يوم كان لبس السفنجة (الشبشب المصنوع من الاسفنج) ممنوعا في الخرطوم — جولة خرطومية — ... قالت الاهرام المصرية عن الخرطوم عام 1968م، انها مدينة جامعة لجمال الموقع الطبيعي ومحاسن النظام المدني والرونق الحضري وقصورها في غاية البهجة وشوارعها منتظمة.. لم يجرؤ احدا علي دخول مركز المدينة وموسساتها واسواقها وانديتها -بشبشب – او سفنجة .. كانت الافلام السينماية تشاهد بالخرطوم في ذات يوم عرضها بلندناوالقاهرة وكان مواطنو الخرطوم يقراون الصحف والكتب ويحصلون الاسطوانات يوم صدورها في مصر .. وكان العرب يشترون اقمشة الصوف والادوية الاوربية والشاي الحب وامواس الحلاقة من اسواق الخرطوم. كانت الخرطوم تزخر بالمسميات الاوربية لشوارعها ومحالها ومتاجرها ..كلها اختفت بعد الاستقلال، ومنها شارع فكتوريا الذي اصبح شارع القصر، وشارع نيوبولد شارع الحرية.، كما تحولت كلية غردون الي جامعة الخرطوم، وتحول اسم مدرسة الملك فاروق الي مدرسة جمال عبد الناصر. وكانت الخرطوم تتميز بالمقاهي الكبيرة كما هو حال القاهرة اليوم. ومنها خمسة تعد من كبريات المنتديات التي يتجمع فيها الاهالي وتقع في منطقة السوق العربي وهي/قهوة الزيبق/الكوباني/ وابوزيد /وقهوة الصنايعية/ والعيلفون ..... ويبدا العمل من الساعة الخامسة مساء في ترتيب ارايكها – الكنبات – التي تسع الواحدة من ثلاثة الي خمسة اشخاص ويفد الي هذه المقاهي الموطنون في جلاليب نظيفة مع العمامة او البنطال والقميص المحشو والحزام والاحذية الجلدية يتناولون الشاي بالحليب ويتسامرون ... ومجموعات اخري منهمكة في الهم السياسي او يستمعون الي الاغاني التي يبثها الفونغراف من الاسطوانات. والملاحظ ان المقاهي الافرنجية الاخري باستثناء – ميرلاند – يقوم علي خدمة روادها ابناء الاغريق ويتميز – اتني – بجرسونات شابات من اثينا يرتدين /تنورات قصيرة وبلوزات / بينما ينحني الجرسون امامك في ادب وهو يتلقي – البقشيش – كما افتتح الاديب المرهف ... عبد السلام كشة بشارع الجمهورية مقهي – ميرلاند – علي نمط – الفيشاوي – في القاهرة — كانت الخرطوم تعد مدينة اوربية حيث يتم غسل شوارعها مع الفجر واحيانا يخلط الماء بالديتول ... خاصة شارع القصر وكانت سيارات البلدية – الصهاريج – تقوم في الصيف برش شوارع الاحياء الشعبية لتثبيت التراب ومحاربة السحائي وتلطيف الجو مع كثافة الرش في شهر رمضان .. كانت الخرطوم مشهورة بالاكلات الشرقية الطاعمة .. وسفراء الدول يفضلون تناول وجبة الغدا في فندق- الاكروبول – وفي ذلك الزمان كانت الخرطوم مهوسة بسباقات الخيول التي تنعقد اسبوعيا بالعاصمة، وشهريا بودمدني – وكانت الدولة العربية الوحيدة التي يشارك مواطنوها في سباقات الديربي البريطاني للخيول الذي ترعاه ملكة بريطانيا وقد كانت محلات/مرهج / بشارع الجمهورية توفر قوايم ذالك السباق والخيول المشاركة ونبذة تاريخية عنها – كما تقوم بتعبية الاستمارات وتسديد قيمة المراهنات ويقوم المحل بارسالها الي لندن . كان الاهتمام بالحذاء يعد سلوكا حضاريا الي جانب الاناقة .. ولهذا نشطت المتاجر في عرض اجمل وارقي الاحذية واخر الصيحات وكان الرجال والسيدات وخاصة الشباب يختارون احذيتهم من الكتلوجات التي يوفرها لهم دكان / البون مارشية / وهو فرنسي في الركن الجنوبي الشرقي من العمارة التي حل مكانها البرج الحالي بالمحطة الوسطي الخرطوم. وكانت تنتشر فيها ايضا وبكثافة الاندية والمحال التجارية الاجنبية – ومنها حلواني ( الجي بي GB) وهو اختصار لبريطاني العظميGreat Britain وكان يقدم اجود انواع البقلاوة والتورتات والجاتو.. وحلواني /بابا كوستا / اليوناني الذي اشتهر بصناعة المعجنات.. ومخبز كتشنر شمال جامع الخرطوم المتخصص في انتاج الرغيف البلدي.. ومن الاماكن الاجنبية صالة غردون – للرقص – ومرقص / سانت جيمس / الذي يتسم بالشعبية ويقدم اغاني الجازالغربية ..... ومن المطاعم الاجنبية مطعم / رويال/ شناكا/ ولورد بايرون ..وموريس قولدن بيرج للنظارات – وبونباي بازار – ومالكه ميرزا ويقدم ارقي الملبوسات الرجالية والشبابية .. ونشير الي ان هذه المحال والمتاجر والاندية والمطاعم اغلقت ابوابها بعد ان قام نظام نميري بتاميم التجارة عام 1970م —- نقلا من نافذة الاسبوع / —- الخرطوم زمان — سبحان الله مغير الاحوال الاستاذ عبدالله الحسن المحامي