ومن الخُطب التي يجب تخزينها في ذاكرة الغرائب، خطاب وزير الزراعة بنهر النيل حين خاطب بعض الأهل بمنطقة أبوسليم قبل شهر ونيف، فالمناسبة كانت حشدا من أعيان تلك المنطقة للإحتفاء بمشروع زواج جماعي لشباب المنطقة، خاطبهم وزير الزراعة قائلا : ( آلان أكملنا لكم دينكم، وسوف نوفر لكم الغذاء لاحقا إن شاء الله)، ثم غادر موقع الحفل ..وزير الزراعة كان يعلم بأن الأهل بأبو سليم بحاجة إلى شق ترعة رئيسية في وادي أب كرمت، حيث اليباس والجفاف لعجز حكومة الولاية عن شق تلك الترعة المنشودة، ولانه يعرف مخاطر وآثار ذاك العجز الذي أفقر المنطقة وجرد أهلها من الغذاء، غطاه ب (آلان أكملنا لكم زواجكم)، وهكذا دائما الأذكياء ..أي يغطون عجزهم عن إحياء المشاريع المهمة بالحديث عن المشاريع الهلامية..ودونكم الشيخ الصافي جعفر كنموذج آخر ، فهو أفضل من يتحدث عن أوهام المشروع الحضاري، ليغطي بها مآسي مشروع سندس ..!! ** وعلى دربها يسيرالفريق الهادي عبد الله، والي نهر النيل..نعم ربما يقتدي الوالي الهادي بوزير زراعته وشيخ الصافي، ولذلك أصدر القرار رقم (129)، قبل أسبوع ونيف..فالقرار لايوجه وزير الزراعة بإحياء المشاريع الزراعية بغرب شندي،حيث يصيبها الجفاف في مواسم الزرع ويلجأ أهلها الى رئاسة الجمهورية بالشكاوي في مواسم الحصاد، فالقرار رقم (129) لم يوجه وزارة الزراعة بتوفير المياه لتلك المشاريع اليابسة، لا، القرار ( أهم من كدة)..وهو ليس بقرار يوجه وزارة التعليم باكمال الإجلاس الذي يفتقر اليه تلاميذ مدارس الولاية، وكذلك ليس بقرار يوجه ذات الوزارة باكمال نقص الأساتذة والكتب، وليس بقرار يخاطب الأباء والأمهات بأهمية تعليم صغارهم بدلا عن إرسالهم الي الفيافي بحثا عن الذهب، فالقرار لايعالج هذه القضايا، بل هو ( أفضل من كدة بكتير) ..!! ** ثم، فلندع كل تلك ..هل تتابعون أيها الأفاضل قضية المناصير كما تفعل وسائل إعلام الدنيا والعالمين؟..نعم لايزال الأهل هناك يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في ميدان العدالة بالدامر، ومعهم أطفالهم..مطالبهم ليست هي الشراكة في الحكومة ثم منحهم منصب وزارة التجارة ك(حصة أساسية)، أوكما كان يفعل مولانا قبل أسبوع ونيف..وكذلك لم يطلب المناصير الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها من المطالب التي تضج بها خطابات وبيانات القوى السياسية بالخرطوم والحركات المسلحة بدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان..ثم الأهل بالمناصير لم يعتصموا بحثا عن منصب نائب رئيس أو مساعد أو(مساعد المساعد)..بل سقف مطالبهم لم يتجاوز - منذ بداية إعتصامهم قبل نصف شهر والى يومنا هذا - إيجاد مسقط رأس تتوفر فيه مدرسة للتعليم ومستشفى للعلاج وكهرباء للإضاءة ومياه للشرب ثم مقبرة يدفون فيها موتاهم، أي هم يطلبونا وطنا بعد أن أغرقت بحيرة السد وطنهم ..وما لم أكن مخطئا في قراءة نصوص دستور الدولة السودانية، فتلك المطالب بمثابة حقوق يجب أن توفرها حكومتهم الولائية ثم حكومتنا المركزية.. ومع ذلك، القرار التاريخي رقم (129)، والذي أصدره والي نهر النيل، لا يقرر أو يوجه أو يناشد أو يعد المناصير بتلك الحقوق الأصيلة..بل هو قرار ( أهم من كدة بكتير) ..!! ** كفى تشويقا، فلنبشر الأهل بنهر النيل بمحتوى القرار الإستراتيجين وقرار ربما مراد به حل كل تلك القضايا والأزمات حلا جذريا..( تشكيل لجنة برئاسة بوزير الزراعة وعضوية آخرين، لتأسيس قناة أرض الحضارات الدولية بنهر النيل..وذلك لعكس الوجه الثقافي والتراثي والحضاري للولاية..على أن تعول القناة لشركة البجراوية للحلول المتكاملة..والله الموفق)، هكذا القرار البشارة، فلاتكتئب ياصديق.. الميزانية المقدرة لهذه القناة ( مليون وسبعمائة الف دولار)، حسب الدراسة التي أجرتها إحدى الشركات قبل أشهر..علما بأن شركة البجراوية الوارد ذكرها في ثنايا تلك البشارة هي إحدى شركات حكومة الولاية التى يجب تصفيتها والتخلص منها، أوهكذا طالب المجلس التشريعي بالولاية قبل أشهر..أها شن قولك يا حبيب ؟..تقول لي مناصير ومدارس ومشاريع وعطش ؟..هذه القناة الرسالية المباركة هي الحل الجذري لقضية المناصير ولكل قضايا نهر النيل..وهي بالتأكيد لن تعكس للعالم مشاهد إعتصام المناصير ولابؤس حال مشاريع ومدارس ومشافي نهر النيل، بل سوف تعكس وتبث خطب أمير المؤمنين بنهر النيل ووزراء حكومته، حفظهم الله..وعليه، نقترح تدشين هذه الفضائية الدولية بخطبة من شاكلة : اليوم أطلقنا فيكم فضائيتنا، أما قضاياكم الإنصرافية - التي من شاكلة عطش المشاريع وتسرب التلاميذ وإعتصام المناصير - فلاحقا إن شاء الله )..!! إليكم - السوداني [email protected]