تحيطها اكثر الارياف التهابا ! حين كتبت قبل شهر تقريبا .. عن مباراة واحدة فى ملعبين .. مقارنا بين زيارة الرئيس للجزيرة يومئذ .. وبين تظاهرة تجمع المهنيين التى كانت معلنة يومها .. للتوجه الى القصر الجمهورى لتسليم مذكرة التنحى .. قامت الدنيا ولم تقعد .. ولئن لاحقنى البعض لمعرفة نتيجة المباراة .. ولئن ذهب كل فريق معلنا عن فوزه فى تلك المباراة .. فقد ذهب البعض فى منحى غريب زاعمين اننى استخف بمصير الوطن حين احيل كل هذا الصراع السياسي الى محض مباراة فى كرة القدم ..!ربما لسبب من هذا لم اشأ اليوم ان اعود للكتابة بذات المنطق عن منافسة اخرى تبدت لى بالامس .. فتجمع المهنيين .. ومن انضم اليهم من القوى الوطنية الاخرى .. كانوا قد اختاروا يوم امس تحديدا .. اى الاثنين الثامن والعشرين من يناير 2019 .. يوما لثورة الريف .. والفكرة ذكية وعبقرية ولا شك .. ولربما انتبه المهنيون .. وحيث انهم وبحكم الواقع و طبيعة الاشياء والمعطيات القائمة .. يمثلون النخبة والصفوة فى المجتمع .. وكليهما لا صلة لهما بالريف .. فقد كانت اشارة ذكية اختيار يوم للريف .. تنطلق فيهم ثورتهم .. او زحفهم المقدس .. و انهم اى اهل الريف لهم سهم فى التغيير .. سيما اذا اخذنا فى الاعتبار ان ما لا يقل عن ثلثى السكان هم اهل الريف .. وان ما يتجاوز الثلثين بكثير من ريع الاقتصاد الوطنى .. هو من ذلك الريف .. زراعةً وغاباتٍ ورعيٍ وتعدينْ .. اذن ليس بعاقل من يسقط كل هذا الثقل من حساباته .. وكنت اظن كذلك ان .. قيادة الثورة .. ستوجه كل طاقتها الاعلامية لتغطية ثورة الريف فى يومها المعلن .. كما تفعل فى كل الانشطة الثورية التى انطلقت منذ اربعين يوما .. غير اننى .. والحق اقول .. لم اقف على اثر لثورة الريف هذه .. فى كل الميديا الناطقة باسم الثوار .. وقد خلصت الى افتراضين لا ثالث لهما .. اما ان الريف لم يلبى الدعوة اصلا ..او ان الريف قد ثار بالفعل ولكن اعلام الثورة .. وجريا على ازمتنا الوطنية الممتدة .. قد تجاهل الريف .. مما يضع عديد علامات الاستفهام امام منهج التغيير المطروح او المنشود ..! ولكن .. ولئن كنا قد تحدثنا عن ذكاء المفكرين وعبقرية الفكرة فى اطلاق برنامج ثورة الريف .. ففعل لا يقل ذكاءا قد تم فى المقابل .. وهو الاصرار على زيارة رئيس الجمهورية الى ولاية جنوب كردفان او منطقة جبال النوبة او مدينة كادقلى .. سمها ما شئت .. وقد كانت معلنة اصلا .. ودون اطالة او مقارنة .. فانه فى يوم ثورة الريف المعلنة من مناوئيه اختار البشير زيارة اكثر مناطق الريف التهابا وتوترا .. وخرج منها كما دخل .. على الاقل .. ان لم يكن بمكاسب اضافية ..! وعودا الى مقدمة هذا التحليل .. فبمنطق كرة القدم فنتيجة المباراة تعتبر ا/ صفر لصالح النظام .. واعترف ان هذه هى النتيجة من حيث اقف .. وللمشككين الحق فى الاحتكام الى .. الڤار .. ! اما المعترضين على تنزيل معايير المنافسات الرياضية على الصراع السياسي فنقول .. ما احوجنا اليوم لمعايير الرياضة من تسامح ونزاهة وشفافية وديمقراطية وقيم خلقية صارمة لادارة صراعنا السياسي .. و بس ..!