بعت الواطة (الخرابة) في الخرطوم...واشتريت شقة (لوكس) في الأسكندرية!! بكري الصايغ [email protected] 1- ***- تلقيت مكالمة من قريب لي تربطني به صلة قرابة قوية ،يفيدني بانه يقيم حاليآ بمدينة الأسكندرية مع زوجته وبناته الاربعة. وترك السودان (الجمل بما حمل)، وانه قد استطاع امتلاك شقة سكنية كبيرة وواسعة بها ثلاثة غرف وصالون كبير و\"بلكونة\" بالقرب من منطقة (الشاطبي) ومطلة مباشرة علي البحر. وابديت له صراحة دهشتي الشديدة واستغرابي الكبير من هذا التحول المفاجئ في حياته، ***- فقريبي هذا كنت اعرف انه لايملك من حطام الدنيا الا راتبه المتواضع الذي كان لايكفيه- بحسب كلامه - حتي العشرين من الشهر ،بجانب امتلاكه لقطعة ارض سكنية جدباء خالية من عروشها منذ اعوام السبعينيات لااساس فيها ولابنيان ...وكيف لها وان يبنيها وحاله المسكين يغني عن اي كلام?. ***- وطلبت منه ان يحكي لي قصة نزول \"ليلة القدر\" عليه...وكيف تبدلت اموره من حال لحال?!! 2- وراح يحكي ويقول: في عام 2007 جئت للاسكندرية بصحبة والدتي لعلاجها من مرض بالعيون، ونزلنا في ضيافة احد اقاربي الذين يقيمون بالسنين الطوال في المدينة (اكثر من 40 عامآ)، وصادف ان تبادلنا الحديث عن الاوضاع في السودان ودخلنا في السرد عن احوال العائلات والاهل هناك ثم عن احوالي ومعيشتي القاسية في بلد تنعدم فيه ابسط مقومات الحياة الانسانية البسيطة، بل حتي الحصول علي مياة الشرب النقية او غير النقية اصبحت مشكلة تواجه 40% من سكان العاصمة المثلثة، وتطرقت في كلامي عن سوء الاوضاع في لخدمات الصحية والتعليمية وغلاء الاسعار الضرورية وخاصة الادوية وتزايدها بلا رابط او حسيب، والفساد في كل شيئ حتي في بناء الجوامع!!، ***- قلت له في كلامي ان قطعة الارض السكنية التي ورثتها عن والدي في السبعينيات مازالت هي في حالها بلا اي تغيير...وقلت له ايضآ وكيف ابنيهاواشيد عليها منزلآ متواضعآ وقد اصبح الحصول علي الأسمنت و\"الاسياخ\" لمن استطاع ليها سبيلا?...وحتي لو افترضنا جدلآ انني قد تحصلت علي الاسمنت و\"الاسياخ\" من اين لي ان ادفع اجر المقاول والعمال وقد اصبح اجرالعامل الفني يساوي اجر وكيل وزارة...ويتقاضي اجره بالساعة لابالشهر او بالاسبوع?.. ***- تطرقت في كلامي عن \"مافيآ\" تجار الاسمنت والذين هم مدعوميين بقوة من قبل الحكومة بشكل لايخفي علي احدآ، وتسكت الحكومة عن ممارساتهم الفاسدة وتخزينهم للاسمنت و\"الاسياخ\" وباقي مواد البناء طوال فترة العام لتظهر في فصل الصيف مع قدوم المغتربيين المساكيين الغلابي فترتفع اسعار ماخزونها من مواد لتباع باضعاف مضاعفة ويضطر المغترب المسكين الذي يملك قطعة ارض في دفع كل ماعنده من مال لاكمال البناء لانه لايستطيع البقاء طويلآ بالسودان لظروف عمله بالخارج، ***- اما نحن المساكين بالداخل فلا نملك من حيلة اخري الا نشتري (وغصبآ عنا) الاسمنت الفاسد المستورد من مصر!!، ولااحدآ يعرف كيف دخل هذا الاسمنت المخالف للمواصفات العالمية?..ولاكيف مرت الشحنات من الجمارك?!!، كل الحكومات التي مرت علي البلاد منذ عام 1978 حتي اليوم ماوضعت خطط ثابتة وواضحة تسير عليها في مجال الانشاءات والتعمير، كل هذه الحكومات تركت امر اسعار البناء الضرورية بيد التجار وعصابات \"المافيآ\"!! 3- ***- وبعد طول كلام وحديث محبط عن الحال في السوداني اقترح علي قريبي ( الذي يقيم بالاسكندرية) ان اقايض قطعة الارض بالخرطوم ب\"شقة\" سكنية بالاسكندرية ودون ان ادفع اي مبلغ اضافي فوق المقايضة. وافهمني بانه وهناك تجارة من هذا النوع في مصر ويستفيد السودانييون بصورة خاصة منه، وان اكثر فئة استفادت من عمليات مقايضة اراضيهم بالسودان ب(شقق) وفلل هم فئة المغتربيين الذين ملوا من الجري وراء سراب اسمه تشييد منازل بالسودان، وانهم ليسوا علي استعداد لتضييع ماتبقي لهم من عمر فقط من اجل البناء!!. ***- وشرح لي قريبي بانه وهناك سودانييون يقيمون بالقاهرة والاسكندرية ويمارسون هذا النوع من التجارة منذ زمن طويل، وقد اكتسبوا الثقة الكاملة لانهم لايخدعون ولايغشون في جارتهم و( عيونهم مليانة)!!. 4- ***- ترددت كثيرآ في بداية الامر في قبول الاقتراح خصوصآ وانني لم استوعب اشياء كثيرة فيه ،ولكن مع مرور الزمن وبتواجدي في الاسكندرية وزيارتي لاسر سودانية كثيرة جاءت للاسكندرية واستوطنت فيها بصفة دائمة بعد استبدلوا اراضيهم السكنية او منازلهم...ورأيت بنفسي كيف يعيشون في راحة نفسية وهدوء بال بلا مشاكل او معاناناة يومية، وايضآ ويعد ان تناقشت مع العديدين منهم حول مزايا السكن والمعيشة بصفة دائمة في (بلدآ مابلدك) الذين اكدوا لي انهم لم يجدوا في اليوم من الايام وطوال حياتهم بالسودان بمثل هذه الحياة الطيبة الهانئة بالاسكندرية....ولكنهم اشاروا صراحة الي ان اولاد وبنات الجيل الجديد وبعد ارتباطهم بالارض الجديدة لايحبذون ولايرغبون في زيارة ولو طارئة للسودان ،وهي ايضآ مشكلة تعاني منها كثيرآ من الاسر السودانية في السعودية وباقي دول الخليج بصورة خاصة...ماعدا هذه المشكلة فكل شيئ علي مايرام في حياتهم الجديدة!!... ***- عندها بدأت افكر جديآ في استبدال قطعة ارضي (الخرابة) ب(شقة) سكنية وتحميني واسرتي من غدر الزمان. 5- ***- وبالفعل بدأت ومعي قريبي في اجراء اتصالات مع ملاك \"الشقق\" بالاسكندرية، وتوفقت في توقيع عقد مبدئ مع احد الاخوة السودانيين لحين وصوله للخرطوم ومعاينة القطعة بنفسه. وبموجب العقد المبدي ان اتحصل علي \"شقة\" بمنطقة \"الشاطبي\" وتم اخطاري بكل التفاصيل عن العمارة والشقق التي ب\"العمارة\" وتاريخها ومتي تاسست ولم يخفي علي عيبها في انها- باردة شتاءآ الي حد كبير- مثلها ومثل كل بيوت و\"شقق\" المدينة شتاءآ!! ***- وهناك ايضآ عيبآ اخرآ يتمثل في انه وفي عملية القايض تكون هناك عروضآ محددة لل(شقق) يختار منها صاحب الارض \"شقة\" محددة...عكس الذي عنده مال ويمكنه معاينة مئات \"الشقق\" ويختار مايريد. لهذا يفضل بعض السودانييون وان يبيعوا اراضيهم بالسودان وياتون لمصر باموالهم لمصر ويعاينوا البيوت والفلل و\"الشقق\" وبعدها يشترون، وايضآ بعض المغتربيين ياتون للشراء وبعيدآ عن المقايضة والسماسرة!! 6- ***- جاء الي السودان صاحب \"الشقق\" وعاين الارض السكنية، وصراحة لم تعجبه كثيرآ ولكن رغبة منه في مساعدتي ولعلاقته القوية بقريبي بالاسكندرية وافق علي المقايضة واكملنا الاجراءات بالخرطوموالاسكندرية ( وماادراك ماهي من اجراءات) ولكن في النهاية استقرينا باللاسندرية وبدأنا حياة جديدة!! 7- ***- انه يقول في ختام كلامه، هناك تسهيلات كثيرة وقيمة قامت بها الحكومة المصرية للسودانيين لايتمتع بها اي اجنبي اخر وخاصة في مجال الاقامات والتمليك، ولايلمس هذه التسهيلات الا من يعيش بمصر.