تراسيم.. مدارسنا!! عبد الباقي الظافر بعد أن فرغ وزير التربية والتعليم السابق بولاية الخرطوم من أداء مهامه الجسام.. وأثناء تجواله بالشارع العام لمحَ سيادته سيارة نصف نقل.. تسرف في حمولتها من التلاميذ.. فتصدى لها الوزير الهمّام وزجر سائقها.. ونسى سعادته أنّ فصول مدارسه تنوء وتئن من كثرة التلاميذ. ذات الاستغراب طاف بذهني.. وأنا أقرأ خبراً في هذه الصحيفة.. يحمل لنا البشرى أنّ ولاية الخرطوم ستشرع في بناء (20) مدرسة.. فطفقت أبحث عن صفر ناقص أو صفرين.. وليست الخرطوم وحدها التي تعاني.. فقد اختار بعض طلاب ريفي أبو جبيهة بجنوب كردفان أن يعودوا للعصور الوسطى.. ويصنعوا لأنفسهم مقاعد من حجر.. ووثقت للحادثة عدسات زميلنا عباس عزت. تقارير دولية تقول إن مائتي ألف تلميذ ضلوا طريقهم من المدارس واختاروا (عيشة السوق).. فيما سجل التسرب ومغادرة الدراسة معدلات عليا في ولاية كسلا.. وذات الأمر ينطبق بصورة أكثر ألماً في دارفور الجريحة. على مستوى السلم التعليمي.. وكل ما مرّ حينٌ من الزمان.. يشتاق صناع القرار إلى التغيير، فيقفزون على سور المدارس.. ويعزفون على السلم السداسي.. ثم يجعلونه ثمانية.. والآن يبحثون عن سلم جديد. المناهج نالت حظها من (الخرمجة).. حتى إنّ وزير التعليم العام الشاب مصطفى فرح، وبعد أن صعب عليه الأمر.. وجه المدارس أن تجمع بين المنهجين، القديم والجديد.. فكان الحل اليسير أن ترتاح الوزارة ويشقى الطلاب. واقعنا بائس.. الحكومة السودانية وعندما امتلأت خزائنها من عائدات الذهب الأسود.. مارست التقشف على أهم بندين في حياة المواطن الصحة والتعليم.. الإنفاق على التعليم مثله مثل الإنفاق على صحة المواطن.. قل نصيبه في الموازنة.. فبعد أن كان في العام 2002م يُحظى ب (4.6%).. نال في العام الماضي فقط نحو (2.9%). الأرقام التي لا تعرف أن تتجمل.. منحتنا شرفاً جديداً في السجلات الدولية.. فنحن الآن أكثر الدول الأفريقية بخلاً على التعليم المدرسي.. نتقدم على دول مثل جيبوتي ويوغندا.. دول فقيرة جداً ولكنها تنفق بسخاءٍ على التعليم. هنالك بارقة أمل.. التعليم الخاص الآن يتقدم.. ومن قبل كان الإلتحاق بالمدارس الأهلية مؤشراً للفشل.. والآن منسوبوه يحملون شارة التميز.. ولكن المشكلة أنّ حكومتنا الوطنية تضع العراقيل.. وتفرض الرسوم المسيئة على كل من تحدثه نفسه بالإستثمار في المستقبل.. وفي دول أخرى تنال المدارس الخاصة دعماً من الحكومات. مطلوب بإلحاح أن تزيد الدولة من إنفاقها على التعليم.. وتنظر إلى الطلاب والتلاميذ باعتبارهم أصلاً من أصولها.. خروجهم من مسار التعليم يجعل الحكومة تنفق إنفاقاً مضاعفاً على بنود أخرى. التيار