مرحباً ببشريات مقدمك، يا ضيفنا الشتاء لقد كان حتى أطفالنا في المدارس ينشدون لاخيك الخريف: «هلّ الخريف هلّ.. أهلاً به وسهلاً».. ولكنهم تنكروا له فأغلقت السلطات في وجهه المدارس خوفاً منه!! فهل تعتقد بعد ذلك انهم يغنون له أو لك؟ وأنت عزيزنا الشتاء لك في بلادنا الحبيبة خيرات كما لاخيك الخريف.. فلو علمنا أنهم يخافون من الخريف الزوابع والصواعق والسيول وهم المخطئون في حق اخيك والمعتدون على مجرى سيولة، والمتقاعسون عن واجب الاعداد لاستيعاب هباة مياهه. وقد قلبوا خيره لهم خوفاً.. أما أنت ضيفنا العزيز فإن امرك عندنا مختلف جداً، صحيح انك في كثير من اصقاعنا لا تأتينا بالمطر، لكن لك عند اطلالتك علينا رياح باردة وجافة، واحياناً عنيفة وتداعبنا ب «شعفوفة» واتربة هوجاء تهابها النساء عندنا، فهي تعكر مزاج ترتيبهن لغرفهن ومنازلهن فلذلك يلجأون إلى اغلاق الابواب والمنافذ واسدال الستائر.. وما يميزك حبيبنا الشتاء انك بفضل الله تنعم علينا بخيراتك الشتوية من خضر وفاكهة، فالناس في رحاب حضرتك تنفتح شهيتهم اكثر للأكل، خصوصاً للشواءات ومن الشواءات الاسماك، اذا فأنت تغدق على المتاجر فيها بالربح الجزيل، وكما تعلم طبيعة الجشعين من البشر فإنهم يرفعون الاسعار.. الا انك في مجال الخضر وبفضل الله تبسط الانتاج من أحبها اليك وهي الطماطم للفقراء ف «يقعونها» شرهين وما أشهى «صلطتها» خصوصاً لو عقدت حلفاً مع الدكوة والبصل والشطة الخضراء وزيت السمسم وبالذات حبيبته الطماطم السودانية عزيزتنا الغالية «الكسرة» التي تنكرت لنا كثيراً وتعززت. اهلاً بك ضيفنا الشتاء، لكن الموالح التي تمدنا بها من ليمون وبرتقال وجوافة وقريب فروت لتقينا من نزلات بردك القاسية قد سيطر عليها السماسرة ايضاً فعرقلوا سهولة وصولها ليد الفقراء والمساكين وطبقة الكادحين الذين اثقلت الديون والاقساط رواتبهم، ونالت خراف الاضاحي جزءاً منها، وهم اليوم ولكي يفرحوا بمقدمك الكريم يحتاجون للوقاية من بردك القارص وزمهريرك القاسي ويحتاجون للبطاطين والفنايل وما يقون به الجلود من مختلف المسوح والكريمات، وانت تعلم جشع الانسان عزيزنا الشتاء، فإن من الناس من يقفون للناس عند كل مرصد يتاجرون في حاجاتهم الحياتية فيوسعونا غلاءً واحتكاراً.. فالعيوب ليست فيك يا ايها الشتاء، انت مثل اخيك الخريف لك مزايا وخيرات لا تحصى ولا تعد.. لكن الناس يتعاملون معكما بمنظار اخطائهم ونواقصهم وجشعهم وعيوبهم. الا ترى عزيزنا الشتاء أن المقتدرين منهم يستمتعون بمقدمك فيتباهون بابهى الثياب التي ادخروها من بدل وفنائل وملبوسات انيقة؟ ثم خصوا انفسهم بما طاب ولذ من الطعام والشراب؟ فأنت فصل تفتح الشهية، بل فيك النشاط والحركة.. ولكن عزيزنا الشتاء اننا نعلم أنه ليسوؤك ان تجد ان الذين حطم امكاناتهم المتواضعة اخوك الخريف، فدمر مساكنهم ولن يحتملوا بردك القاسي.. خصوصاً اطفالهم الصغار، فأنت من الفصول التي تحتاج للأكل الجيد والتدفئة اللازمة حتى يحتمل هؤلاء اقامتك بينهم لشهور، ولأن ادارة التعليم عندنا لا تجرؤ على اغلاق المدارس لهذه الاحتياجات، واطفال المدارس الفقراء سيعانون الأمرين من «البكور» وبطونهم الخاوية تشكوا الجوع، فهل يقوى هؤلاء على الفهم والتحصيل؟ بل والحياة؟ عزيزنا الشتاء.. ان انتهازية حشدك الناس داخل الغرف الدافئة تقلقنا كثيراً، وتقض من مضاجعنا، فما بالك ايها الفصل العزيز بالذين لم ينعموا بوفير خيراتك في التغذية ثم «تمص» انثى الباعوض ما بقي من دمائهم.. وتخلف لهم من بعد ذلك الملاريا الخطيرة؟.. انظر يا أخا الخريف والصيف كيف يتعاون البعوض مع السماسرة وتجار الجشع من بني البشر. وهل تعتقد عزيزنا الشتاء أن سلطاتنا قد أعدت العدة اللازمة للترحيب بمقدمك الكريم.. لو كانوا يحسنون فعل ذلك لفعلوه لشقيقك الخريف. بل الأدهى والأمر يا ضيفنا القادم إن عصابات من المتفلتين يعينون البعوض والسماسرة والتجار الجشعين في زيادة معاناة الناس فيستثمرون لجوء الناس للنوم في الغرف وتحت البطاطين فيستبيحون حرمة الديار، هؤلاء هم فصيل من اللصوص والحرامية، درجوا على ان يجعلوا من فصلك الشتوي عيداً لتعدياتهم وسوء صنيعهم. أنك يا ضيفنا العزيز الشتاء كسابق اخيك الخريف الذي يغادرنا هذه الايام تأتينا بالخيرات العميمة، ولكننا معشر البشر لا ينعكس عليك منا الا «نواقصنا» الذميمة.. أما أنا فاستقبلك بالاحضان وها أنذا انقض الغبار عن «فانلة» الصوف القديمة.. واقول لك: تفضل معي لافطار فول حااااار مدنكل في رحاب صديقي العزيز عمر حمدنا الله ان لم يتكرم هو لي بعزومة سمك طازجة بالشطة والدكوة. جديدة الشواية قال الديك للدجاجة: عجبت لإنسان يبيع الدجاج «الفاسد» للشوايات.. وينسى شواية الآخرة!! فردّت عليه الدجاجة: ولا تنسى أنه هو أيضاً «فاسد»!! «شنطار» كلمات مضيئة مثل الأخوين كاليدين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر ليغتسل، وهنالك وقف حذيفة بن اليمان ممسكاً ثوبه ليستره به، ثم قام حذيفة بدوره ليغتسل، فأمسك الرسول ثوبه ليستره به وأصر على ذلك قائلاً: «يا حذيفة، ما اصطحب اثنان قط إلا وكان أحبهما إلى الله ارفقهما لصاحبه، وان مثل الأخوين مثل اليدين تغسل احداهما الأخرى». مسدار الشتاء يا حنين ليك شوق بحور وزيادة منتظرين قدومك شان فيك أحلى سعادة نشبع خضروات والصحة عال كالعادة تفكنا من هجير الصيف ونار وقاده