حينما وصلتني الدعوة من الأخ (عمر عشاري) مشرف المسؤولية الاجتماعية ب(سيقا) لحضور مؤتمر (تيد اكس الخرطوم 2012)، لم أكن بعد قد سمعت بهذا المشروع العالمي الكبير، وربما استحييت يومها من السؤال عن ماهيتّة وأهدافة وفحواه. اكتفيت بالفضول الذي تحرّك بداخلي ودفعني للحرص على الحضور لسبر أغوار هذا المؤتمر، وهو ما كان كافياً لأغرق في دهشتي وانبهاري وسعادتي القصوى بكل ما سمعته في القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة. كنت قد وصلت -على غير عادتي- مبكّراً لأنني شعرت من رقاع الدعوة بجدية القائمين على أمر هذا المؤتمر والتزامهم بإدارة الوقت بكفاءة عالية. كيف لا وأنا للمرة الأولى أرى في السودان متحدثاً تفرد له 18 دقيقة فقط للحديث عن تجربته الطويلة مع النجاح والتميّز فلا يكاد يتجاوزها، ولا يسمح لك بالتثاؤب أو الانشغال لأنّ الحكاية يكون فيها من التشويق والفائدة ما يسهم مع الجو العام للتنظيم في جعلك متيقظاً بكل حواسك لا تكاد عينك تطرف. وبالعودة للحديث عن المؤتمر - للذين لا يعرفون ماهيته - فإنه نشاط عالمي جامع يعمل على نشر الأفكار التي تستحق الانتشار، فهو إذن في الأساس مؤتمر أفكار يعرفنا على كيفية تطوير حياتنا لنعيشها بشكل أفضل من خلال التكنولوجيا والترفيه والتنظيم، حتى يتسنى لنا محاربة الفقر بآلية جديدة عبر تمليك وسائط المعرفة الذي يسهم مشروع الترجمة المفتوحة بالمنظمة في تفعيله بشكل أكبر، ولكم أن تعلموا أنه ورغم الانتشار الواسع ل(تيد) في معظم بلدان العالم فإنه من دواعي فخرنا وسرورنا أن يكون د. أنور دفع الله المحاضر بكلية علوم التقانة هو الأول على أكثر من 8000 مترجم متعاون، وذلك بعكوفه على ترجمة حوالي 700 محادثة إنجليزية للغة العربية مما جعل له الأولوية في فتح آفاق أوسع أمام جميع العرب في هذا الإطار. وكان المؤتمر المماثل الذي انعقد في العام المنصرم قد حصل على ردود أفعال إيجابية من مختلف بقاع الأرض، وتم اختيار المسرح الذي أقيم عليه الاحتفال يومها كواحد من أفضل المسارح من بين 3000 مسرح حول العالم، كما قام فريق الترجمة التابع لتيد اكس الخرطوم بترجمة كل اللوائح والقوانين الخاصة بتيد الأم ليتمكن اللاحقون جميعاً من التعرف بسهولة على التفاصيل. هذا العام واصل هؤلاء الشباب الرائعون مسيرة عملهم الطوعي رغم التحديات، وقدموا لنا مؤتمراً مميزاً يؤكد أن الخير فيهم لا يزال ويفتح عيوننا على مستقبل مشرق ويعيد السكينة إلى قلوبنا بهذا الشباب الواعد المهذب والمثابر الذي يتمتع بأفق واسع ويفكر بإيجابية، وهي الإيجابية التي اتخذوها شعاراً لهذا العام ليفاجئونا بكل هذا الإبداع الخيالي الذي يفتح سوق الشهرة والعمل على مصراعيه للكثيرين حالما وجدوا من المعنيين بالأمر من يؤمن بهم وبأن التغيير الحقيقي يبدأ بمجرد فكرة إيجابية. { تلويح: هذا كان جزءاً من نصيبي في المشاهدة، وأعلم أنه قد فاتني الكثير المثير من ذلك المؤتمر المميز والحافل، ولكن لنا عودة دائماً مع (تيد اكس) وشبابها الإيجابي من أجل التحسين. غداً نواصل.