أقول دائما إن الإنسان السوداني إذا احترمته وأكرمت عزيز قوم ذلّ وتجاوزت أخطاءه فحتما ستكسبه لجانبك والعكس صحيح. أننا أشد حاجة للقول الحسن والتعامل الأحسن المفضي للترابط والتعاون والسلام والاستقرار. إما يحدث بين الفرقاء من تراشق بالألفاظ والصراعات، فإن الشيطان ينزغ بينهم ويزين لهم أسباب الصراعات حين يرى كل طرف أنه على حق فتقع الضحايا وتسيل الدماء فنفقد الأعزاء وتتبدد الثروات والموارد، ويتدخل الخارجي ليحقق مصالحه فتلك طبيعة المواجهات عندما لا نحسن التصرف ولكن حين نسمع قول ربنا في كتابه العزيز (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذين بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم) قد نجده توجيها صعبا على أنفسنا الأمارة بالسوء إلا من رحم. ولكن ما هو البديل؟ هل الاستمرار في الصراعات والمواجهات التي تهلك الحرث والنسل وتفتح الباب للأجندة الخارجية التي تستغلنا جميعا فنفقد المزيد، أم الأفضل والأوفق ان نتعامل تعاملا حضاريا وحكيما؟. أرى أنه آن الأوان أن تهدأ النفوس و يحدث حوار جاد ليس بين الحكومة وموسى هلال وحسب، بل مع كل الحركات المسلحة والقوى السياسية.. ليس في دارفور وكردفان وحسب فهناك الشرق يشتكي من سلحفائية تنفيذ ما اتفق عليه. ولا شك عندي انه بحسن التعامل مع موسى هلال وهو في أسره بعد هزيمته عسكريا يجب ألا يكون سببا في هزيمته نفسيا وسياسيا فلا نعين الشيطان عليه، ولعل ذلك يحفز الحركات المسلحة ويعطيها إشارة حقيقية بأن تقبل بالحوار السلمي وتعود إلى منضدة الحوار الجامع الجديد ليكتمل الحوار الحالي الذي ينقصه عدم شموله وسلحفائيته وضعف الصدقية فيه من قبل الآخرين. ان أكبر أسباب ازدياد الحروب هو الانتقام وإذلال المهزوم، هكذا يحكي التاريخ، لقد أثار الشعور القومي لدى الألمان عندما شعروا بالمهانة من اتفاقية الاستسلام أن استجابوا للتطرف النازي. فهكذا تفعل الهزائم والتعسف في استخدام السلطة. الصلح خير وعواقبه مفيدة والعكس صحيح فدعونا نستجيب لداعي المصالح الوطنية العليا بديلا عن المصالح الشخصية والحزبية الضيقة و لا ندع نوازع النفس الأمارة بالسوء تقودنا، فذلك أكفل للسلام والاستقرار والحكم الرشيد بل تجاوز الأوضاع الاقتصادية الحالية التي نحاول الخروج منها بسياسات وقرارات جزئية تفتقر للشمول والواقعية والحوافز الإيجابية، فلم يؤكد لنا التاريخ الاقتصادى أنه يمكن أن ينتعش اقتصاد دولة ما بوسائل إدارية بحتة أو بالعقوبات القانونية والتعسف فيها.. الثقة بين السلطة والمواطن وأهل الكسب والصنائع، والسياسيات المناسبة هي أكفل لنهضة اقتصادية.. دونكم الاتحاد السوفياتي الذي انهار فجأة بسبب التحكم الاقتصادي والفساد.. لنبحث عن اختراق حقيقي وتفكير جديد خارج الصندوق.. فليست لدينا مشكلة اقتصاد تتعلق بالموارد والثروات الهائلة التي نمتلكها فنحن بلد غني.. مشكلتنا هي (وهم الفقر) وكيفية إدارة الاقتصاد.