الشيخ تميم بن حمد، تولى حُكم قطر وهو يبلغ من العمر 33 عاماً.. إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا الحالي، يبلغ من العمر 39 عاماً، زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون يبلغ من العمر 34 عاماً.. بل أصغر وزيرة في العالم، شما المزروعي تبلغ من العمر 21 عاماً.. لكن الجهات التي صاغت قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2017م، رأت أن رئيس التحرير يجب أن يبلغ 40 عاما فما فوق وأن لا تقل سنوات خبرته عن 15 عاماً..! زادوا في العمر خمساً وسنوات الخبرة خمساً، وكأنهم في كوكب آخر.. القانون الجديد، بلا جدال، يُعد الأسوأ، كرس للجزاءات والعقوبات مرحِّباً بكل أشكال العقوبات..! يُعاقب الصحفي بقانون الصحافة والقانون الجنائي وقانون جرائم المعلوماتية وقانون الأمن الوطني وقانون الملكية الفكرية، فكان أخفهم وطأة قانون الصحافة لكنه بات أشده قسوة..! في السابق، لم يكن القانون يسمح لمجلس الصحافة بمعاقبة الصحفي، باعتبار أن العقوبة تقع على المؤسسة الصحفية، لكنه الآن أعطى لنفسه هذه السلطة، “أن يوقف الصحفي عن الكتابة للمُدة التي يراها مناسبة”..! المُدة قد تكون شهراً، أو عاما أو مدى الحياة..! هكذا دائماً هم المتجبرون.. في دول العالم، يعاقب الصحفي في المحكمة إما بالتعويض المادي أو المعنوي، لكنه في السودان يمكن أن يوقف من الكتابة مدى الحياة، بل ويمكن أن يُسجن..! كان السقف الأعلى لمعاقبة الصحيفة وإيقافها لا يتجاوز ثلاثة أيام، لكنه أصبح بمشروع القانون الجديد 15 يوماً..! بإمكان المجلس مع هذا القانون أيضاً أن يسحب ترخيص الصحيفة لمدة ثلاثة أشهر، ويا لها من عقوبة..! يريد هذا القانون أن (يُكاوش) على أي شيء، فضم النشر الإلكتروني إليه، رغم أنه يتبع لقانون المعلوماتية، ولم يجتهد القانون في وضع تعريف واضح يُفرق بين النشر الإلكتروني والصحيفة الإلكترونية، ويا له من فرق..! بحسب التعريف الوارد في القانون الجديد للنشر الصحفي الإلكتروني “استخدام التقنية في بث واستقبال ونقل المعلومات المكتوبة سواء كانت نصوص أو مشاهد أو أصوات أو صور”.. وهل هذا التعريف يشير إلى أن صاحب الموقع صحفي أو ملتزم بالمعايير الصحفية؟ ألا يمكن أن يكون مجرد هاوٍ لا يعرف عن الصحافة شيئاً؟.. ملايين المواقع في الإنترنت تعمل بهذه الطريقة، ولا أحد يسميها صحيفة إلكترونية، إلا نحن..! كان سحب الترخيص في معاقبة الصحيفة يتم لمدة لا تتجاوز 3 أيام لكنه أصبح الآن ثلاثة أشهر..! القانون الجديد خفض نسبة تمثيل الصحفيين داخل مجلس الصحافة من ثمانية إلى خمسة، واستعاض عن الثلاثة بممثلين من اتحاد العمال وأصحاب العمل والمرأة..! نطالب بحذف الصحفيين الخمسة وإدخال ممثلي اتحاد المحامين والمهندسين والرعاة.. ولم لا؟ “المافي شنو؟” قانون لم يُكتب ليحفظ للصحفي حقوقه، إنما للتضييق عليه بكل الممكن والمستحيل، ولا عجب في ذلك، طالما كتبته جهات حكومية أو حزبية في الدولة، لكن ما يثير العجب ويرفع حاجب الدهشة، أن يتماشى مجلس الصحافة مع هذا القانون ولا يعترض عليه..! بقلم