اقتراح وصلنى من صديقى الاستاذ عادل الباز .. المقيم فى الدوحة .. عن تنظيم ملتقى هناك يناقش افضل خيارات الانتقال السياسي السلمى فى السودان .. قلت له .. لما العجلة ..؟ وان شئت الدقة فقد كان ردى .. مالكم مستعجلين ..؟ ضحك الباز قائلا او شارحا .. المركز العربى للابحاث ودراسة السياسات عادة ينظم ملتقيات اقرب للعصف الذهنى أيما كانت هناك أزمة سياسية .. وفى هذا الاطار جرى التفكير فى كيفية مساهمة المركز فى ما يجرى فى السودان بافكار تنبع من سودانيين .. وتعين السودانيين على ادارة المشهد السياسيى او التعاطى مع تطوراته .. اين و كيف ما سارت .. أمنت على الفكرة .. بل استحسنتها .. ثم تلقيت دعوة كريمة من الدكتور عبد الوهاب الافندى للمشاركة فى الملتقى .. فاستجبت لدعوته .. واحسب اننى حسنا فعلت ..! وحيث ان اتفاقا غير مكتوب قد اقره الملتقون بانتظار التقرير الرسمى الذى سيصدر عن المركز حول الملتقي ومداولاته وما دار فيه وما خلص اليه .. فساكتفى ببعض الملاحظات العابرة حول ما دار هناك ورأته عيناى .. او التقطته اذناى . كان مقررا للجلسة الاولى ان تبدأ عند التاسعة من صبيحة السبت 16 فبراير الجارى .. وقبل ذلك الموعد بقليل كانت القاعة قد اوشكت على تسجيل كامل الحضور .. كان تعليق رئيس الجلسة الدكتور الافندى ان هذه ملاحظة جديرة بالاعتبار ان نسجل هذا الحضور الملتزم حتى قبل الموعد المضروب .. قلت له يبدو ان هذه بركات الحراك .. ولكن الوقت لم يكن مناسبا ولا الزمن كافيا لاروى لهم هذه القصة .. فقبل سفرى بيوم خرجت باكرا لبعض شأنى .. وفي طريقى عثرت على صالون للحلاقة .. فاتحا بابه على مصراعيه .. و الحلاق يجلس على كرسى امام المحل .. نظرت الى ساعتى فكانت السابعة والعشرين دقيقة صباحا .. حيرنى المشهد ولكننى قررت انتهاز الفرصة .. فقد كنت بحاجة ماسة لزيارة صالون .. دلفت اليه بالفعل .. و بدأ الرجل عمله بهمة عالية .. فسألته بحذر .. ليه فاتح بدرى كدة .. ؟ واصدقكم القول ان تلك كانت اول مرة ارى فيها صالونا للحلاقة يعمل فى ذلك الوقت الباكر .. اجابنى الرجل .. اجابة اطارت صوابى ..او قل انها لم تخطر على بالى .. قال لى بنفس بارد .. والله عشان المظاهرات ..! سألته بعفوية لم افكر فيها .. وشعيرات رأسى تتساقط من حولى .. انت قاعد تمشى المظاهرات ولا شنو .. ؟ اجابنى بعد صمت قصير ..اجابة دبلوماسية .. والله فى ناس بيمشوا المظاهرات وناس بيمشو بيوتم .. لم يكن لدى من سبب ان أسأله عن موقفه الشخصى .. فهذا شأنه .. كما ان موقفه السياسي لن يكون له كبير تأثير على أدائه المهنى .. هذه واحدة من النقاط الفرعية التى ناقشها ملتقى الدوحة .. غير اننى تذكرت فى تلك اللحظة ملاحظة مهمة .. وهى ان كثير من الناس ومنذ بدء .. الحراك الثورى.. بات نشاطهم يبدأ مبكرا .. خاصة اذا كان ذلك النشاط من النوع الذى يحتاج الى جولة فى الاسواق .. او التردد على دواوين الحكومة وما على وزنها .. والسبب دائما .. عشان المظاهرات .. والناس ينجزون اعمالهم مبكرا .. اما للحاق بالمظاهرات .. او اللحاق ببيوتهم ..! ويمكن القول ان التبكير وليس البكور .. واحد من بركات الحراك .. ولنا عودة ..!