درجت عواصمالولايات وخاصة ولاية الخرطوم في وضع ترتيبات عملية كبيرة لمجابهة السيول والفيضانات وتصريف المياه الراكدة والمستنقعات التي ربما تحدث خلال فترة هطول الأمطار في فصل الخريف. وهذا يعزز دور واهتمام المسؤولين بسلامة وأمن المواطن والحيوان والبيئة، ونحمد ونشكر لهم مساعيهم المبكرة. نعلم جيداً أن السيول والفيضانات تحدث دماراً للمساكن والمزارع وتشريد الآلاف إضافة لمواقع المياه الراكدة وما تسببه من توالد الناموس والذباب.. لقد ساهمت أخطاء هندسية لفترات متعاقبة ومتكررة وما زالت في أحداث المشكلات التي نعاني منها الآن والتي كلفت الخزينة العامة مليارات الجنيهات استعداداً لفصل الخريف من شراء آليات ثقيلة ومعدات رش والصرف على الوقود واستحقاق العاملين وهلمجرا. {وتتمثل تلك الأخطاء الهندسية في الآتي: 1/ معظم المهندسين ومخططي المدن والمساكن لم يضعوا في الاعتبار الجوانب العلمية لأهمية انحدار الأرض خاصة وأن انحدار الأرض يؤثر في حركة الإنسان، لذا كان من الضروري إبعاد المخططات السكنية من مواقع الوديان والخيران ومجاري المياه السطحية، دون النظر إلى كمية المياه في هذه السنة أو السنة المقبلة. 2/ مخططو المدن والمساكن لم يضعوا في الاعتبار أيضاً مستوى الأرض والتي توضح مدى ارتفاع وانخفاض الأرض في منطقة معينة ويظهر ذلك جلياً في بعض مواقع الطرق المسفلتة والمياه الراكدة حول الطريق مما تسبب في انجراف الطريق المسفلت من الجهتين. 3/ مخططو المدن والمساكن: يقومون بتسليم القطع السكنية المشيدة وغير المشيدة للمواطن، والقطع تقع في مجاري مياه طبيعية والمواطن المغلوب على أمره يقوم بتشييد مسكنه وهو يعلم أن موقع مسكنه في مجرى مائي أو «خور»، وحينما تنزل الأمطار وتجرف منزل المواطن تقوم المحليات بتعويض المتضررين وهكذا.. ونشكر للمسؤولين ببعض المحليات اهتمامهم بحل المشكلة بشكل نهائي وذلك بإلغاء كل المنازل والقطع السكنية المشيدة وغير المشيدة التي تكون على مواقع خيران أو الوديان وتعويضهم بمواقع أخرى بعيدة عن مجرى المياه. 4/ حتى المقاولون والشركات المنفذة للطرق المسفلتة لا يكترثون للأمر ويقومون بتشييد طرق داخلية وخارجية دون وضع اعتبار لمجرى المياه وفي كثير من الأحيان نجد طفح المياه فوق الأسفلت أو أصبح الأسفلت عائقاً لسريان مجرى المياه، والمياه تكون راكدة وارتداد للمساكن وغرق الأحياء. 5/ أيضاً هناك أخطاء نعتقد أنها إدارية وهندسية، حيث نجد قرىً وهي حيازات قديمة وجديدة تم اعتمادها وتوصيل المياه والكهرباء وتشييد المدارس والخدمات، دون النظر هل هذي القرى تم استبعاد مواقع جريان المياه والمواقع التي تعيق مسار المياه إلى المصب، لا توجد دراسات في الأمر ويستفحل الأمر حينما نجد سيولاً من مناطق مرتفعة إلى المناطق المنخفضة إلى المصب بنهر النيل ويتضح ذلك جلياً في شرق النيل وبحري ومدن الفتح.. وتقوم المحليات أيضاً بتعويض المتضررين دون معالجة المشكلة بشكل جذري. لقد درسنا في مراحلنا الأولية ما يعرف بالخطوط الكنتورية وأهميتها ومنسوب الأرض والتضاريس، نرجو من الإخوة خاصة مخططي المدن والمساكن ولجان القرارات التخطيطية عدم اعتماد أي مخطط لمدن أو مساكن مشيدة أو غير مشيدة دون إخلاء مجاري المياه السطحية «خيران وأودية ومنخفضات وأي موانع أخرى»، وفي هذا الأمر ضرورة الاستعانة بأصحاب الخبرات في مصارف المياه والمتخصصين في الأمر.