وصل بنا الاستهتار بالنفس الإنسانية التي كرمها الخالق مرحلة بعيدة؛ لدرجة أن الدولة التي كان من واجبها حماية الإنسان أصبحت لا تعير أمر المواطن، ولا البيئة الصحية اهتماماً، وبالرغم من كل ذلك تواءم الإنسان السوداني وقبل التقصير، واشتغل بنفسه على رعاية مصالحه وبيئته، لكن أن يعترف ويصرح شخص مسؤول؛ كان على أعلى الهرم المعني بشأن الطاقة الذرية بالبلاد، ويكشف بكل أريحية وأمام الجميع أننا أصبحنا مكباً للنفايات الالكترونية والإشعاعية، دون أن يثير الأمر انتباه الدولة أو الولاية ذات الشأن لهو أمر مثير للشفقة والخيبة. كل الصحف السودانية تناقلت خلال هذا الاسبوع الخبر الذي أعلن عن أن دولة آسيوية- سمتها بعض الصحف باسمها- دفنت مخلفات إشعاعية مثلت أكثر من ستين حاوية كبيرة، دفنت منها أربعين حاوية بالقرب من سد مروي، بينما أفرغت العشرين المتبقية في الهواء الطلق أثناء العمل على تشييد السد. ولا يخفى على الجميع؛ فقد كانت هنالك العديد من التساؤلات والتشكيكات المسبقة التي ربطت بين الانتشار البائن لمرض السرطان في السودان، وبالولاية الشمالية خاصة، وكانت هناك مقولات تتحدث عن دفن مخلفات كيميائية في وقت سابق بالولاية، لكن ها هو الواقع الان يقول للمواطنين والدولة والجهات ذات الصلة إن ما مضى ربما كان شكوكاً ليس إلا؛ لكن ها نحن الآن جئناكم بالخبر اليقين والحقيقة التي أصبحت ماثلة أمامكم فماذا ستفعلون حيالها.!! وفي الحقيقة، كلنا ننتظر ما ستفعله الدولة حيال الموضوع، وننتظر اجاباتها عن الأحداث والوقائع لأن كثيراً من الأسئلة الحائرة بدأت تتجول في العقول بحثاً عن إجابات شافية لما حدث... أهمها.. هل كانت الدولة على علم بما أقدمت عليه الدولة الاسيوية وسكتت عنه؟.. أم أنها كانت مغيبة عن كل المصائب؟.. إن كانت تعلم أو لا تعلم .. فما هو سبب ومبرر صمتها؛ أو عدم ممانعتها؟ ولماذا سكتت وسكت هذا المسؤول طوال الفترة الماضية ولم يصرح بما يعلم إلا في هذا التوقيت بالتحديد؟.. سؤال آخر مهم نطرحه على الأطباء والمختصين والباحثين في مثل هذه الموضوعات عن حجم الخطورة المتحققة جراء دفن هذا الحجم من النفايات وتأثيره على المواطن والكائنات الحية في وقتنا الحالي وفي المستقبل؟..