لا أحد يشكك أن السودان الآن يمر بأزمة وإن كانت هذه الأزمة مزمنة ولكن الآن اشتدت. ويمكن أن نقول السودان الآن يمر بأزمات شتى. ولكن دعونا نقول أزمة متكونة من مجموع أزمات. ونسأل هل من حل لهذه الأزمات؟ وهل من مبادئ يمكن أن تحل هذه الأزمات التي طال أمدها؟ أقول نعم يمكن لهذه الأزمات أن تحل. وسبب هذه الأزمات يكمن في أن الأحزاب غير المؤهلة تريد أن تتربع على عرش السلطة. وقد تربعت من قبل وقادت السودان من أزمة إلى أزمة. مما جعل القوات المسلحة هي الأخرى عندما تستولي على السودان تقوده من أزمة إلى أزمة. ربما يقول قائل الأحزاب تسهم كل دورة في التأزم، والقوات المسلحة هي الأخرى تقود البلاد إلى الأزمات. الحل هو أن تتنحى الأحزاب عن قيادة السودان وكذلك القوات المسلحة. ذلك لأن الأحزاب لا تملك خططاً وبرامج كي تخدم السودان وتزيل عنه الأزمات، والقوات المسلحة هذا ليس مجالها وهي كذلك لا تملك من الخطط ما يمكن أن يحل الأزمة السودانية ما الحل؟ الحل في نظري بعد أن تبتعد الأحزاب والقوات المسلحة وتستلم الحكم مجموعة من العلماء المختصين وتقود البلاد بعيداً عن الصراع الحزبي وصراع القوات المسلحة، وتحاول كل من الأحزاب والقوات المسلحة أن تعين حكومة العلماء، أولئك العلماء الذين يعملون كل في مجاله. ولا أقصد بالعلماء علماء الشريعة، وإنما أقصد بهم علماء كل فن. فمثلاً وزير الاقتصاد يكون عالماً في مجاله ووزير التربية عالماً في مجاله ووزير الزراعة عالماً في مجاله... إلخ. وتترك الفرصة لكل وزير يختار من يساعده في مجاله. ونوقف كل الاحتفالات والافتتاحات والتبريج ويختفي كل الهتيفة والرجرجة والدهماء الذين عانى منهم السودان. ويكون العلماء هم الحكام. ويتم اختيار حكام الولايات من العلماء في الإدارة وحكام، الولايات يختارون الوزراء من العلماء وأهل الكفاءة بعيداً عن القبلية والتحيز للمنطقة، وإنما يحكم السودان من هو كفؤ للمنصب. وإذا كونت مجالس تشريعية يشترط في من يرشح أن يكون عالماً. وأن تعمل المجالس دون أي حوافز ودون أي مرتبات ولا مال يصرف لهم بعد الخدمة وتسمى هذه المجالس (أهل الحل والعقد). مجالس ليس فيها مكاسب وإنما من يعمل فيها يكون عمله خدمة للوطن وتتاح له الفرصة أن يستمر في عمله الذي يأكل منه العيش. والمجلس يجتمع مثلاً في الشهر مرة. هذا الحل في نظري سوف يريح السودان من الذين يتكالبون على المناصب من الأميين وأنصاف المتعلمين الذين لا يقدمون للسودان أي نوع من الخدمة. وعلى الأحزاب أن تبرز وطنيتها في تربية الشعب وتقديم الخدمات لحكومة العلماء. ويمكن للأحزاب أن تسهم في ترقية الأداء بأن تقدم الخطط والمشروعات لحكومة العلماء. يقيني أن هذه الحكومة إذا قامت لن تفشل في حل مشكلات السودان وأزماته. وهي ستكون حكومة الكل. ومجالس (أهل الحل والعُقد) سوف تحرس هذه الحكومة. ويشترط في هذه الحكومة أن توفر للشعب العدل والحرية والمساواة. لقد جرب الشعب السوداني حكومات شتى من الأحزاب ومن القوات المسلحة، وعز على هذه الحكومات الإصلاح وما بقي لنا خيار إلا حكومة أهل التخصص فهي الأمل المرتجى لحل أزمات السودان. هذا مقترح في رأيي يمكن أن يُخرج السودان من حكومات الأحزاب وحكومات القوات المسلحة، ويمكن أن يُضمن في دستور البلاد. ذلك لأن الوضع الآن وصل من السوء الذي لا مخرج منه إلا أن يتقدم العلماء لاستلام البلاد. وحل العِلم هذا يمكن أن يرضي كل الأطراف لأنه حل محايد وموضوعي. آمل أن يجد هذا المقترح قبولاً من الأحزاب ومن القوات المسلحة ومن الشعب السوداني ومن العلماء أنفسهم.