حتى بداية القرن التاسع عشر الميلادي، أي قبل حوالي 200 سنة من الآن، ظلت مدينة زبيد، الواقعة في محافظة الحديدة اليمنية، تتكلم اللغة العربية الفصحى، وتستعين على ذلك بعادة غريبة مع ضيوف المدينة. ذكر لنا ذلك مرتضى الزبيدي، المتوفى 1790 للميلاد. وهو ابن المدينة وأشهر أعلامها، وله المعجم الشهير “تاج العروس في جواهر القاموس”. على أنه فقيه ولغويّ ومحدّث ومؤلف. وأمام كلمة “عكاد” وضع الزبيدي تعريفه، الذي اطلعت عليه “العربية.نت” كاتباً: ” عَكَاد (كَسَحاب: جبل باليمن، قرب مدينة زبيد حرسها الله وسائر بلاد الإسلام (أهلها باقية على اللغة الفصيحة) إلى الآن، ولا يقيم الغريب عندهم أكثر من ثلاث ليالٍ خوفاً على لسانهم”، وهذه قصتهم الغريبة مع الضيف. ولم يتسنَّ ل”العربية.نت” التأكد من أن أهل زبيد باقون على اللغة الفصيحة حتى يومنا هذا، إلا أن بعض المنتديات المعنية بشؤون اللغة على النت ذكرت أن لغتهم داخلتها لكنة، رغم بقائهم على استخدام كلمات قديمة أصولها معروفة في المعجمات العربية. وزبيد مدينة تاريخية مدرجة على قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر في عام 2000، “بسبب التهديدات المتعلقة بالتنمية”، وفق ما ورد في الموسوعة “ويكبيديا”. أما مرتضى الزبيدي، مؤلف “تاج العروس”، فهو عالم كان رحالةً بين اليمن ومكة والطائف والمدينةالمنورة ومصر. ويروي المؤرخ الشهير، عبد الرحمن الجبرتي، أن الزبيدي عندما أتمّ كتابة قاموسه أولم وليمةً حافلة جميع فيها طلاب العلم وأشياخ الوقت (..) وأطلعهم عليه وشهدوا بفضله. وإن لم يكن الزبيدي أشهر علماء المدينة اليمنية على الإطلاق فإنه الثاني شهرةً بعد الفيروزآبادي، وهو معجمي قديم، اطلع على علمه “مرتضى” وجعل المعجم القديم وهو (القاموس المحيط) من أهم مصادر المؤلَف الشهير “تاج العروس في جواهر القاموس”. ولهذا المعجميّ الذي أنفق وقتاً طويلاً في تأليف المعجم (زهاء 14 عاماً) قصة رومانسية مع زوجته واسمها زبيدة، فقد أحبها حباً جمّاً، ولما توفيت حزن عليها حزناً شديداً وأقام على قبرها مقاماً ومقصورة ولازمه أياماً طوالاً وكتب فيها القصائد. من الطريف اللافت بين كتب الزبيدي البالغة 107 مؤلفات – وفق إحصاء ورد في مقدمة “تاج العروس” – اسم مؤلف هو “التغريد في الحديث المسلسل بيوم العيد”، وهو مصطلح يدلّ على أن تويتر (موقع التغريد الأشهر) كان مسبوقاً بحوالي 228 سنة من حيث طرافة الاسم.
