جاء إلى مكاتب «الأهرام اليوم» الأخ عصام أحمد علي وهو متزوج وله ثلاثة من الأطفال، وشاء القدر أن يصاب عصام بالتهاب حاد في رجله اليمنى وسبب له جرحاً لم يندمل منذ السنة السادسة من عمره، وهو مداوم على علاج الالتهاب المزمن بعظمة الساق اليمنى، وقد أجرى أكثر من خمس عشرة عملية جراحية ما بين المستشفيات في كل من جمهورية مصر العربية والخرطوم وودمدني، فهو من مواطني مدينة ودمدني بولاية الجزيرة وهو شقيق سعادة الراحل المقيم الفريق أول فتحي أحمد علي القائد العام السابق لقوات الشعب المسلحة، جاءنا في مكاتب «الأهرام اليوم» يعاني كثيراً من المرض الذي لازمه ويقول إن ساقه في نزيف مستمر لمدة فاقت الثلاثة عقود من الزمان مما أعاق حركته وقلل نشاطه ومنعه من مزاولة عمله، حيث لا مصدر دخل له ليعين أسرته وأطفاله وكل ما يرجوه ويتمناه أن يرفع هذا النداء العاجل إلى رفاق درب شقيقه الراحل المقيم ويخص بالرسالة الإنسانية رئيس الجمهورية. ذهب منا إلى مدينته ودمدني وهو كله أمل ورجاء في الاطلاع على هذا النداء واتخاذ القرار السريع للاستجابة لعلاجه الذي أصبح هاجساً مؤلماً يؤرق منامه وراحته، فهذه حالته بين يديك الكريمتين في شهر البركات وشهر السباقين لعمل الخيرات، والدعوة مرفوعة أيضاً لكل أهل الشأن الصحي بالبلاد لتبني أمر علاجه، فهو يطلب فقط جهة تعالجه ولكم الأجر. عصام يقول إنه خاطب أكثر من جهة لمساعدته ولكن دون جدوى لذا كان عشمه من خلال هذا النداء كبيراً في زملاء الكفاح والسلام. ولا أذيع لكم سراً فالأخ عصام أحمد علي هو زميلي في المرحلة الابتدائية وأعلم أن ساقه كانت تعاني منذ ذاك الزمان، فلقد كنا وقتها في مدرسة جبرونا الابتدائية بمدينة ودمدني قضينا فيها ست سنوات هي أنبل وأروع أيام العمر وفترة الطفولة، كان يأتيني باكراً للذهاب إلى المدرسة منذ السنة الأولى، وكان نشيطاً للغاية في مجال الجمعيات المدرسية فحببني فيها، الآن أين هذه الجميعات المدرسية؟ أخيراً تحولت النواحي التعليمية لجمع المال فقط، وعندما نحكي لأبنائنا الآن الحالة التعليمية كانوا لا يصدقون ولهم الحق في ذلك، ما كنا نعرف الرسوم الباهظة ولا الدروس الخصوصية مدفوعة الثمن ولا التراحيل ولا التزاحم بالعربات الفاخرة التي يتباهى بها الطلاب أمام بوابات المدارس، أما وجبة الإفطار فما كنا محظوظين وقتذاك بما نراه الآن من بيرقر وهوت دوق وبيتزا ومقرمشات في كل وقت، كل هذا تذكرته عندما حضر إلينا عصام أحمد علي شقيق القائد العام السابق فتحي أحمد علي، وللذين لا يعرفون كثيراً والدهما أحمد علي فهو كان من أعيان مدينة ودمدني، رجل مكافح وصبور دأبه كدأب كل أب سوداني عطوف وشفوق فالتحية لمدني الجميلة ولذاك الزمن الطيب، مدني التي لا زالت مزدانة بجمالها وألقها بعد أن قدمت للسودان الكبير المبدعين والفنانيين والأدباء والشعراء. مدني التي يحكى لنا أن الزعيم إسماعيل الأزهري عندما زارها ذات يوم وأعجب بالحشد الجماهيري قال لهم اليوم إجازة وعندما صفقوا أردف قائلاً وغداً إجازة وعندما واصلوا التصفيق قال لهم وبعد غدٍ إجازة.