المخدرات مشكلة تعاني منها جميع المجتمعات، وهي معروفة بحالتها التقليدية منذ القدم، حيث تشير الدلائل الى أن بعض قدامى الشعوب قد استخدمتها في الأغراض الطبية، مثل قدماء المصريين واليونانيين.. ومع التطور العلمي والتقدم التقني بدأ ظهور مواد اصطناعية خطيرة للغاية، بعد أن كان الأمر محصوراً على شجرة الخشخاش التي يستخرج منها الأفيون والحشيش، وظهر بالإضافة الى هذه الآفات الكوكايين، وهو يُستخرج أو يُصنع من أوراق نبات الكوكا، كما ظهر المورفين ويستخلص من الأفيون، ثم الهيروين وغيره من المواد المخدرة الاصطناعية، المدمرة والفتاكة، ومع التطور في مجال الاتصال والمواصلات والمعلومات، التي أصبحت إحدى سمات هذا العصر، استفحلت للأسف الشديد ظاهرة المخدرات، ومشكلة إساءة استخدام المخدرات، وإن كنت لا أميل ولا أحبذ عبارة اساءة استخدام المخدرات، لأنها تعطي انطباعاً متساهلاً لخطورة المخدرات، بمعنى أن هناك إساءة، وهناك غير إساءة، وهذه العبارة رغم صحتها طبياً إلا إنني أقف عندها كثيراً، حتى لا يساء فهم المقصود، وهو النواحي الطبية والتي لا يجب أن تنسينا مخاطر المخدرات، أو تثنينا عن الهم الأكبر المتمثل بالتعاطي والإدمان، لأن الاستثناء فقط للأغراض الطبية والعمليات الجراحية، إلا أن الهم الأكبر هو التعاطي وخطورة المخدرات، لأنها أقصر الطرق للهلاك، والموت، والدمار، خصوصاً وأنها ظاهرة تتطلب التعامل الحاسم معها، بقدر ما تستحقه من اهتمام، وما تحدثه من مخاطر ودمار، ولابد من تفعيل دور جميع الأجهزة المعنية بالمكافحة والوقاية والعلاج، ولابد من تنشيط كافة قنوات التعامل، وقنوات التوعية الأمنية، والدينية، والتربوية، والتوعية الصحية والنفسية، ومعها جهود اجتماعية، وإعلامية، وتعليمية، وغيرها من أوجه التثقيف والتنوير والتوعية الوقائية، والتوجيه في خط متوازٍ مع جهود تنظيمات المجتمع المدني، وجهود قوات الشرطة في المكافحة، والوقاية، والمواجهة والمراقبة والمداهمة، وأيضاً الجهات المعنية بالعلاج من التعاطي والادمان، آخذين في الاعتبار الخدمات الصحية والعلاجية، التي تبذل من قبل الجهات المختصة لمعالجة المتعاطين والمدمنين، وإعادة تأهيلهم صحياً ونفسياً واجتماعياً، في تناغمٍ تام وحرص أكيد على الوصول الى نتائج إيجابية، أكدتها النجاحات التي تتحقق في علاج العديد من المدمنين والمتعاطين، الذين رجعوا الى المجتمع أصحاء يشاركون بحماس ونشاط في البناء، فلهم الشكر، والشكر موصول لكل من يبذلون الجهد، ويسكبون العرق، ويسهرون الليالي، من أجل راحة المواطن، وبسط الأمن في المجتمع، والأمان في ربوع الوطن، وبهذه المناسبة نناشد كافة وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، ومنظمات المجتمع المدني التعاون لوأد ظاهرة المخدرات في المجتمع، وعلاج المدمنين والمتعاطين، وأن تساهم جميعها كل وفق اختصاصاتها ومهامها في مواجهة ومكافحة هذه الآفة اللعينة، آفة المخدرات، وصولاً لمجتمع آمن خالٍ من المخدرات والمسكرات، والجميع قادرون بإذن الله على تحقيق النجاح المطلوب والله يحفظ الجميع.