للفنان الراحل عبد العزيز محمد داؤود، أغنية تراثية رائعة، تقول بعض كلماتها:- قوم بينا.. خلاس قوم بينا حلو درب الطير في سكينة شي بديع يا ناس ***** ود الريل العاتي الفي خلاهو يتاتي أنا كان جنيت ما خاتي وهكذا تستمر الأغنية الجميلة التي كانت تَمجِّد (الشلوخ)، وتلك كانت لها صولات وجولات في خدود الحسان، وقد وصف الشعراء الشلوخ (التلاتة) و(المطارق) وتلك التي مثل (جدول المالية) و(النقرابي) و(العوارض).. ومن بينها (درب الطير).. وكان من السابقين لوصف الشلوخ شاعر البطانة الفحل محمد أحمد أبو سن (الحردلو) الذي تأوه شعراً يصل شغاف القلب مباشرة عندما قال:- البارح كلام الناس بدور يفرقنا كلو مرق كضب.. بعدين صفينا ورُقْنَا الدعجة أم شلوخاً ستة مالكة عْشُقّنا تتمايح مثل قصبة مراتع الحقنة. نعود إلى (درب الطير) وهو ذلك الشلخ الذي يشبه أثر قدم الطيور على الرمال، وهو أثر تمحوه الرياح بينما ذلك الشلخ الذي في الخدود يبقى.. والحمد لله أن هذه العادة الآن انحسرت تماماً ولم تعد تُجرى إلا على نطاق ضيّق لا يكاد يذكر، ونحسب أنها تختفي باختفاء الجهل واتساع دوائر الوعي. ما قادنا لاستخدام هذه النماذج، هو أنها كانت ذات سطوة في المجتمع ومع ذلك اختفت بما يمكن أن نسميه (الأغنيات المضادة) مثل ما قال به المرحوم حسن عطية (يا جميل يا جميل يا سادة) وما تغنى به المرحوم التاج مصطفى أو حتى ما كتبه بعض المحدثين أمثال المرحوم عوض جبريل في (الجميل السادة.. وضاح المحيّا).. وأخذ الرجال يتغنون للمرأة ذات الخدود المتوردة، وخاطب الشاعر محبوبته وهو يصف جمالها ب (ماشوهوك بفصادة).. والأمثلة كثيرة لمن أراد البحث. الآن يستوقف، ويستلفت مستمعي الإذاعة السودانية (مشاعل) غنائية تروّج لأن تبقى البنت (سليمة)، معافاة، أي أن تبقى كما أراد لها الله أن تكون سالمة غير مختونة، ويصحب المشاعل الغنائية دراما قصيرة مفيدة ومؤثرة، لكننا نحسب أن تأثيرها سيكون بطيئاً إذا لم نساعد هذه الحملة (الحساسة) بإدخال الجامعات وكليات البنات والمدارس لتكون جزءً من مسرحها الكبير.. وتفعيل القوانين التي تمنع هذا التشويه المتعمّد الذي يؤذي بناتنا نفسياً وجسدياً. أردتُ أن أحيي القائمين بأمر هذه الحملة الراشدة، وأن أحيي الإذاعة السودانية التي لم تزل حتى الآن من أقوى أجهزة الإعلام أثراً على الناس.. لكن المشكلة التي ستبطيء من تأثير هذه الحملة، هي أن الشعراء والفنانين لا يستطيعون الغناء حول الموضوع. وإلا فإن الدنيا ستقوم عليهم ولن تقعد.. ولكن مع ذلك ورغمه نتمنى أن تؤتي الحملة أُكلها، وأن تبقى الفتاة السودانية مثلما خلقها الله، وكما أراد لها أن تكون.. سليمة.