مصطلح الدول الفاشلة برز في ظل العولمة، أصبح شديد الانتشار والتداول ولديه مرامٍ وأهداف قصيرة المدى أو بعيدة المدى. أهم ما يميز الدول الفاشلة- حسب مطلقي المصطلح- هي الحروب والصراعات الدموية الداخلية، وتعاني من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها من السلبيات، التي تهدد استقرارها الداخلي. يقول نوعام تشومسكي المفكر الأمريكي في حديث لمجلة الديمقراطية الآن أن المصطلح ساقه الأمريكان بعد تراجع بعض المصطلحات الأخرى مثل الدول الإرهابية والدول المارقة، القصد تعبئة الآراء والجهود ضد الدول التي لاتتفق سياساتها مع وجهة النظر الأمريكية. حسب تقرير نشرته مجلة السياسة الخارجية، قدر العدد بنحو ستين دولة، وهي موزعة في أنحاء العالم وخاصة افريقيا. صحيح أن الظروف العامة والقاسية التي تحيط بتلك الدول، وفساد الحكام أو صفوة المجتمع، وسلبية الشعوب ذاتها هي المسؤولة في الأول عن فشل الدول... إضافة للعوامل الخارجية، والفشل ينذر بزوالها نتيجة التقدم الذي تحرزه وتحققه الدول المتقدمة باستمرار ودون توقف، مثلما يزيد خطورتها علي السلام العالمي..(راجع د. أحمد ابوزيد في كتاب العربي مستقبليات 2010م). آراء بعض المفكرين في أمريكا وإن كانت لاتخلو من التعسف، بأن الدول الفاشلة ليس لها الحق في الوجود لانعدام قدرتها على اداء وظائفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن أيضاً احتمال أن تدفع هذه الأوضاع المتردية الى قيام الحركات الإرهابية باستهداف الدول الناجحة والمتقدمة، وتساعد على انتشار العنف وتهديد السلام العالمي. ذلك المصطلح برر للقوى الكبرى وغيرها الحق في التدخل السياسي والعسكري في الشؤون الداخلية للدول الفاشلة، بحجة حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب وحماية مصالحها في تلك الدول دون الرجوع للأمم المتحدة، كما رأيناه في سوريا وليبيا والعراق وغرب افريقيا(مالي، افريقيا الوسطي) ونوعاً ما اليمن. يستغرب بعض الساسة والمفكرين العرب لتدخل روسيا مع ايران في سوريا بقوة وتحالفها مع ايران (المؤقت)، والدور السلبي لأمريكا والغرب عموماً، وحياد دول البريكست (الصين، الهند، البرازيل) ونأيها عما يدور في سوريا والشرق الأوسط إلا القليل. الإجابة تدور حول ذلك المصطلح، اخلق الدولة الفاشلة كمقدمة لاستعمارها وإعادة تشكيلها جغرافيا وديمغرافيا، فمكونات الأسباب موجودة داخلها، وظف واستغل الإسلام السياسي والطائفي، وأصنع منه ماشئت، فنحن عندنا المال والسلاح والتقنية الحديثة والمخابرات التي نقدمها لهم، وهم لديهم الرجال الذين يحبون المال والسلطة والسيطرة ولديهم الرغبة للموت بدون أسباب مقنعة، ذلك يسهل تسخيرهم لأهدافنا. هذه هي الاستراتيجية العالمية الجديدة، لا تأبه للأخلاق السماوية أو أهداف منظمة الأممالمتحدة ولاحقوق الإنسان. سلبية الغرب والشرق تجاه ما يدور في سوريا والشرق الأوسط، ليست نتيجة ضعف أو قوة روسيا ودورها الجديد أو قوة ايران، بل استراتيجية من يقوم بذلك الدور في الشرق الأوسط، ويتحمل تبعاته المادية والمعنوية والبشرية بعد أن هيأ وصنع لها الغرب ضربة البداية وهو ما تقوم به روسياوايران. ماهي الفائدة التي ستعود للغرب والشرق من ذلك الدور سؤال يحتاج الى إجابة ؟. عقيد (م)