ظاهرة الحسد والعين منتشرة بالمجتمع السوداني بشكل كبير وهي من القضايا التي لا تموت ابداً، وهي متجددة مدى الحياة مادام الصراع بين الخير والشر باقياً.. وهي من احد أسباب الموت ولعل ما يثبت ذلك ان معظم محدثونا في الاستطلاع أثبتوا ذلك، وأكدوا عليه نتيجة تعرضهم لها .. قصص وحكاوي ترويها «الإنتباهة» على سبيل المثال لا الحصر. في بداية الاستطلاع افتتح لنا الحديث أحمد الطاهر «موظف» قائلاً ان الحسد والعين ظاهرة موجودة ومنتشرة بين الناس ذلك أن بعضاً من الناس لا يريد لزميله الخير ويحسده في أبسط الأمور خاصة إذا كان ناجحاً في عمله، وأضاف قائلاً ان بعض الأشخاص تدهورت أعمالهم بسبب الحسد والعين التي أصابته، والعين موجودة وكل مؤمن مصاب بسبب الحسد والعين التي أصابته. وقال الرسول «صلى الله عليه وسلم» إنها تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر. وأن كثيراً من السودانيين يتداولون فلان سحر فلاناً وبت فلان. وتدخل العين في المال والجمال والتفوق والنجاح، مؤكد أن شريحة السيدات من أكثر الفئات اعتقاداً بالعين والحسد. أما آمنة حامد«استاذة روضة» تقول إنها ناجحة في عملها وأصابتها «العين والحسد» حيث أصبحت تنظر الى محل عملها على أنه «نار» وأصبحت لا تدخلها وفضلت تركها وبحثت عن عمل آخر، وقالت الآن وكلت ابنة خالتي للعمل بها. أما الطالبة الجامعية«داليا أحمد» فتقول إن الحسد والعين موجودان، وان الطالبات يحسدونك بسبب التقوق الاكاديمي وخاصة اذا كانت الفتاة على قدر من الجمال ويكون ذلك من الغيرة الشديدة، واضافت أنها أصابتها «عين» بسبب تفوقها حيث كانت من العشر الأوائل في امتحان المرحلة الثانوية أما في المرحلة الجامعية فتدهور مستواها الاكاديمي رغم حفظها للمواد وأوضحت انها عند دخولها لقاعة الامتحان لا تتذكر غير القليل من مذاكرتها. محمد علي«تاجر» قال ان العين تحدث عندنا كثيرا خاصة نحن التجار، وعند تفوق أحدنا في التجارة حيث نجد أن بعضهم يتحدث عنه في كل لحظة ويغير منه ويحسده وعلى سبيل المثال«اذا كان محله مكتظ بالزبائن»، وأضاف نحن كرجال لسنا متمسكين به ولكن يحدث عند السيدات ان فلانة سحرت ابنتها لدرجة تصل الى انها تذهب للشيوخ لعلاج ابنتها المصابة. مدثر عبد العزيز«محامي» بدأ حديثه قائلاً ان الكذب اليوم هو وسيلة للدفاع عن النفس من العين والحسد عند كثير من الناس، وأضاف اكثر ما يكذب بشأنه الناس هذه الأيام خوفاً من العين ما يتعلق بأوضاعهم المادية «الراتب» فالتجارب السيئة التي يمر بها الإنسان في حياته تجعله يضطر الى التسلح بالكذب تجنباً للحسد أو العين. رأي الدين ويقول الشيخ محمد آدم إمام مسجد إن الوحي جاء بما لا يقبل الشك أو التأويل بأن هناك حسدا وعينا، وأنهما حق واقع لا يسبقهما شيء سوى القدر، ولا يردهما إلا الدعاء، وهي نصوص صحيحة صريحة من الكتاب والسنة، أكدتها المشاهدة وتقريرات النبوة، ونسمع ان بعض الأشخاص يقول أصابتني عين حاسد، فمن منكر له ومن غال فيه، فإنا نجد من يصدق بالخرافات، ومنهم من لا يصدق إلا بعد جهد جهيد، وكل ذلك راجع الى البيئة التي أحاطت به لقوله تعالى «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً» النساء:54 وفي الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العين حق ولو كان شيء سابقاً القدر لسبقته العين». رأي علم النفس ذكر الأستاذ عبد الجليل عثمان بأنها من الأمراض التي تصيب النفوس وهو مرض لا يخلو منه إلا القليل من الناس ولا يخلو جسد منه، اعتبر العين و الحسد من الأمراض الروحية التي تصيب الإنسان وتترك اثرا نفسيا ملموسا وغير ملموس، وتختلف اعتقادات الناس فيه من شخص لآخر، وهنالك اعتقادات سالبة في المجتمع نتيجة ملاحظة او مثابرة او اعتقاد سائد في المجتمع خصوصا إذا فشل في حياته او مرض يرجع الأمر الى انه حسد أو عين. وللجرح سرداب حزن قاتم! ونتعايش مع جراحنا لأنه لا مناص من البقاء معها ونتحمل وخزها اليومي إلى أن ينعم الله علينا بالرحمه! بعض الجراح تجلس متمددة دون أن نجرؤ على التخلص منها دون أن تزهق روحنا معها فنرضى! ننظفها يومياً ونأمل أن تشفى، ولكنها تزداد عمقاً.. نتجاهلها ونمضي قدماً فتظهر دماؤها على ملابسنا فنشرع في غسلها وعيوننا تدمع حسرة وانكسارا! هي متآمرة كبيرة على راحتنا لأنها ترفض أن تأخذ هدنة وقتية مع الرحمة تصر على البقاء طازجة متحركة! تتحدث بصوت مرتفع فضائحي وترفض كل أنواع الهمسات الودودة.. تنظر الى العزيمه في تحدٍ وهي تفتح أبواب الخروج على مصاريعها وهي تعرف انها لن تحرك ساكناً فتمنحها ضحكة جذلة شامتة تجعل النزف يختار مجرى جديدا! لا شيء معها يستقيم في موقعه الطبيعي كل ما حولك ظلال متراقصة مشوهة المعالم تحجب الضوء من الوصول إلى سرداب الوجع الذي حبستك فيه فتجثو طالباً رحمة لن تنالها قريباً مع وجود ملك له صولجان متى ما حركه عبثت جواري الوجع بكل ما يمكن أن تجتاحه مخلفة أعاصير وخراباً لا يمنع العيون من مراقبة أقدام الأمل المتحركة خارج السرداب المظلم!....سارة شرف الدين