يلاحظ الجميع وبشكل عام عدم قدرة المجتمع الدولي على التوصل إلى أية اتفاقيات ضبط تسلح بالفضاء الخارجي، إضافة إلى عدم التوصل إلى ضوابط لموضوع تطوير واستخدام الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، رغماً عن أن مؤتمر نزع السلاح بجنيف بناءً على توصية الجمعية العامة قد أنشأ فريق عمل يتولى هذه المسؤولية، إلا أنه ما زال هناك قصور من حيث عدم التوصل إلى حظر الاتفاقيات الدولية لمسألة التحليق العابر للأسلحة النووية بالفضاء الخارجي، فضلاً عن عدم ضبطها لموضوع تطوير واستخدام الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية مع استمرار الجهود الأمريكية والروسية على تدعيم القدرات العسكرية في الفضاء الخارجي، وكذلك استمرارية امتلاك حجم كبير من الصواريخ العابرة للقارات، وذلك مع التوجه الأمريكي للتعاون معه جمهورية روسيا الاتحادية لبرنامج الحماية العالمية المضادة للضربات وذلك بالاستفادة من قدراتهما المشتركة في مجال الأقمار الصناعية لتوفير الإنذار المبكر تجاه الصواريخ أرض أرض البالستية مع تركيز أمريكي لبحث كيفية التغلب على بعض المشاكل التي يثيرها هذا البرنامج لتعارضه مع أسس اتفاقية عام 1972م وهي خاصة بتحديد قواعد الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية للطرفين، وما يفيد الجميع هنا أن إسرائيل أطلقت أقماراً صناعية وبموجب اتفاقية التعاون مع الجانب الأمريكي فإنها تشارك في هذا المجال مما يستوجب على الدول العربية الحذر من هذا الاشتراك الإسرائيلي الذي قد يؤدي إلى وجود قواعد وصواريخ مضادة لصواريخ إسرائيلية حيث حالياً تطور من نوعيات ما لديها من صواريخ مضادة لتكون قادرة على توجيه ضربة صاروخية مضادة للصواريخ العربية بما يشل من قدرة الردع العربية في مواجهة امتلاك إسرائيل لصواريخ أرض أرض يصل مداها إلى العمق العربي الأمر الذي يستوجب وجود اتفاقية عربية إسرائيلية لضبط التسلح في مجال الفضاء الخارجي وفي حالة عدم وجود مثل هذه الاتفاقية، فيجب أن يكون هناك تنسيق عربي للاشتراك في البرنامج إذا لم يكن يتعارض مع الأمن القومي العربي، بل ويحدد حماية للأمن القومي العربي في إطار خطط أمنية مشتركة مع دول صديقة وذلك تحقيقاً لمبدأ التكافؤ في التوازن بين العرب وإسرائيل وتمشياً مع الاتجاه الأخير بضرورة العمل على الحظر الكامل لمثل هذه المنظومات ارتباطاً بالشكوك حول قيمتها وعائدها الجوهري من الناحية العسكرية مع ارتفاع التكلفة المادية وما قد يترتب على وجود سباق تسلح في مجال الأسلحة الدفاعية فضلاً عن تعارضها مع معاهدة الحد من منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية عام 1972م ومعاهدة الفضاء الخارجي عام 1967م ومعاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية عام 1963م وهذا ما يستوجب التحرك العربي من أجل وقف مثل هذه المنظومات المخفاة تحت اعتبارات دفاعية أمنية لدولة عظمى وقد تركزت الجهود لضبط التسلح في مجال الأسلحة التقليدية على أساس جهود مؤتمر الأمن والتعاون الأوربي للتوصل إلى اتفاقية التخفيضات المتبادلة والمتوازنة للقوات على المسرح الأوروبي بين حلفي الناتو ووارسو السابق بما يحقق توازنا مستقرا وأمنا للقوات التقليدية في أوروبا وما يندرج من وسائل التحقق والتفتيش في الموقع وتبادل البيانات بجانب نشاط الأممالمتحدة برعايتها لمؤتمر انعقد وأسفر عن اتفاقية حظر وتقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر وعشوائية وقع عليها في عام 1981م حيث تحظر وتقيد استخدام أسلحة تقليدية شديدة القسوة ولا إنسانية تترك شظايا في الجسم البشري ولا يمكن كشفها باستخدام أشعة إكس ومثل الأسلحة الحارقة والألغام الأرضية والفخاخ المتفجرة مع الاهتمام بإنشاء سجل الأسلحة التقليدية التابع للأمم المتحدة كمحاولة للإسهام في الجهود الدولية لتعزيز الوضوح في صادرات وواردات دول العالم من الأسلحة التقليدية، وهنا فلا شك أن مجال تطبيق هذه الاتفاقيات يحقق ضبط التسلح في منطقة الشرق الأوسط إذا ما أحسنت النوايا وهنا وبصفة عامة يمكن القول إنه رغم وجود عقبات وقضايا مثارة بشأن ضبط التسلح إلا أن مدى النجاح في تحقيقها يتوقف على وجود نواحي إيجابية كثيرة وسيكون الارتباط الأساسي بالقدرة على حل المنازعات والمشكلات القائمة ومن أهمها مشكلة الشرق الأوسط والتوصل إلى حل سلمي تقبله كل الأطراف في إطار من العدالة والشرعية وبشكل مواز ليتيح ضبط التسلح لكل الأطراف دون زيادة أمنية لطرف على حساب طرف آخر، مع الحد أو تقليل مستويات التهديد مع توفر حسن النوايا لدى كل الأطراف والثقة في بناء مستقبل مشرق بالسلام العادل والدائم بالمنطقة كلها.