استكمالاً للمقال السابق الذي أجملنا فيه، نعود لنفصل أكثر ونواصل الحديث عن هذا الرجل الذي ارتضاه وأحبه الشرفاء من أهل العالم المنصف اليوم والذي لم يتنكر أو يتكبر أو يتأخر على شعبه ومواطنيه في أن يكون خادماً ومدافعاً عنهم وعن مستقبلهم وإن عرقلت جهوده ومراميه. ونتحدث عن أولئك الذين أضمروا في أنفسهم الرغبة بالمطالبة برحيل الرئيس وتنحيه أو لأولئك الذين صرحوا بها علانيةً.. نقول إننا لا نسعى الى معرفة أسباب ذلك ولكن نقول لهم مقتبسين زفرةً من نفس الرئيس الدافئ أن ببقائه أن اطمأنيتم له أو لا سيقع بقاؤه برداً وسلاماً على قلوبكم إن أردتم الطمأنينة على أنفسكم أو على السودان؟ أو لأولئك الذين أضمروا رغبة رحيله أو الذين صرحوا بها علانية في الداخل أو الخارج أو حتى فيما يرجون بما يتعلق بعلاقات السودان قاطبة إنه لا يمكن أن يصيبها ما يضرها في وجوده وبقائه فقط لأنه رجل الدولة والقانون والمواطنة ورجل الجميع متساوون أمامه إن كان لتوزيع موارد الثروة أو السلطة أو الاحترام والنظر؟ كما ولنا أن نتساءل أيهما الأجدى والأفضل صاحب التجربة الذي خاض فيها المعارك الضارية من الملاحم السياسية والعسكرية والتي خاضها من أجل السودان أم القادم الغض الجديد؟ فأيهما أفضل بقاؤه أم رحيله؟ وإنني أخشى أن يكون صاحبنا قد وقع في ما وقع فيه بعض من رموز الحركة الإسلامية الذين كانوا يعتقدون أنه بمجرد كتابة الدستور الإسلامي على الورق، ستنزل وستتحقق البركة غير منتبهين إلى أن تحقيق الدستور الإسلامي على الواقع، يحتاج إلى جهود مضنية وسياسات متوازنة مدعمة بتماسك وانفتاح وتعاون داخلي وبجهود مخلصة تبذل ورؤى واضحة ثم الى تجارب الدول الأخرى ليكون تحولاً ديمقراطياً كبيراًً يكون علةً كافية وجلباً للبركة واستفادة من التكنولوجيا البشرية تكون لنا هي الطريق والسبيل الى تطبيق عملي للدستور الإسلامي وعندها تتفتق الأرض قمحاً وأرزا وبترولاً ويخضر معها مشروع الجزيرة وتدور معه عجلات السكة الحديد على قضبانها.. وكل ذلك لا يمكن تحققه إلا بربان وقائد كالبشير؟ وإنني أطرح سؤالاً: فيما يتعلق بالشق الذي أوردته في رسالتك ووجه الشبه فيما يختص برجال حول الرسول «صلى الله عليه وسلم» لنقول: إن كان وجه الشبه هو النجاح في كلٍ.. فلم المطالبة بالرحيل.. بل أقول لك أخي الكريم ليس بمجرد ذهاب البشير أو رحيله ستمطر السماء علينا ذهباً وتمتلئ خزائن بنك السودان بالعملة الصعبة؟ وأما إذا كان حديثك عن البشير ولماذا الانتخابات؟ أستطيع ان أقول لك إن البشير هو رجل دولة الآن والدولة وواقع حالها يقول إن المعارضة اليوم لا تؤمن بالسياسة ولا تؤمن بالانتخابات ولا الحوار، لذلك ترى الذهاب الى الانتخابات هي لمصلحة الوطن وأمنه، وفي هذا الحال يكون الحل مؤجل النتائج التي تنشدها المعارضة لأنه يمثل لها وللوطن «الحل السياسي» الذي يتمخض عنه دستور يتفق عليه السودانيون يطرح للاستفتاء ثم تنبثق عنه حكومة سميها ما شئت تجري انتخابات برلمانية تقوم بموجبها الاقتراح بتعديل للصلاحيات فيما يتعلق بالرئاسة أو الحكومة أو البرلمان أو بعض المعوقات في القوانين أو حتى كتابة الدستور، وهذا بحد ذاته يمثل حل سياسياًَ مرضياً للجميع للمعارضة تضمن من خلاله المشاركة وللدولة الاستقرار وعدم الانزلاق للمجهول؟ وأما إذا كان المطلب هو وقف الدفاع و«الحسم العسكري» مقابل الحل السياسي الذي يعلمه القاصي والداني، هنا تفهمه الدولة على أنه استنزاف يتبعه استسلام يراد منه تقديم تنازلات مضرة لا تكون لمصلحة الوطن أو شعبه؟ فالحسم العسكري مع الحل السياسي اليوم يجب أن يتوج ب«حسم دستوري» يعود بالاستقرار للدولة والمشاركة للجميع لبناء حقيقي عبر منظومات وأطر تشمل الجميع وبدون فرز؟ فأنت تطالب الرئيس بالتنحي وكأن بتنحيه هذا ستنتهي كل أزمات ومشكلات السودان. لذلك نقول للذين يقولون إنه لا مخرج للبلد إلا بتنحي الرئيس وكأن الفشل وعدم المخرج أشبه ب«الحسكنيت» الذي يتعلق بجلباب الرجل؟ أم هل بتنحيه ستتحقق المعجزة أو هل مع القادم الجديد الذي لا يحتاج الى بذل جهود وإحداث تحول ديمقراطي وتقارب مع القوى السياسية يكون النجاح حليفه ولا يحتاج الأمر الى سياسات وإستراتيجيات؟ ثم وإن كان كذلك، هل يستوي الذي قدم وأصقل شخصيته السياسية والوطنية بالخبرة والكفاءة والصمود على مدار «25» عاماً، أي يكون هو أم غيره؟ أخي الكريم، إن هذا الرئيس وبما يمتلك من تراكم للخبرات والتجارب التي اكتسبها، ومن خوض غمار السياسة ودهاليزها في الداخل والخارج تجعلنا نصدح بالقول إنه ليس من السهل أن نطالبه بالتنحي.. بل نطالبه بالبقاء إن طلب التنحي.. فالرجل خبرة قل نظيرها اليوم؟ وما قصدنا من هذه الأسئلة شيئاً آخر سوى أن نجد مسوغاً لمطالبتك الرئيس بالتنحي، لتعلم أيها المعتمد السابق أننا لن نأكل تمراً دون غرس نخلة، ولن نحصل على نخلة دون غرسها، ولن نحصل على ثمره دون تأبيره وإن كان لا محالة من زراعة النخل وتأبيره لماذا لا يكون البشير هو زارعه وغارسه بخبرته الواسعة؟ فاليوم نقول لك هل كنت من الخاصة أم الصفوة حينما حانت الساعة؟ وأين كنت وماذا كنت تضمر حينها لتأتي اليوم وتمتعض على رأس الدولة بالقول ارحل، فما الخلاص إلا برحيلك أيها الرئيس؟ لا ولا يا أخي. ما هكذا تورّد الإبل؟ كما وهنا يحضرنا سؤال أخير نأمل في الإيجابة عليه؟ أيها المعتمد؟وهو يتعلق عن تنحيك؟ هلا تنحيت بنفسك؟ أم طلب منك ذلك؟ وإذا كنت تنحيت بنفسك؟ هل تنحيت رغم نجاحك أو لفشلك؟ ثم وإن كان قد طلب منك التنحي فهلا ذهب معك الفشل الى غير رجعة، أم القادم الجديد الذي جاء بعدك لم يحتاج الى جهود تبذل ومنظومات عمل ورسم خطط أوسع وأكبر؟ أجبنا أيها المعتمد؟ ولأننا ما نعلمه الآن أن محلية الخرطوم والأماكن التي عملت بها حالها يغني عن سؤالها، فسوءتها التي نطقت بتجربتك التي طالت من أنين وامتعاض فأنت كنت وما زلت معطباً في مواقفها وحتى في مجاريها؟ لتلك القصة التي عنوانها كركر وما أدراك ما كركر الذي كركرت على إثرها أرواح المواطنين بشق الأنفس وما هم ببالغيها؟