جاء على لسان وزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود في حوار أجرته معه «الإنتباهة» أن الأيام القليلة القادمة ستشهد فتح المعابر بين دولتي السودان وجنوب السودان باعتباره بداية حقيقية لتنفيذ اتفاق الحريات الأربع الذي بدأ تنفيذه فعلياً حسب الوزير، حيث نشطت حركة الطيران بين الدولتين الأمر الذي أثار تساؤلاً لدى البعض «هل المعابر مقفولة أصلاً عشان يفتحوها»؟ والسؤال يبدو منطقياً بالنظر إلى «أكوام» الجنوبيين المتكدسة في «تفتيش الشجرة» بالخرطوم وفي ميناء كوستي الجاف دون أن يخشوا مضايقة من السلطات التي أكدت قبل انفصال الجنوب على لسان وزير إعلامها كمال عبيد أنه إذا صوت الجنوبيون للانفصال فلن يحظوا بأي حق «ولو حقنة»، وكان أولى بالدولة أن تغلق المعابر بعد خروج آخر جنوبي ثم تتحدث بعد ذلك عن إعادة فتحها. وشهد يوم 18/9/ 2011م توقيع اتفاق أمن الحدود بين السودان والجنوب، ويعتبر الاتفاق الأول بعد الانفصال في يوليو 2011م، وهي عشرة معابر حدودية داخل منطقة منزوعة السلاح على جانبي الحدود، وقد اعتمدت اتفاقية السلام الشامل لعام 2005م خط هذه الحدود وفق حدود عام 1956م، ورغم ان الاتفاقية أنهت الحرب إلا أنها لم تستطع أن تنهي كل الخلافات المتعلقة بترسيم الحدود بين الدولتين، ولكنها عوضاً عن ذلك خلفت نقاط توتر ساخنة هددت التعايش الاجتماعي القائم في مناطق التماس الذي أسسته الجماعات القائمة في تلك المناطق على مر التاريخ، وقد أثارت التقسيمات السياسية الجديدة مشكلات ملكية الأرض واستخدامها وحقوق الرعي وتوزيع الجماعات العرقية على خط الحدود، ويعتبر الصراع الدائر بين المسيرية ودينكا نقوك في منطقة أبيي الغنية بالنفط الأنموذج الأوضح، وقد حاول دينكا نقوك وضع يدهم على المنطقة بإجراء استفتاء أحادي مخترقين بذلك البروتكولات والمعاهدات التي وقعت بهذا الخصوص، إضافة للخلاف على الحدود بين قبائل الدينكا ملوال في شمال بحر الغزال والرزيقات في جنوب دارفور الذي تعززه مطالبة دولة الجنوب باستعادة «كفيا كنجي وحفرة النحاس» من ولاية جنوب دارفور. إذن هل تعزز هذه الخطوة أهداف المحضر التجاري الذي وقعت عليه الدولتان بتنشيط التعاون بين البلدين وتفعيله حسب موجهات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة؟ أم سيكون اتفاق الحريات الأربع الذي تنوي حكومتنا تعزيزه شبيهاً بذاك الذي وقعته مع مصر، فتم تنفيذه من قبل حكومتنا وأصبح المصريون يسرحون ويمرحون هنا، بينما مازالت مصر تتحفظ على السير في اتجاه مشابه؟ المحلل السياسي خالد التيجاني النور وصف في تصريحات سابقة الخطوة بالإيجابية جداً باعتبارها تصب في صالح شعبي البلدين، مؤكداً أنها ستعمل على تجاوز التوتر الذي أصاب العلاقة بين البلدين على خلفية الأحداث العسكرية في منطقة أبو كرشولا. والخبر قد يكون له وقع مختلف لدى التجار الشماليين الذين تركوا كل ثرواتهم وأملاكهم في الجنوب ولم يتمكنوا من استعادتها بعد وقوع الانفصال، حيث بات من المتعذر عودتهم بسبب مخاطر مؤكد تعرضهم لها حال فكروا في العودة، ويعزز ما ذهبنا إليه حديثنا مع الأمين العام لشعبة التجار الشماليين بالجنوب صديق كوراك الذي وصف فيه الخطوة بأنها مفيدة وستعمل على إعادة أملاكهم التي تركوها هناك بعد الانفصال بنص الفقرة «9»، مؤكداً جدية الرئيسين البشير وسلفا في ذلك، ومطالباً بتنفيذ سريع للاتفاق الذي كان أحد شهوده على أن تتم عودة التجار لمناطق تجارتهم حيث تركوا ممتلكاتهم بطريقة منظمة تحت إشراف الاتحاد الإفريقي وحكومتي السودان والجنوب، وقد استلهم صيق كوراك تفاؤله من خروج بعض الساسة الجنوبيين من حكومة الجنوب، وتوقع حدوث بعض المشكلات بين التجار الشماليين والجنوبيين الذين احتكروا أملاكهم طيلة تلك الفترة. ويحضرنا في ختام هذا التقرير عقب أحداث هجليج، تحذير نائب الرئيس الأستاذ علي عثمان لمن وصفهم بالمتاجرين بقوت الشعب وتهديدهم بتطبيق قوانين الطوارئ التي أعلنتها الدولة في ذلك الوقت.