«فتاة جيمس بوند» هو الاسم الذي أطلقته الصحافة الغربية على «آنا تشابمان» أحد أعضاء شبكة «التجسس» الروسية التي أعلنت الولاياتالمتحدة اكتشافها الأسبوع الماضي، ويبدو أن للتسمية ما يبررها، فالفتاة التي لا يزيد عمرها عن (28) عاماً جمعت كل مواصفات «الجاسوسة الناجحة»، من جمال أخّاذ أقرّ به كل من عرفها عن قرب، وقدرة على الإقناع وكسب قلوب من حولها، إلى مهارة في تولي المهمات الصعبة، واتخاذ القرارات الصحيحة في اللحظات الحرجة، وقوة التركيز، وتمكنها من نسج شبكة علاقات واسعة. وكانت السنوات الخمس الأخيرة ذاخرة بالأحداث بالنسبة إلى «آنا» التي تنقلت خلالها بين بريطانيا وروسياونيويورك، فاتحة الأبواب في كل مكان لتطوير مشاريعها كسيّدة أعمال من الطراز الأول. ويصرّ كل من عرف «الجاسوسة الحسناء» في روسيا أنها لا يمكن أن تكون عميلة لجهاز استخبارات، إذ وضعت دائماً عملها فوق كل اعتبار، وكانت في كل مجال دخلته «سيدة أعمال من الطراز الأول»، ونشأت «آنا» في مقاطعة «كاليننغراد» الروسية، ووصلت إلى موسكو نهاية تسعينات القرن العشرين طالبة في جامعة «الصداقة بين الشعوب» في كلية الاقتصاد. وقال مصدر في الجامعة إنها حصلت على البكالوريوس في الاقتصاد، ويبدو أن هذا التطور كان حافزاً لانطلاقتها بقوة، إذ تزوجت في تلك الفترة من بريطاني، وانتقلت إلى لندن للعمل في إحدى الشركات المتخصصة في بيع الطائرات الخاصة قبل أن تعمل في مصرف «باركليز»، ويشير مقربون منها إلى أنها اشترت قبل شهور، شقة جديدة في حي راقٍ في موسكو، ما يعني أنها كانت تعد للعودة والاستقرار في بلادها. وقد انتقلت «آنا» إلى نيويورك قبل نصف عام فقط كما يؤكد معارفها في موسكو، وهناك أسست وكالة خاصة للخدمات العقارية تعمل بين روسياوالولاياتالمتحدة، وموجهة بالدرجة الأولى لخدمة العملاء الناطقين بالروسية. وبالنسبة إلى «جاسوسة» فإن حجم المعلومات الذي توافر فجأة عنها يبدو مريباً، خصوصاً أن أشخاصاً عديدين ظهروا وأدلوا بتصريحات عن مسار حياتها ومراحل صعودها سلم الأعمال، ونجاحاتها في مشاريع مالية. ويعزي بعضهم ذلك إلى «طغيان شخصيتها وحضورها الأخّاذ، ما يجعل أي شخص عرفها ولو مصادفة لا ينساها أبداً»، وتبين أن الفتاة كانت من أنشط السيدات الأعضاء في «نادي رجال الأعمال الشباب في موسكو». وعلى الرغم من عزوفها عن النشاط السياسي في روسيا، تشير معلومات زملائها إلى أن آنا تشابمان عمدت منذ وصولها إلى الولاياتالمتحدة إلى توسيع اتصالاتها بقوة، ليس فقط في أوساط رجال المال والأعمال بل كذلك في الأوساط السياسية ومع موظفي الدولة والفعاليات الاجتماعية. ويعتقد بعضهم أن هذا الأمر لفت أنظار الأجهزة المختصة إليها. و»الجاسوسة الحسناء» كريمة دبلوماسي روسي شهير حيث عمل والدها سفيراً لبلاده في عواصم إفريقية، بينها كينيا. وهناك من اعتبر أن نشاطه الديبلوماسي «لم يكن بعيداً تماماً من نشاط الأجهزة».