عندما نقول زوجة سودانية فإننا نتحدث عن مخلوق استثنائي، مخلوق فريد من نوعه، كأنما رضع المحنة ويجري الحنان في عروقه وشرايينه، مخلوق كما النيل في عطائه، والسماء في صفائه، والنسيم في رقته والمطر في سخائه، وكالجبال في رسوخه وثبات عطائها الدفاق، نحن نتحدث عن الأم السودانية (الوالدة والإنسانة) هي حالة مدهشة ليس مثلها أمرأة أخرى في كل الدنيا، فهي أم رؤوم محبة ترضع أطفالها مكارم الأخلاق والفضائل، وهي زوجة تبذل لزوجها صبراً وعطاءً وعوناً وخدمة لا مثيل لها وتتحمل منه وعنه، وله الكثير مما نعرف من شخصية الرجل السوداني الفارس الجحجاح أو النباح. فجر الثلاثاء رحلت عن دنيانا زوجة صديقي وقريبي عبد الواحد سعيد رفيقة عمره منذ صباها الباكر، رحلت أم سعيد وتركت خلفها ذرية صالحة بإذن الله.. ولعلها أول زوجة في عائلتنا الممتدة تتنقب عن وعي واقتناع مولية ظهرها مبكراً للدنيا وزخرفها الزائل، وعلى ذات النهج قامت بتربية بناتها وأولادها، فالأب السوداني كما عهدناه مشغولاً دوماً بهم المعيشة الصعبة، تاركاً الأمانة للزوجة في أغلب الأحيان، خاصة إذا كان ذا مهام عظيمة، نشهد لها أنها تختلف عن زوجات كثيرات، فلم يكن اللوم أبداً حالها، تصل من قطعها، وتبر من جافاها في كل المناسبات دون لوم أو عتاب أو حصحصة، لذا بكت النساء عليها كما لم تبكِ من قبل، ويكفي شهادة زوجها ونحن في مقابر البنداري في مراسم مواراتها الثرى حين قال لي(هذه زوجة قل أن يجود الزمان بمثلها) ولسان حاله يقول اللهم أني راضٍ عنها فارضَ عنها. أحسب أن كل الأمهات السودانيات صالحات، فهن يبذلن جهداً كبيراً في فقه السترة والصبر وتحمل الضغوط في ظل الأوضاع الاقتصادية التي نمر بها، وإذا ضاقت بها الأرض المعيشية ووجدت من زوجها ضيقاً في الرزق أو الخُلق بذلت جهداً أكبر من العمل المنزلي خدمة لأطفالها حتى تسد الفرقة وتبحر سفينة الأسرة الى بر الأمان.