تحركات ماكوكية يقوم بها رئيس مجلس الوزراء القومي، وزير المالية، (معتز موسى)، في مساحات واسعة وقف من خلالها بنفسه على عمل مؤسسات بالدولة وبعض الولايات، آخرها زيارته غير المعلنة أمس الأول لولاية البحر الأحمر للوقوف على عمليات تفريغ بواخر نفط، علاوة على زياراته للمخابز قبيل أيام لمعالجة أزمة الدقيق، الأمر الذي جعل مراقبين يذهبون إلى أن تحركات (موسى) تشوبها تقاطعات مع بعض مؤسسات الدولة لاسيما رئاسة الجمهورية، خاصة وأن الولايات تتبع مباشرة لرئيس الجمهورية، فيما عد آخرون تحركات رئيس الوزراء أنها بمثابة إلغاء لأدوار جهات ذات صلة بتلك الملفات. ما هي مهام رئيس الوزراء؟ التعديلات الدستورية الأخيرة حددت مهام رئيس الوزراء عبر المادة (72) بالرقم (ا) حيث تنحصر المهام في أن يرأس مجلس الوزراء القومي، ويدعو مجلس الوزراء للانعقاد ويضع جدول أعماله وينفذ السياسات العامة التي يضعها مجلس الوزراء القومي، وينفذ القوانين ويعمل على حماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة بالتنسيق مع الجهات المختصة، ويشرف ويتابع مع الجهات المختصة لإعداد الموازنة العامة للدولة، إضافة إلى إشرافه مع الجهات المختصة لإعداد مشروعات القوانين، كما يتابع أعمال الوزارات والهيئات العامة، وينسق بين الوزراء ويصدر التوجيهات العامة لضمان سير العمل ويصدر القرارات الإدارية وفقاً للقانون، ويتابع تنفيذها، ويطرح السياسات العامة للحكومة أمام المجلس الوطني، ويوصي لرئيس الجمهورية بإعفاء أي وزير قومي أو وزير دولة كما يقوم بأي مهام أخرى يكلفه بها رئيس الجمهورية. وبالمقابل يتبع ولاة الولايات بصورة مباشرة لرئاسة الجمهورية، خاصة بعد إجراء البرلمان تعديلات دستورية في العام 2014م ألغى بموجبها المادة المتعلقة بانتخاب الولاة انتخابات مباشرة وجعل من ضمن مهام واختصاصات رئيس الجمهورية أن يقوم بتعيين وإعفاء الولاة، وبذلك ووفق تقسيم الاختصاصات الواردة في الدستور فإن ولاة الولايات ليسوا جزءًا من مجلس الوزراء، ولكن يوجد وزير مسؤول عن الولاة يقدم تقريرًا راتبًا عن الولايات وأداء الولاة المعينين فيها وهو وزير الحُكم الاتحادي. دعم الرئيس ربما تفاقم الأزمات الاقتصادية المتلاحقة على رئيس الوزراء واقتراب المواقيت التي ضربها لحل تلك الأزمات كان سبباً في تحرك الرجل في اتجاهات متعددة من أجل وقف زحف المشكلات التي ظلت تؤرق موسى كثيراً، وتعد حجر عثرة أمام برنامجه الذي يسعى جاهداً لتحقيقه قبل 2020 . لكن هنالك من يذهب إلى أن رئيس الجمهورية طالق إيد (موسى) بأن يتحرك في مساحات واسعة حتى وإن كانت ليست من مهامه، وأن سفريات معتز للولايات بإيعاذ من الرئيس (البشير) الذي يعول عليه في حل كثير من المشكلات، وقيادة ثورة الإصلاح التي انتهجتها الدولة في الآونة الأخيرة. أزمة الثقة كما أن تحرك (معتز) في ملعب آخرين يبرهن بما لا يدع مجالا للشك أنه لا يثق في الشخصيات المسؤولة عن الملفات التي يحرص على متابعتها بنفسه ميدانياً، مما جعل مراقبين يصفوها بحكومة (الرجل الواحد)، مشيرين إلى أن اليد الواحدة لا تصفق، ومن الضروري أن يعتمد رئيس الوزراء على الجماعية في أداء حكومته حتى يصل إلى ما يصبو إليه، وإن كان ليست لديه ثقة في بعض المسؤولين عليه باتخاذ قرارات جريئة بإعفائهم والاتيان بمن يثق بهم . تقاطعات واردة ولم يذهب المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعوري بعيداً عن ذلك، وقال لا اتوقع أن تكون تحركات رئيس الوزراء دون علم رئيس الجمهورية، وقال إن نشاطه يأتي من باب أنه مساعد لرئيس الجمهورية للعمل التنفيذي، وأضاف أن التقاطعات بين أهدافه والآخرين واردة، وإنه سيجد مشاكل حيال تعند ورفض جهات لما يقوم به، وقال الساعوري ل(آخر لحظة) «الشغل شغلو وهذا هو التحدي الكبير الذي سيواجهه»، وأشار إلى أن (معتز) يريد أن يقوم بإصلاح في كل المناحي، لذلك لابد أن يكون مستعداً وعلى علم بأنه سيواجه تقاطعات مع متنفذين ووزراء وسياسيين، وقال حسن من الضروري أن يكون لرئيس الوزراء خطة واضحة لكيفية التعامل مع من يعترضه، مضيفاً أن نجاحه مرتبطاً بهذه الخطة، وشدد على ضرورة أن يستفيد من الغالبية الميكانيكية في المجلس الوطني لتمرير سياساته، وقال الساعوري (إذا استطاع أن يؤمن نفسه من المجلس ورئيس الجمهورية، عليه بمواجهة من يعترضوه وإلا سيفشل في المهمة).