ما الذي يجري في ولاية البحر الأحمر؟؟ ولماذا انفجرت الاوضاع بهكذا صورة؟؟ وما هي الدوافع والاسباب وراء ما حدث؟؟ .. تعلمون أن تشريعي الولاية أعلن حجب الثقة عن وزير الشؤون الاجتماعية د. محمد بابكر بريمة وأن والي الولاية علي أحمد حامد، عقد مؤتمراً صحفياً قال من خلاله إن الإجراء الذي اتخذه المجلس التشريعي مخالف للدستور ولائحة المجلس، واعتبر أن القرار قد بني على باطل وبالتالي فهو باطل حسب وجهة نظر حكومة الولاية، واعلن الوالي، إلتزامهم بدستور الولاية، وأشار لتصعيد القضية للمؤتمر الوطني بالمركز. ماقبل الخطوة الكمين الذي نصب للوزير بريمة، لا يخلو من وجود علاقة بينه والصراع الخفي داخل الولاية، منذ مغادرة واليها السابق محمد طاهر إيلا، وذلك أن بريمة هو حائط الصد لحكومة على حامد، وهو (الدرقة) التي تصد أي ضربة سيف على حكومة البحر الأحمر، لجهة أن بريمة هو الناطق الرسمي باسم حكومة الولاية، وكان بريمة قد تصدى لأزمة مشاركة وفد الجزيرة في مهرجان السياحة، وكذب وزيراً بالجزيرة عندما كشف للرأي العام أن ليلة الجزيرة لم تكن أصلاً ضمن ليالي الأستاد، وأن صالة (الشمندورة) كبيرة تسع ألفي شخص، بينما لا يزيد وفد الجزيرة عن مائتى شخص، كما أن اختياره جاء بواسطة الوالي، حيث عملا لسنوات طويلة في ملف الجنوب حتى بعد انفصال الجنوب، وعندما جاء اختيار وزيرين من خارج الولاية كان أكثر المستفيدين من القرار على حامد. قد يتساءل سائل لماذا لم تنتاش السهام الوالي نفسه، والسبب يعود في ذلك إلى أن الوالي أصبح معيناً، وقرار إقالته بيد الرئيس وليس تشريعي الولاية، كما أن حامد حقق كثيراً من المشروعات، وأزال حالة الغبن التي كانت مسيطرة على مجموعات إثنية بالولاية، ونقل الولاية إلى مرحلة مابعد إيلا، وبالتالي لو حاولت المجموعات التي تقود الصراع الخفي مواجهته ستخسر من الجولة الأولى. الهدف المناسب النظرية الصائبة في المعارك هي حال استصعب عليك النيل من الرجل الأول تبحث عمن حولة وتحاول أن (تستفرد) به، ذات الأمر تقوم به المعارضة عبر الأسافير بخلق الشائعات حول مدير مكتب رئيس الجمهورية .. في حالة الثغر ليس هناك أنسب من النيل من بريمة الذي يمثل الذراع الأيمن للوالي، فضلاً عن أنه يدير - الشؤون الإجتماعية- أهم وزارة بالنسبة لمجتمع البحر الأحمر، فكانت خطوة حجب الثقة عنه. خطوة التشريعي جاءت مباغتة، وكأنما هدفت لإحداث حالة إرتباك في صفوف حكومة الولاية، وذلك أن الخطوة لم تتماشى مع لائحة أعمال التشريعي نفسه، فوفقاً ل (لائحة) الأعمال فإن استجواب الوزير يتم من خلال تقدم عشرة أعضاء بطلب لرئيس المجلس، ثم يقوم الأخير بالتفاكر مع الوزير الذي يضرب موعد مثوله في غضون أسبوعين، ليأتي الوزير ويقدم دفوعاته على أن يكون موضوع الاستجواب من اختصاص الوزير، ويحق لأي عضو أن يتقدم باقتراح لحجب الثقة. ثم تعقد جلسة ثانية لمناقشة موضوع قرار حجب الثقة والذي يتم بثلثي الأعضاء، يرفع بعدها المجلس توجيهاً للوالي بذات الخصوص والسؤال هل قام التشريعي بتلك الخطوات القانونية؟ الإجابة لا، حيث لم يصل طلب إستجواب للوزير بريمة، ولذلك وصف الوالي في مؤتمرة الصحفي قرار المجلس بالباطل، والذي قدم للوزير دعوة لتقديم تقرير، وبعد نقاشات من رؤساء اللجان تقدم عضو بالطلب وأخر ثنى وتم اتخاذ القرار في ذات الجلسة. إعلان الحرب الواضح أن المجلس يدرك تماماً أن الإجراءات التي أتخذت حيال بريمة غير قانونية، ولم تكمل دورتها الرسمية، وبالتالي يقفز سؤال ولماذا أقدم أعضاؤه على هذه الخطوة؟؟، المرجح أن المجلس يريد حدوث مواجهة، حيث يعلم أن الوالي لن يتخلى عن أبرز وزرائه، وبالتالي من المتوقع أن يلوح بعض الأعضاء بالإستقالة حال لم يتم إعفاء بريمة، والذي لو غادر منصبة فإن مشروع محاصرة على حامد سيكون بدأ يؤتي أكله. حامد له حس أمني عال ومحلل ممتاز للمعلومات، فهو ضابط سابق بجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وبالتأكيد إنه (نزل) إلى أرض المعركة وبدأ عمله بعقد مؤتمر صحفي أمس الأول، وكانت خطوته الثانية إعفاء وزير مالية حكومته محمد طه عثمان أمس، وتحليلي أنه إشتم رائحة علاقة بين الوزير والمجموعة التي تعمل ضده في الخفاء، خاصة وأنه وزير معني بالمال ومعلوم أن المال يفعل مايفعل عند الأزمات والصراعات. من المؤكد أن أي والي وفي ظل ظروف البحر الأحمر، لن يقدم على إقالة وزير خاصة المعني بالمال، حتى لايزيد من مساحة (التأويلات)، ولكن خطوة حامد تعني أنه أعلن مواجهة خصومة، سيما وأنه ظل صامتاً منذ تولية منصبه، وسبق أن سألته بالخرطوم عن الديون التي خلفها أيلا وتركها على ظهر حكومته، لم يجبني وبدأ في الحديث عما تقوم به حكومته من مشروعات. ماذا سيحدث اليوم سيعقد لقاءً ساخناً بالمؤتمر الوطني برئاسة نائب رئيس الحزب إبراهيم محمود الذي استدعي كل الأطراف، وقد وصل الخرطوم أمس الوالي وأعضاء حكومته وبينهم بريمة ونائب رئيس الحزب ورئيس التشريعي وأعضاء اللجان لبحث الأزمة. الكرت الأقوى بيد الوالي أنه معين من الرئيس، بالتالي لا حق قانوني للمجلس عليه، وربما يصر على إبقاء بريمة وفي هذة الحالة ليس أمام التشريعي سوى الاستقالة.