك شعرة منه، لكننا لم نَفُق حتى الآن من فضيحة تلفزيوننا القومي التي تفجرت عندما طلب منه رفع شارة المباريات التي تلعبها فرقنا السودانية في منافسات بطولة أبطال أفريقيا بالخرطوم بتقنيات البث العالية ال(HD)، التي كانت مدعاة للسخرية والضحك بسبب ضعف الإمكانات، لأننا من أوائل الدول التي بدأت البث التلفزيوني، والتاريخ يثبت أننا قد ساهمنا فعلاً في تأسيس كثير من قنوات بعض الدول العربية، حتى ظهرت فضيحة دولية أخرى. بل لم نبتلع تلك الفضيحة حتى فاجأتنا صحيفة «المصري اليوم» بفضيحة إعلامية أخرى، وهي مديونية اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري على التلفزيون القومي السوداني التي بلغت- بحسب الصحيفة المصرية- نحو 3 ملايين دولار مقابل برامج ومواد ثقافية وخدمات هندسية تلقاها التلفزيون السوداني ولم يقم بسدادها. يأتي كل ذلك في أوقات غير مناسبة لأن التلفزيون القومي عانى في الفترات الماضية من احتجاجات منسوبيه التي نادت بتصحيح الأوضاع وسداد متأخراتهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي يجعل مؤسسة إعلامية كبرى كالتلفزيون القومي تصل إلى هذا الحد من السوء؟.. هل هو عدم الدعم الحكومي أم سوء الإدارة؟ نعم سكت السودانيون عن القصور وكل سوءات التلفزيون القومي وقد يكون هذا شيئاً عادياً، وربما متوقعاً، لكن من الذي سيسكت هولاء المصريين؟..