خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    هل رضيت؟    موقف موسى هلال يجب أن يسجل في دفاتر التاريخ    الخال والسيرة الهلالية!    الدعم السريع يغتال حمد النيل شقيق ابوعاقلة كيكل    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    وصول البرهان إلى شندي ووالي شمال كردفان يقدم تنويرا حول الانتصارات بالابيض    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    بمشاركة أمريكا والسعودية وتركيا .. الإمارات تعلن انطلاق التمرين الجوي المشترك متعدد الجنسيات "علم الصحراء 9" لعام 2024    تراجع أم دورة زمن طبيعية؟    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تطرح أغنيتها الجديدة في يوم عقد قرانها تغني فيها لزوجها سعادة الضابط وتتغزل فيه: (زول رسمي جنتل عديل يغطيه الله يا ناس منه العيون يبعدها)    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو القدح السوداني
نشر في النيلين يوم 18 - 04 - 2016


يعيب البعض على السودانيين، جفاف عواطفهم
واحجامهم عن التعبير عنها ان وجدت، حتى قال بعضهم أن أقصى ما يمكن أن يبوح به
الرجل السوداني لزوجته من كلام الحب: عليك الله سوي لي فنجان من جبنتك المظبوطة ديك !!
وينسى هؤلاء أن السودانيين شعب عاطفي ودود،
ولكن تجري في عروقه دماء حارة، تعوق التعبير عن تلك المشاعر .. ربما لقناعتهم بأن
الحب مكانه القلب وهو كالإيمان أصدقه (ما وغر في القلب وصدقه العمل) .. أن تعمل
على راحة محبوبك وتأمين سعادته، خير من ان تسمعه مواويل الغرام ..
* كانت (زينب) متكئة
على جانبها الايمن ترضع وليدها الذي شرّف الديار بمقدمه حديثا، بينما تبث شكواها
من شعور بالسقم والغثيان لازمها منذ وضوعها قبل ايام، ل (مناهل) ابنة جارتها
الحاجة (أمونة)، التي حضرت مبكرة لمصابحة النفساء، وتقديم يد المعاونة لها في
رعاية الصغار، عندما رفعت الصبية رأسها فرأت (خير الله) زوج (زينب) يعبر راكوبة
المطبخ في الجهة المواجهة للغرفة من الحوش .. تلجلجت في حياء وقالت لمضيفتها:
راجلك واقف بره .. بقعد ليكم في الراكوبة
يمكن يكون دايرك في كلام.
مع تحرك (خير الله) مغادرا المكان، نهتها
(زينب) بحركة يدها عن الخروج وهي تقول:
لالا .. ما دايرلو شيء .. بس قال لي خلاص مارق.
تعجبت (مناهل) من رد جارتها، وكيف علمت ما
يريده زوجها بمجرد التقاء اعينهما من بعيد، وبشيء من حب الاستطلاع زاده فضول
المراهقة سألتها:
قال ليك كيف ؟ هسي راجلك ده يادابو مدّا راسو
بالراكوبة ورجع .. عرفتي كيف الداير يقولوا ؟
اجابتها (زينب) ببساطة بريئة: من الصباح
كلمني قال بدّلا الجنينة بعد الفطور .. وكتين جاء عاين لي من بعيد يعني معناتو بدور
يقول لي خلاس مشيت.
ظلت (مناهل) تلاحق (زينب) بأسئلتها الفضولية،
وكأنها تريد أن تستقصي عن طبيعة العلاقة، بين (زينب) حمامة القرية الوادعة الطيبة،
وزوجها (خير الله) صنديد القرية الذي تهابه فيها حتى قلوب الرجال، وتتجنب نساءها
وصبياتها الطريق الذي يعبر من خلاله، فبالاضافة لملامح وجهه الصارمة وشاربه الكث،
اضاف صوته الجهوري بعدا آخر لهيبة زعامة ورثها من والده كبير القرية بصفته أكبر
الابناء ..
لم يكن اختيار (زينب) ذات الاربعة عشر ربيعا
عروسا ل (خير الله) محض صدفة ولا اختيار أمهات، فقد تابع قلبه (تبتها) وسط
قريناتها من صغيرات القرية، وكم اسرته بوداعتها وهدوءها وسمتها الرزين، لذلك لم
يلقى اختياره لها سوى الترحيب من الجميع، ولم يسمع صوت اعتراض إلا بعض همهمات عدم
الرضا من المرحومة والدة (زينب)، وذلك لاعتقادها بأنه (راجل ناشف وكلامو قوي) وسوف
يشقي صغيرتها الوادعة بجفافه وقسوته .. ولكن
طوال سنوات ارتباطهما بالزواج، وحتى انجابها
لوليدها السابع قبل أيام، لم تشكو (زينب) من زوجها لأحد، فقد نجحت في مسايرته
ومسايسة طبعه وتعايشت مع كلامه القليل، بل تعوّدت أن تفهم مراده من نظرة عينيه،
وكلما داعبتها جاراتها ب (راجلك الصعب ده بتتفاهمي معاهو كيف ؟) دافعت عنه بأنه
مثل (أبو القدح) .. جاف وصلب من الخارج، رقيق سهل العطب من الداخل ..
قبيل العصر، عاد (خير الله) للبيت مسرعا مع
المرسال، الذي ذهب إليه يخبره عن توعك (زينب) واصابتها بالحمى، هاله أن وجدها تهذي
في غيبوبة الحمى، فأسرع باستئجار عربة بوكس وانطلقوا بها نحو مستشفى المدينة
المجاورة، وهناك تم ادخالها لوحدة العناية الفائقة ومنعت عنها الزيارة لخطورة
حالتها ..
مرت سبعة أيام بلياليها الطويلة، قضاها (خير
الله) في خوف وانتظار مترقب لانجلاء غمة المرض عن زوجته، لم يتمكن خلالها من
الدخول والاطمئنان عليها سوى في تلك اللحظات التي تسمح له الممرضات باختلاس النظر
عبر الباب لمرقدها من بعيد، حتى جاء الفرج عندما بشّره الطبيب، وطلب منه الاسراع
باحضار سرير النقالة لحمل زوجته وتحويلها لعنبر الحريمات لاستكمال علاجها بعد زوال
الخطر ..
أسرع باحضار النقّالة وبصحبته بعض اقاربهم من
اشقاء (زينب) واشقائه وبني عمومتهم، ولكن الممرضة سمحت له بالدخول وحده .. تقدم
نحو فراشها مترددا وقد عصفت به مشاعر فرح خالطه الاشفاق والحنان، عندما رأى وجهها
الزابل وعينيها المنطفئتين .. تقدم منها في صمت ومد يده الضخمة المشققة بفعل
الطورية والجفاف .. وضعها على كفها وضغط عليه وهو يتمتم وقد خنقته العبرات (حمد
للا بالسلامة .. حمد للا بالسلامة)، فردت عليه بصوت واهن (تسلم ) ..
لحظات سرى بينهما فيها تيار من الحميمية
والمودة، سرعان ما انقطع بصوت آمر يطلب منه (هااا أرفع معاي بهناك .. ايوا شيل
بالملاية)، عاد لارض الواقع وانحنى يحمل جسد زوجته النحيل على النقالة وقد عادت لوجهه
ملامحه الصارمة من جديد !!
(أرشيف الكاتبة)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.