كلما أكون مسافراً إلى الولايات عبر طرق العبور السريع أشفق على حال رجال شرطة المرور السريع وأفرادها المنتصبين على حواف الطرق المحفرة وتحت ظلال المسكيت الشحيحة الظل، فكثيراً ما نشيد بهم وهم يؤدون واجبهم الوطني في أصقاع وفيافي السودان بمهنية وصبر، وأن مجاهداتهم مكان تقدير وهي جزء يسير من الجهد الكبير الذي ظلت تقدمه الشرطة السودانية. ولكن أحياناً هناك مواقف مستفزة لا تحتمل الصمت عنها وتستوجب على الناس أن يقفوا عندها وتصبح مدخلاً لعلاج كثير من المشكلات سيما أن تجد رجل الشرطة يتعامل معك بروح محبطة وغاضبة وساخطة فى نفس الوقت، في منتصف هذا الأسبوع وتحديدا السابعة مساء الإثنين الماضي 12/5/2014 م وأثناء عبوري على طريق النهود الأبيض فى منطقة السعاتة الزرقة جوار الخوي فإذا بي اتفاجء باثنين من رجال المرور يقفان وسط الأسفلت غير مكترثين لحركة المرور السريع حيث لا علامة أو إشارة تدل على وجود مركز مرور سريع أو التوقف فى تلك المنطقة ولم يؤشر لي أحدهما إلا بعد أن اقتربت منهما فإذا بهما يفترقان ثم يشير لي أحدهما بالتوقف، فأوقفت العربة فقال لي لماذا لا تهدئ السرعة وأنت تشاهد رجال المرور قلت له الآن توقفت ماذا هناك؟؟ أحدهما حاسي الرأس ولا يحمل ديباجة أو علامة على صدره تعرف باسمه مثله وحال حضرة الصول داخل العربة الخاصة بهم، فصب حمم سخطه وغضبه علي وقال جنب فنزلت من الأسفلت فإذا بي أدخل فى تحري وانتصار للذات مع رجال المرور وهو «مشمراً يدي القميص وفاك شكة البنطلون ولابس سفنجة» إن لم تخن الذاكرة، فقال لي هات الرخصة وشهادة البحث فسلمتهما له ثم بدأ يبحث عن ثغرات فقال هات شهادة التأمين فقلت له التأمين مكتوب لك في شهادة البحث بتفاصيله انصرف إلى ثغرة أخرى فقال هات كرت السلامة، فقلت له لم أحمله معي فهنا وجد ضالته وقال لديك مخالفة فذهب إلى المساعد داخل العربة فحرر الإيصال وسددته فى الحين ثم دخلت معه فى حوار ومثل غضبه غضبت أنا أيضاً قلت له أنت هنا بحثت عن ثغرة ولم تعمل على التوجيه والإرشاد ونحن قبيلة الإعلام سنداً وعضداً لكم في كل مشروعات الشرطة توعية وتثقيفاً وإعلاماً ولم نشعر يوما بأننا غرباء، ولكن اذا كان تعاملك مع المواطن بهذا الأسلوب الجاف فهذا لا يشبه سلوك رجل البوليس الذي نعرف والذي نريده، فالإعلام له سلطة الرقابة على أداء الجهاز التنفيذي والشرطة ضمنه فاستغرب أن تراقب الشرطة وترصد مخالفات رجل المرور من أية جهة كانت.. وقلت له نحن شركاء في الهم العام ومصالح المواطن وإذا أعملت سلطتي كصحفي سأرصد لك أكثر من مخالفة، واحدة منها استخدامك لسلطتك وإرهابك للناس عبر سيف العقوبة، فأنت هنا ترشد أكثر من أنك متحصل، وليس مطلوب منك الانتصار لنفسك بقدر ما المطلوب ان تنتصر للحق العام أخي مدير عام الشرطة وبعده مدير شرطة المرور السريع، الذين التقيتهم في تلك الأمسية لا يمثلون قدوة حسنة للبوليس ولا يحملون من الأخلاق ما يؤهلهم للعمل مع تلك الشرائح المتعددة من أفراد المجتمع - ثم سؤال أليس من حق المواطن العادي ان يسأل رجل المرور الذي أوقع عليه العقوبة عن اسمه او اية معلومة اخرى؟؟ سيما اذا كانت المعلومة التي يسأل عنها لاعلاقة لها بالسرية أو خصوصيات البوليس وغيرها من المعلومات التى يفترض ان تملك للمواطن العادي متى ما طلبها ناهيك عن الإعلام حين يطلب المعلومة فهذا من حقه بالقانون لان من حق المواطن ان توفر له المعلومة للتواصل مع ادارة المرور تبادلاً للمعلومات وتلغي الشكاوي والاستفسارات وهذه من واجبات الشرطة وإلا لماذا تتيح الشرطة للمواطن أرقام الهواتف وتصنع دليل المعلومات والأخبار وتوفرها للجمهور.؟؟ - فهذه مناسبة ايضاً يجب أن نشير من خلالها الى قضية ضرورية وهي تمكين مراكز المرور السريع وتأهيلها من حيث مواقعها الجغرافية وأبعادها ومكاتبها وبيئتها واستراحاتها وان تلحق بها عربات إسعاف مركزي وأجهزة مراقبة واتصال متقدمة تكون متاحة لأي شخص حدث له اي ظرف طارئ على الطريق العام أستوجب أن يتواصل مع رجال شرطة المرور، أقول ذلك لأن ما نشاهده على الطرق القومية لا يشبه الشرطة وفيه عشوائية اذ تجد عربات المرور متوقفة فى مسافات احيانا قريبة من بعضها وفى مواقع غير مناسبة وتجد بين العربة والأخرى بضع شجيرات او كيلو مترات وليست هناك علامات مرورية كافية على طرق المرور السريع توضح أماكن وجود مركز المرور السريع وجهات الاتصال والمستشفيات وأحيانا كثيرة تجد رجال المرور الموجودين فى نقاط العبور السريع درجة انضباطهم ضعيفة من حيث الالتزام بالزي والعلامات العسكرية التي توضح هيبة الدولة، كما أن من متطلبات ومهام رجل المرور أن يكون مرحاً مع المواطنين فتجد كثيراً منهم غير ذلك، فالبضرورة ان يتم تأهيل رجل الشرطة والمرور تحديداً تأهيله نفسياً واجتماعياً وأخلاقياً بقدر يتيح له التعامل مع كل الحالات الإنسانية التى تمر عليه دون غضب أو شطط أو استفزاز أو استغلال للسلطة الممنوحة له والقانون الذي بين يديه.. هذا بلاغ للإخوة في شرطة المرور السريع مع عميق التقدير للجهد الذي يبذلونه والظروف التي يعملون فيها!!