كنا نتكلم قبل سنوات بأن الوضع الإقتصادي سيخرج الناس عن طورهم وكانوا يضحكون من تحليلاتنا البيئة الإقليمية خائفة من الديمقراطية في السودان وتريد دولة عسكرية ضعيفاً الغاء قانون النظام العام ليس القضية السعودية تعلن عن دفعها 4 مليار ووزارة المالية تقول إن خزائنها لم تستقبل قرشاً واحداً حين استلم معتز كان الدولار في حدود ال(35) جنيه والآن في أفق ال(70) وهذا نتائجه خطيرة جداً على الدولة منذ منتصف ديسمبر من العام الماضي دخل السودان منعطف خطير ، ونسبة للأحداث التي يشهدها أصبح مستقبله بل وحاضره متحرك مفتوح على كل الإحتمالات ، (الجريدة) فتحت نقاشاً هادئاً حول تفسيرات الحاضر ومالآت المستقبل فكان حوار مع البروفسير حسن مكي ، الذي وضع الكثير من الأبعاد المتعلقة بالسيناريوهات القادمة ومواقف الأحزاب والقوى الدولية بالاضافة الى حظوظ الإسلاميين وتحليل مواقفهم . شهران مضيا ومازالت الاحتجاجات مستمرة ما هو تقييمك والسيناريوهات المتوقع حدوثها خلال الفترة القليلة المقبلة ...؟ ليس هنالك نظام كي تفاوضه أو تتكلم معه حتى داخل الحركة الأسلامية ، بل حتى داخل مجموعة القصر (نواب الرئيس وغيرهم) لا يمكن أن تصل إليهم للنقاش في مسألة سياسية ، اعتقد بذلك أن الفجوة تزداد كل يوم ما بين القيادة والدولة وليس الجماهير ، مثلاً الفجوة تزداد ما بين الضرائب والدولة فالذين يسددون الضرائب إنخفضوا الى أكثر من النصف ، اذا كان الدولة اصلا تشكو من تدهور العائدات الاقتصادية فكيف يكون الوضع حينما يتدهور الأداء الضرائبي ، وكذلك الجمارك مع الدولار الجمركي تعيش حالة بيات.. نسبياً الإيرادات تنخفض في الجمارك أكثر من النصف في وقت تدخل فيه وتخرج البضائع التي معظمها إما تهرب أو جاءت عن طرق أخرى بمعنى تم تسريبها من الداخل وكما يسرب الذهب عبر مطار الخرطوم يتم تسريب البضائع من كل ثغور السودانية الرسمية وغير الرسمية ، نحن نتجه الى نظام اللا دولة بهذه الطريقة ، وكذلك الأمر في البنوك التي كانت يوم من الأيام مزدحمة بالداخليين والخارجيين من أجل الإستثمار من أجل فتح الحسابات والودائع من أجل الحصول على أرباح لكن الآن البنوك كأنها مكان للتصفية ، فالناس يبعون أموالهم بيع مخفض ، البنوك الآن ليست مكاناً للإدخار أو الإيداع أنما هي مكان للسحب وحينما يستمر السحب بهذا الصورة سيأتي اليوم الذي تكون في الحكومة غير قادرة بالوفاء حتى بمرتبات حتى العاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية ، لا يوجد إقتصاد والدولة مهددة ، لذلك الحضور الآن ضعيف وسط الناس، وكل يوم الفجوة تزداد ما بين قيادة الدولة ومؤسساتها دعك ما بين الدولة والمجتمع دعك ما بين الدولة والشباب . *السيناريوهات المتوقعة ...؟ المآلات واضحة لان النتيجة التراكمية لهذه المسألة ستؤدي الى إعصار ، نحن كنا نتكلم قبل سنوات عن الوضع الإقتصادي سيخرج الناس من طورهم فما أحد يلتف كانوا يضحكون من تحليلاتنا ويبتسمون ويعتبرون أننا في وادي بعيد ، الآن أقول أن تراكم الضغوط على المواطن وتحول الناس الى إقتصاد اللادولة سيؤدي الى عواقب وخيمة ، سنواجه بإضراب سياسي ، بل أعتقد أن الإضراب حادث لكنه يأخذ معاني أخرى ، سنواجه بعصيان مدني الذي هو الآن حادث لان الناس يعصون الدولة ولا يودعون أموالهم في بنوكها وخزائنها ، لا يشترون ولا يبيعون بأسعار الحكومة للدولار ويلجاؤن للتهريب والرشاوى وغيرها من الوسائل الغير معترف بها للحصول على ما يردون من التسهيلات وبالمقابل كثير من ناس الدولة يبيعون خدماتهم ، وبدل تدخل الأموال الدولة تتحول الى جيوبهم هذا مسائل لا بد من الوقوف عندها والنظر إليها بعين الاعتبار ، الحكومة تتحدث عن ضرورة البيع عبر بطاقة الصرافات الآلية لكن كثير من المحلات والهيئات الحكومية ترفض ، الدولة قالت (مافيش) تواصل إجتماعي كل الناس أو حوالي تسعة مليون سوداني عصوا أوامر الدولة وتحول من التواصل عبر (سيستم) الدولة الى نظام خارجي (vpn) وغيرها هذه بدايات عصيان وتمرد على الدولة –اذا لم يتم تداركها- التي تتكلم عن خمسة مليون مؤيد ، ونتسأل الآن عن من في الخمس مليون يمكن أن يبع ويشتري الدولار ب(48) جنيه ، من فيهم لم يلجأ الى وسائل التواصل الاجتماعي القائمة على الإمبريالية وربما رئيس الوزراء نفسه يعتمد على وسائل التواصل الأجتماعي وربما مدير الإتصالات. هنالك عصيان جزئي سيتطور بعد مدة ، كنا نستبشر بالشاب (معتز) لكن والقياس للأداء الإقتصادي بالدولار حينما أستلم رئيس الوزراء كان الدولار في حدود (35) جنيه الآن في أفق ال(70) وهذا نتائجه خطيرة جداً والدولة لا تعرف ذلك ، هذا الوضع يعني أن (معتز) من تسلمه إنخفضت مرتبات العاملين في الدولة بنسبة (50%) بمعنى إذا كنت تصرف ثلاثة الف جنيه كانت تعادل حوالي مئة دولار الآن ذات المرتب يساوي (40) دولار . . *برأيك هل ثمة حلول في يد النظام لهذه الأزمة ..؟ نعم أعتقد ذلك ، النظام لديه حل كما قال ابراهيم غندور وزير الخارجية السابق أن أهل السودان عقلاء وكل زعماء الحركات السياسية عقلاء بل وحتى رئيس تجمع المهنيين محمد يوسف أحمد المصطفى هو قريب الرئيس ومن صراصر ومعتز من صراصر ، (ضحكة! واسترسل) هذه (شكلة من داخل الحوش) ، إذا كان أكثر الناس تطرفاً الان هو الصادق المهدي هوراجل معقول وكذلك الجزولي دفع الله ، والأطباء الذين هم وقود الاحتجاجات حقيقةً معقولين يريدون من يتكلم لكن ليس هنالك كلام الآن ، فالحكومة لم تقدم تنازلا ..وفي المقابل الآن هناك ندوة تقام في الدوحة وأطرافها الحكومة والمعارضة حول مالآت الوضع السياسي في السودان وكان من المستحيل إقامتها هنا لان مثلاً مجموعة الجزولي دفع الله اضطرت الى إقامة مؤتمرها الصحفي في منزله ومجموعة التغيير اقامته في بيت الصادق المهدي ، أيهما أفضل للحكومة أن تقام هذا المؤتمرات واللقاءات في إطار حاضنة حكومية أم تتم خارجاً . * كيف تقيم خطاب الحكومة والمؤتمر الوطني تجاه الأزمة هل يلامس جوهر المشكلة ...؟ المؤتمر الوطني ليس له خطاب ، حتى اذا نظر الى حديث أحمد بلال وهو كلام معقول لكن ما وراءه يقول (يا ناس هوي أنا وزير داخلية صوري ما انا البطلع الأوامر ولا غيره أنا صوري وافتكر مطالب الشباب عادلة وحق التظاهر مكفول لكن يا ناس انتو عارفين في ظل النظام دا الوزير صورة ومدير الشرطة صورة) . *قانون النظام العام بحسب قيادات الدولة الآن يعتبر أحد الاسباب التي صادرت الحرية من الشباب ودفعته للإحتجاج كما أنه مخالف للشريعة الإسلامية .. ما تعليقك ..؟ الغاءه او بقاءه هي قضية جزئية ، القضية قضية الحريات والديمقراطية والفساد في الدولة ، القضية هي قضية السعودية أعلنت أنها دفعت أربع مليار دولار وربما الإمارات نفسها وبنك السودان وزارة المالية يقولان لم تدخل خزائنهم قرش واحد منها ، القضايا الكبرى . هل تعتقد أن الغاءه سيوسع دائر الإحتجاج ضد النظام باحتمال أن ذلك سيؤلب السلفية وغلاة الإسلاميين ...؟ لا لا توجد سلفية ، شيخ السلفية نفسه الأن في (قروشو) (الفي البنك) . *المعارضة السودانية توحدت وتحلقت حول تجمع المهنيين في إصطفاف جماهيري جديد ضد النظام هل سيؤتي ذلك أكله ويساعد في نجاح الثورة ...؟ تحلقت المعارضة لانها كانت بدون ساق ولان الحكومة ضربت طوق على المعارضة وفي فترة من الفترات تفشت القبلية والحروب العنصرية ، الآن المعارضة فجأة انتبهت بعدما برز الشباب يلتف حول لافتة افتراضية لذلك المعارضة هرعت لتنال نصيبها من جمهور هذه اللافتة الإفتراضية واحسنت بذلك . *الواضح أن الحراك الآن يقوده الشباب وأن كثير من الفئات مازالت بعيدة وهنالك من يتخوف من السيناريو السوري ، ما هي الدواعي وهل نحن حقيقة بعيداً من مصائر الشعب السوري ..؟ لا أظن انه سيكون هنالك سيناريو (سوري) ، لان هذا السيناريو نفسه كانت فيه حركات مسلحة تدعمها دول الجوار ك(القاعدة النصر وغيرها) ، الخليج كان يريد القضاء على نظام بشار الأسد لانه يعتقد أن واجهة إيرانية وهم لا يسمحون بذلك في منطقة إستراتيجية مثل سوريا ، بل مسألة إيران هذه دفعت دول عربية وخليجية لإعادة قراءة أمنها القومي بدلاً من أن تكون (إسرائيل) هي العدو أصبحت (إيران) ، عموماً السودان ليس في خط مواجهة مع إيران وليس فيه حكومة موالية لإيران بل الحكومة السودانية تحارب في اليمن ، كانت هناك مشاكل سياسية في دارفور وخفت بنسبة (70%) وأصبحت هنالك حركات موالية بإستنثاء (مناوي ، والعدل والمساواة) وهذه يمكن يدار معها حوار وهي تعرف أن موازين القوى ليست في صالحها ، كما أنها حركات في جنوب كردفان والنيل الأزرق وهي تعلم أنها الوضع لان الموازين ليس في صالحها وأن دول الجوار لان تدخل في حروب من أجلها . *المتابعون للحراك يقولون أن تفاعل المجتمع الدولي مازال ضعيفاً هل تتفق مع هذا الحديث واذا كان كذلك ماهي الأسباب ..؟ لا أعتقد تفاعل المجتمع الدولي ضعيف ، هل نريد أن تفاعل المجتمع الدولي كما حدث مع (كتشنر) يدخل بجيشه ، المجتمع الدولي فارض عقوبات إقتصادية وشخصية على (51) فرد من قيادات الإنقاذ والآن الإذاعات والقنوات و وسائل الميديا تعرض ما يتم ويحدث ، صحيح أن العالم لديه قضايا أخرى والسودان دولة هامشية ، صحيح اذا كانت هذه المسألة في مصر أو تونس ربما كانت لقيت رواج ومتابعات أشد ، لكن عموماً العالم مهتم . *كيف تنظر للحديث حول صراع القوى الاقليمية وإشتراطاتها لدعم الحكومة معسكر (السعودية ، مصر ، الإمارات) الذي يطالب بتصفية الإسلاميين من السلطة ومعسكر (مصر ، تركيا) المطالب هو الأخرى بتنحى النظام ...؟ البيئة الإقليمية خائفة من الديمقراطية في السودان ، وهي تريد دولة عسكرية وهي كما يقولون (زمنا فات وغناي مات) أن يكون في نظام عسكري ودولة إستبدادية ، القوى الإقليمية اي كانت التي تبحث عن نظام غير ديمقراطي في السودان تخاطب الممكن ، أعتقد الذي سيحدد الساحة السودانيون . *وماهو دور دول الجوار في الأحداث ...؟ ستؤثر علينا ، لكن اعتقد ان هذه ليس المهم الجبهة الداخلية والحراك الداخلي الذي يعتبر مثل المعجزة لان هذا الحراك بدأ في عطبرة من طلاب مدارس ثانوية ثم إنتقلت الى بقية القطاعات لكن البيئة جاهزه ، مثلاً اذا (جبت)(فتيل) او (عود كبريت) أو (عقب سجائر) والقيته في تراب سيموت لكن اذا القيته في محطة بنزين سينفجر حريق كبير ، والبيئة كانت جاهزه للحريق . الجريدة