الحزب الديمقراطي الليبرالي من الأحزاب التي تهتم كثيراً بإيجاد حل للأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد، عبر الطرق السلمية، بالإضافة لذلك فالحزب لديه رؤيته واضحة لإصلاح الاقتصاد، ولكن بالرغم من كل ذلك الحزب أصابته حالة إنشقاق أوصلته الى مفترق طرق.. وللوقوف على ما يدور داخل الحزب، وما طرحه من معالجات للقضايا في الساحة السياسية.. جلست (آخر لحظة) الى رئيس الحزب المكلف دكتور ابراهيم النجيب، فمعاً نتابع مادار في الحوار . حوار: نجم الدين كرم الله * البعض يتخوف من أن تفتح الليبرالية المجال للنفوذ الغربي والأخلاقيات الغربية في مجتمع مسلم محافظ، ما ردك كزعيم للحزب؟ - دعني أولاً أصحح؛ أنا رئيس مكلف للحزب الديمقراطي الليبرالي ولست زعيماً له، وامتلك حساسية ضد هذه الأنواع من المصطلحات. ثانياً: لسنا حزباً غربياً حتى يتخوف منه الناس؛ ولم نعش هناك، ولم نستورد أفكارنا من الغرب، ولم تظهر بوادر الليبرالية في أروبا- كما يدعي الساقطون فى هذا الفخ- وقد ظهر أول دستور ليبرالي في العالم في افريقيا وليس أوروبا.. نحن حزب يحترم كريم العادات والثقافات السودانية ولا يحتكرها أو يوجهها؛ كما نحترم الأديان ونقف موقف الحياد منها؛. وقدعانينا كثيراً من الدعاية المضادة التي تقدمها أحزاب الإسلام السياسي واليسار الكلاسيكي ضدنا.. الأوائل يتهموننا زوراً تحت منظومة الأخلاق وكأنهم يمتلكونها، والأخيرون يتهموننا بالغرب ومناصرته، في حين أننا نناصر العلوم وتطبيقاتها ومبادئ الحرية مما لا يقبلونه. لا نفوذ تفتحه الليبرالية لأية دولة في الشؤون السودانية، ونحن ليبراليون سودانيون، ولسنا ليبراليون غربيون ولا يملك أحد غير أهل السودان سلطة علينا، أو يشكل مرجعية ثابتة لنا. ً * أنتم لستم أعضاء في أي تجمع سواء أكان قوى الإجماع أو الجبهة الثورية أو قوى المستقبل للتغيير، لماذا وهل لكم رأي في تجمعات المعارضة ؟ - نعم لنا رأي مبدئي ضد التحالفات غير المنهجية، ونرى أنها تحمل بذرة هلاكها قبل ميلادها، نختلف مع الجبهة الثورية في آلية السلاح؛ وبالتالي فإننا نتفق منهجاً مع كل دعاة الحرية، ومنهج ورؤية كفاح اللاعنف الذي نتبناه، وهو ضمان الحرية وأمن المواطن، أما الإجماع الوطني فهو وليد قوى متناقضة، وتحالفات مشوهة وغريبة تحتاج الى تغييرات جذرية، وعلى هذه القوى أن تعترف صراحة بدورها في الأزمة السودانية، وأن تلتزم بشكل تام بالحقوق الأساسية وتتبناها، ومن ضمنها مواثيق حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ومعاهدة عدم التمييز ضد المرأة (سيداو)، وأن تمثل النساء بصورة أكبر في قيادتها. أما ما يسمى بتحالف قوى المستقبل للتغيير، فنحن نراه مجرد تحالف إسلاموي مع بعض الانتهازيين والنفعيين للوصول بسهولة والمشاركة في السلطة لا أكثر. * ماهو موقف حزبكم من الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الافريقي لحل الأزمة السياسية في السودان؟ - الاتحاد الافريقي عبر منظمةUNAMID والتي يشارك فيها بقواته أثبت عجزاً وارتكب جريمة ، حيث أنه لا يسعى للحل الشامل، بدليل أن رئيس الآلية رفيعة المستوى ثامبو امبيكي قام بعقد اتفاق من جهة واحدة مع النظام في سابقة فريدة، وتحول من وسيط الى طرف. ولكل ذلك فإن دعوانا للإتحاد الأفريقي بالتزام مواثيقه ومكاتباته عملاً لأجل حل المشكل السوداني، ونشكر لقوات حفظ السلام التابعة ل UNAMID بعض جهودها التي كانت يمكن أن تكون أفضل في دارفور، وتحقق هدفها الذي انشئت من أجله. * تصوراتكم لإصلاح الاقتصاد السوداني؟ - إصلاح الاقتصاد السوداني يعني عندنا الاهتمام بالبنية التحتية، وتأهيلها لتقدم أولاً خدمات أساسية وتنمية متوازنة مع تمييز إيجابي لصالح المناطق الأقل حظاً في التنمية، والمناطق التي تأثرت بالحرب؛ ورفع القيود عن الاقتصاد والتجارة، مع تدخل حكومي يمنع الفساد والإحتكار، ويوجه الاقتصاد بدرجة لا تجعل الحكومة ولا منسوبيها فاعلاً أو تاجراً في السوق، لخلق توازن السوق ونمو الإقتصاد جنباً الى جنب مع ترشيد الصرف الحكومي والبذخي وإنهاء الفساد، ووضع قوانين لذلك مع آليات حساسة تجعل امكانية ممارسته نفسها صعبة، وتوقع عقوبات شديدة على مرتكبيه حتى لو كانوا من القيادات والمسؤولين. بالإضافة لذلك لابد من الاهتمام بالإنتاج والقطاع الزراعي ومدخلاته عملاً في اتجاه تحديثه، والإستفادة القصوى والعلمية من موارد السودان من أراضي صالحة للزراعة بأسس علمية وحديثة ومدخلاتها، وانعاش القطاع الصناعي وتطويره، وتقديم الضمانات لدخول الاستثمار الأجنبي، ورؤوس الأموال عبر خلق علاقات اقليمية وعالمية جيدة مع شروط استثمار تضمن للمستثمر حقه المشروع وللسودان أرباحه وفوائده وحقه المحفوظ، بجانب ضرورة ضبط قطاع البنوك على أسس علمية وإقتصادية حديثة، وتطوير القطاع الرعوي وتحديثه، ثم إعادة ضبط الخصخصة السياسية التي قام بها نظام الوطني، عملاً في اتجاه يضمن إجتماعية الهدف، وبما يوفر ضمانات للبيئة وعدم الإضرار بها، وإبقاء الموارد فعالة حتى يمكن الإستفادة منها لأجيال السودان المستقبلية. كل ذلك عملاً تحت نظرة إقتصادية شاملة، تجعل الإنسان أولى أولوياتها وتعمل لأجله، وإنهاء عصور التحكم في الإقتصاد لصالح الحكام وأذرع الدولة داخله. * هناك أحاديث تدور حول امكانية عودة دولة الجنوب مرة أخرى للسودان كدولة موحدة عبر استفتاء شعبي في البلدين، ما موقف الحزب من ذلك إذا تم؟ - هذا ما تتمناه عضويتنا ومصدر فرحتنا العظيمة إذا حدث، رغم أنني شخصياً أراها مجرد أقاويل لا سند رسمي لها، وسوف نعمل مع دولة الجنوب لازالة الحدود السياسية، وخلق تعاون من أجل حقوق المواطنين فى البلدين، والاقتصاد والتجارة والعملة والاستراتيجيات العسكرية، عملاً في اتجاه تقوية الدولتين ضمن نظام كونفيدرالي قد يمتد ليشمل القرن الافريقي ودول الجوار. * العقوبات الاقتصادية تسببت في أضرار كبيرة للبلاد، حتى بالنسبة للمواطن هل أنتم مع العقوبات أو ضدها؟ - الحصار الإقتصادي الأمريكي هو أسلوب احتجاج أمريكي، وبذلك هم المسؤولون عن دوافعهم، نحن كحزب نرى أن الحصار أتى بنتائج سلبية على المجتمع والدولة ومعاش المواطن، تماماً كما كان له فائدة في منع الحكومة من الحصول على بعض التقنيات والآلات، ولذلك فإن سعينا في اتجاه رفع الحصار الإقتصادي تقابله ضرورة الدعوة لمواثيق ورقابة على الحكومة، حتى لا تستعمل القدرات الإقتصادية ضد المواطن ولذلك نحن ضده، كذلك فإن معاناتنا كسودانيين اليوم هي نتاج مباشر لسياسات الإنقاذ، وليس الحصار الإقتصادي.. وفي تقديرنا فإن مساهمة الحصار في الواقع الإقتصادي المعاش هي أقل من واحد في المائة من الأسباب، ولذلك ننشط في اتجاه إزالة السبب المباشر للضائقة الاقتصادية وانهيار اقتصاد السودان. * تعرض حزبكم بالرغم من صغر عمره الى العديد من الانشقاقات في داخل القيادة، ماهي أسباب تلك الانقسامات وهل ترى بأنها قد تضر بحزب ناشيء؟ - أولاً حزبنا مر بانشقاق واحد وليس العديد كما قلت، وهي أيضاً حالة سيئة ونحزن عليها كل يوم، أسباب الانشقاق تعددت مابين سوء الإدارة وسخط العضوية على العقم الذي أصابها، ومابين اختلاف وجهات النظر ودخول أمراض السياسة التقليدية كالزعامات الأبدية ونظرية القائد الملهم، تجاوزنا تلك المراحل ونعمل اليوم بخطى وئيدة نحو أحلامنا بوطن يسعنا جميعاً ودولة متطورة ببرامجها المتطورة، وبالتأكيد فإن الانشقاق يؤثر على الأحزاب سواء كانت وليدة أو قديمة وهرمة، ونعمل في اتجاه عدم تكرار تلك التجربة المريرة التي بلا شك تعلمنا منها درساً. ماهو مدى حضور الحزب وشعبيته في الأقاليم والأطراف وتقبل الجمهور للأفكار الليبرالية كنهح سياسي في مجتمع فيه نسبة عالية جداً من الأمية؟ * أنا من الاقاليم أو الأطراف، كما قلت سابقاً فإن الحزب معني مباشرة بقضايا الناس ومعاشهم اليومي، ويقدم خطابه السياسي على ذلك، وتجدنا مهتمين بقضية الكهرباء والطرق المسفلتة أكثر من تقديمنا للخطاب الفلسفي المعرفي ونجد قبولاً جيداً في الأقاليم رغم حروبات اليمين واليسار، وإطلاق الشائعات ضدنا، ووصمنا بصفات غريبة لا أعرف من أين جاءوا بها، لكننا ماضون في طريقنا ولن توقفنا المكائد. * ماهو موقف الحزب من الحوار الوطني ولماذا لم يشارك فيه؟ وماهي البدائل التي يطرحها الحزب؟ - الحزب بطبيعة برامجه يدعم أي حوار، المسمى حواراً وطنياً لم يستوف مقومات الحوار نفسها، وهو (فهلوة) مؤتمر وطني ليس إلا، لذلك لم نشارك فيه وهو اسم لا يحمل معانيه، ولم نشارك فيه لانعدام المطلوبات الأساسية، ولايمكنني أن أفاوض أو أحاور في الحقوق الأساسية، ويمكنني أن اتقبل مفاوضات أخرى، وفي هذا فإننا نقدم برامج كفاح اللاعنف وطرائقها بما يشمل الاعتصام المدني العام والاحتجاجات السلمية. * وهل ترى أن الحوار سيفضي الى نتائح مثمرة؟ - لا أظن ذلك، هذه يمكن أن تحصل للمؤتمر الشعبي لأنه يسعى وراء مصلحة عضويته وجهابذتهم، ولأن سياسات الوطني نفسها هي سياساتهم وهم منشئوها ويتفقون منهجاً ويختلفون في تقسيم الكيكة، لكننا نختلف في كل شيء تقريباً عنه، وبالتالي فإنه لا جديد فعلياً ينتظر من الحوار، بل إطالة عمر النظام ومزيدا من التفاهمات والدعم الأجنبي.