سعادتي لا تحدها حدود بتكريم الاتحاد العربي للصحافة للأستاذ فضل الله محمد ضمن مجموعة من الصحفيين العرب في حفل باذخ بقاهرة المعز عاصمة الصحافة والأدب والثقافة العربية.. وهو تكريم صادف أهله لواحد من اهرامات الصحافة السودانية ورموزها الشامخة التي عرفت عبر مسيرة امتدت لأكثر من أربعين عاماً بالمهنية العالية والأخلاق الفاضلة والوطنية الصادقة والعمل الخالص المتجرد من أجل السودان بعيداً عن الأجندة الشخصية والمصالح الخاصة.. وفضل الله محمد هو أستاذي الذي تشرفت بالعمل معه ثلاث مرات الأولى كرئيس لتحرير الصحافة في العهد المايوي والثانية بصحيفة الخرطوم في عهدها الثاني بالقاهرة والثالثة بعد عودتها للسودان بعد هجرة استمرت زهاء السبع سنوات رفعت فيها الخرطوم راية الدفاع عن الحرية والمطالبة المستمرة باتاحة الفرصة للشعب لاختيار من يقودون مسيرته عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وقد كان للأستاذ فضل الله محمد دور كبير ومهم في تشكيل شخصيتنا الصحفية بتوجيهاته ومتابعاته حيث تعلمنا منه أساسيات المهنة وقيمها وأخلاقياتها وضرورة الالتزام بالأمانة والموضوعية في كل ما نكتبه وأهمية البعد عن شخصنة القضايا حتى لا تستغل سلطة القلم في ممارسة الأحقاد وتصفية الحسابات ولذلك نحن ندين له بكل ما وصلنا اليه من مستوى ومكانة في هذه المهنة التي نذر حياته من أجلها وضحى في سبيلها بصحته وراحته وعلاقاته حتى أصبح واحداً من أفضل كتاب الأعمدة السياسية في تاريخ الصحافة السودانية بوعيه واستنارته ومنطقه وموضوعيته في مناقشة القضايا وبلغته البسيطة والمعبرة وأفكاره المرتبة وتحليلاته العميقة ومعالجاته العملية لمختلف المشاكل وببعده عن مزالق الانحياز للأحزاب والمجموعات والأشخاص حتى يكتب بحرية تامة من أجل الشعب والوطن ودون مجاملة أو مهادنة لأية جهة.. تحية للأستاذ فضل الله في يوم تكريمه وهو الذي أصبح القدوة والأنموذج للصحافي الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار باحترامه لنفسه ومهنته وبنزاهته التي أصبحت مضرباً للمثل حيث خرج من رئاسة تحرير الصحافة بعد انتفاضة ابريل مرفوع الرأس موفور الكرامة وهو يسكن في منزل بالايجار في ديوم بحري وليس في رصيده بالبنك سوى بضع جنيهات هي بقية مرتبه دون أن يجد من أجروا معه التحقيق بسجن كوبر أي شبهة فساد أو استغلال نفوذ بامتلاكه للمنازل والسيارات والأرصدة في نظام مايو الذي سانده بقناعة وايمان بدوره في قيادة البلاد نحو السلام والتنمية والاستقرار، ويكفي الاستاذ فضل الله فخراً انه القيادي الوحيد في نظام مايو على المستوى الصحفي والسياسي الذي كرمه المجلس العسكري الانتقالي في الأشهر الأولى للانتفاضة بحفل أقيم بجريدة الصحافة وحضره عدد من قيادات المجلس العسكري الذين أشادوا بمهنيته وأمانته وهو أمر يؤكد نزاهة الاستاذ وشفافيته في المحافظة على المال العام الذي هو مال الشعب صاحب السلطة العليا في البلاد.. ان تكريم الاتحاد العربي للصحافة للأستاذ فضل الله محمد هو تكريم للصحافة الجادة والمسؤولة وللأقلام المحترمة التي تؤمن بدور الصحافة ورسالتها واحياء لقيم المهنة وتقاليدها وأعرافها التي كادت أن تندثر في ظل الأصوات العالية لأقلام المصالح والعصبية والانفلات والتي اوشكت ان تفرغ المهنة الرسالية من دورها في خدمة الوطن والجماهير وان تفقد الناس الثقة في قدرة الصحافة على الدفاع المستميت عن حقوقها في توفير مقومات الحياة الكريمة من فرص عمل وتعليم وعلاج وخدمات المياه والكهرباء.. مرة أخرى التحية والتهنئة للأستاذ فضل الله محمد على تكريمه على المستوى العربي والذي ينبغي ان يكون بداية لتكريمه داخل وطنه وفاءً وتقديراً لما قدمه للصحافة من عطاء متواصل لأربعة عقود كان خلالها عنواناً مشرقاً ومضيئاً لصحفي حر ونزيه خدم بلاده ومهنته بجدية وأمانة ومسؤولية..