أجرت قناة «روسيا اليوم» الفضائية – وهي هيئة إخبارية إعلامية ناطقة باللغة العربية تابعة لمؤسسة «تي في نوفوستي» المستقلة غير التجارية – أجرت حواراً مع رئيس لجنة الشؤون الدولية التابعة للمجلس الأعلى للبرلمان الفدرالي الروسي، السيد ميخائيل مارغيلوف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص للسودان. واستعرضت القناة – التي بدأت بثها في الرابع من مايو عام 2007 – مع المبعوث الخاص الأوضاع في البلاد المقبلة على مرحلة مفصلية على خلفية الاستفتاء وتقرير المصير المزمع مطلع يناير المقبل، ويضع ضيف القناة خطط وسياسة بلاده في التعامل مع الملف، كما يتناول مارغيلوف خلال الحوار تفاصيل ما دار في الاجتماع الأخير بالفاشر بوصفه أحد المشاركين في الملتقى الذي انعقد مؤخراً بحاضرة شمال دارفور لمبعوثي رؤساء الدول الى السودان، معاً نتابع ما أدلى به: { ما هو تقييمكم للقاء الفاشر؟ - هذا اللقاء يعد من أرفع اللقاءات مستوىً في الفترة الاخيرة، واول لقاء يعقد بعد اجراء الانتخابات العامة في السودان. وتلخصت المهمة في معالجة اوضاع ما بعد الانتخابات وسبل تسوية قضية دارفور والاطلاع على التطورات الاخيرة في الدوحة ونشاط صاحب الوساطة الدولية جبريل باسولي. أما بالنسبة الى الممثل الخاص لامين عام الاممالمتحدة ابراهيم قمباري فان هذا اللقاء كان بمثابة عرض لآخر جهوده المبذولة لحل هذه القضية. يبدو لي ان لقاء الفاشر كان ناجحا برغم بعض العوائق التي رافقته. { كيف تنظرون الى تغيب مبعوثي الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا عن اللقاء والاكتفاء بحضور السفراء؟ - يعد مستوى السفير عاديا في حال تعذر حضور مسؤولين على مستوى أعلى. يواجه الفرنسيون مشكلة بسبب مغادرة مندوبهم الخاص في الدوحة ونقله الى موقع آخر ولم يستطيعوا تأمين من يمثلهم في هذا اللقاء. وقد تم تعيين مندوب بريطاني جديد في السودان سبق له ان عمل قبل ذلك في افغانستان. وقد عبرت السفارة البريطانية عن أسفها لعدم حضوره لاسباب تقنية. اما المندوب الامريكي فلديه مبرراته ايضا. لكن الشركاء الصينيين والسودانيين تمنوا حضور الجميع لان الحديث بالفعل كان ممتعا وعميقا وحضور مندوبي كل من الصين و روسيا والاتحاد الاوروبي والنرويج والنمسا وفنلندا والسويد وعدد من البلدان الاوروبية الكبيرة ما هو الا تأكيد على المستوى العالي للتمثيل. او بمعنى اخر فان هذا اللقاء لم يعقد من اجل اللقاء فحسب بل تضمن حديثا موضوعيا ومهما. { من أين ظهرت فكرة ذهاب المبعوثين الخاصين الى قطر؟ - إن جهود قطر على الصعيدين العربي والإفريقي واضحة، وفي الفترة السابقة ساعد وزير الدولة للشؤون الخارجية في قطر في تنظيم عملية توقيع البروتوكول حول وضع الحدود بين جيبوتي واريتريا، أي بمساعدة قطرية قد تم حل احدى أهم المشاكل الأفريقية التي قد تتحول إلى نزاع مسلح. وبشكل عام تلعب قطر دورا ايجابيا في عملية التوصل إلي تسوية قضايا السودان الداخلية، ولذلك ليس مستغربا ان يقوم ممثلو عدد من الدول بمن فيهم ممثلو الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن بزيارة الدوحة دوريا لتبادل وجهات النظر مع القيادة القطرية. { كيف ترون الوضع الحالي في دارفور على خلفية أعمال العنف التي وقعت هناك ابان الانتخابات؟ - وفقا لانطباعاتي، كل مرة ازور فيها دارفور استطيع المقارنة بين ما اسمعه واراه واشعر به الآن، وبين ما رأيته عام 2006 واستطيع ان اجزم بان الاوضاع تحسنت. الانتخابات جرت في السودان بشكل متباين، وبرغم ذلك دخل خمسة من ممثلي النخب السياسية من دارفور في تشكيلة الحكومة السودانية الجديدة. في المقابل توجد بعض المجموعات التي لا تريد المشاركة في العملية السياسية، وهي جماعات مناوئة لحكومة الخرطوم، كما تنتشر في دارفور الجريمة المنظمة والمجموعات المسلحة التي تستخدم شعارات سياسية معتبرة نفسها مناضلة ضد النظام ولكنها تبقى في النهاية عصابات مجرمة. اليوم الخرطوم والمجتمع الدولي يبذلان قصارى جهدهما من اجل ايجاد تسوية سياسية في دارفور ومن المؤسف ان خليل ابراهيم وعبد الواحد نور وهما زعيما اكبر فئات المعارضة لا يشاركان في هذه المفاوضات. وهكذا فقد نصبح امام مشكلة تتمثل بان الجميع قد اتفق ولكنَّ زعيمي اكبر فئات المعارضة لم يشاركا. وهذا بحد ذاته تحدٍّ امام الخرطوم وامام المجتمع الدولي، هل سيحاولان العمل على اشراكهما في المفاوضات او سيتم تهميشهما ويقال حسنا، لا تريدان المشاركة فسنتفق بدونكما؟! على الاقل الابواب جميعها مفتوحة الآن ومن الواضح تماما انه في مصلحة الخرطوم والرئيس البشير حل قضية دارفور قبل الاستفتاء في يناير المقبل. { ما هي توقعاتكم بشأن الاستفتاء الذي سيجري حول جنوب السودان؟ - ما يخص اجراء الاستفتاء نفسه فطرح سؤال هل هذه الفترة كافية ام لا، لا معنى له. فالاتفاقية الشاملة تنص على اجراء الاستفتاء وكما قال احد القادة العظماء، قرطاج يجب ان تُدَمر اي ان الامر محتوم. ولكن السؤال الآخر المهم هو، هل ستكفي هذه الفترة من اجل جعل فكرة توحيد البلد اكثر جاذبية، هنا يكمن السؤال. انا لا اود ان اتكهن بنتائج الاستفتاء، هذا غير صحيح ولا يجب ان يُقبل بالضغط على هذه القوى السياسية او تلك في السودان أكانت في الشمال او في الجنوب، بغض النظر عن جميع الامور، روسيا والمجتمع الدولي سيحترمان خيار الشعب السوداني شرط ان يكون هذا الخيار قد جرى وفقا للقوانين والشرعية الدولية. الانتخابات جرت وهي جزء لا يتجزأ من الاتفاقية الشاملة وجرت هذه الانتخابات بشكل طبيعي وسلمي وبالنسبة لي فالأمر المهم ان الانتخابات لم تتحول الى نزاع مسلح ولم تؤدِّ الى اراقة الدماء. في حقيقة الامر ووفقا للاعراف الافريقية هذا نجاح منقطع النظير. ما يخص تنمية السودان بعد الاستفتاء هناك جهود كبيرة تبذل من اجل ان يبقى جنوب السودان موحدا مع الشمال وخصوصا من الناحية الاقتصادية، ولكن كيف ستكون صيغة ذلك.. لا اعرف، هل ستكون صيغة جديدة للاتحاد الكونفيدرالي؟ او سيكون اتحادا كونفيدراليا مرنا؟ السودانيون هم اصحاب القرار وليس نحن. علينا فقط المساعدة في توفير الظروف لذلك.