مُكالمة هاتفيّة من صديق عزيزونبيل ، أعادت لى شريط متكامل من ذكريات البحث عن مفقودى الحروب السودانية/السودانيّة . هناك مئات - بل آلاف - الأُسر والإُمّهات والآباء والبنين والبنات والزوجات والحبيبات ، والأسر المُمتدّة ، مازالت تقف أسئلتهم فى محطّة الإنتظار والأمل المشروع ، ومع ذلك ، تواصل الطرق على أسئلتها المشروعة - على مدى سنوات - بحثاً عن إبنها الذى إنقطعت أخباره منذ سنوات الحرب الضروس بين الجيشين ( السودانى و الشعبى لتحرير السودان) ، قُبيل " هدنة " سنوات إتفاقيّة السلام الشامل .وهاهى طبول الحرب اللعين تُدقّ وتُقرع على أبواب أبيى ،التى أفردت لها الإتفاقيّة بروتوكولاً ،علّه ، يُجنّبها الدخول - مرّة أُخرى - فى أتون ومتاهات الحرب " المُتوقّعة " ، ويفتح الطريق أمام الطرفين لتحديد مصيرها - سلميّاً- عبر ( الإستفتاء ) وبعد فوات اوانه ، مازال الناس ينتظرون ، الحل عبرالحوار والتفاوض السلمى . وهاهى الحرب اللعين ، سمّها ( النزاع المسلّح ) تتواصل ويلاتها وأحزانها ومآسيها فى جنوب كردفان والنيل الأزرق، لأنّ "الوصفة الدوائيّة " المسمّاة ( المشورة الشعبيّة ) المُقترحة لعلاج جراحات مواطنى المنطقتين ،أُهملت وأُرجىء النظر فيها " حتّى ضحى الغد " ! . السودان ليس إستثناء ، فالعالم من حولنا يشهد ملفّات مماثلة، أينما وقعت الحرب اللعين .هناك ملف هام وحسّاس مسكوت عنه ، يُسمّى ملف ( المفقودين والمُختفين قسراً والأسرى والجرحى).وهو ملف يبقى الملف الحاضر الغائب ،ولكنّه - للاسف يُترك و يبقى قابع فى ( الهامش ) وعلى جداريات " حائط النسيان " حين " يتوهّط " ملف إقتسام السلطة والثورة فى ( مركز ) طاولة المُفاوضات . الآن ،وبعد كل هذه السنوات ،مازالت الحركة الشعبيّة فى دولة جنوب السودان والحكومة السودانيّة ، وبطبيعة الحال الحركة الشعبيّة ( قطاع الشمال ) مُطالبين - جميعاً وبالتساوى - أخلاقيّاً ،على الأقل ،بفتح هذا الملف الإنسانى بكل المسئوليّة والتعاون والعمل المُشترك ،لأنّ المُقاتلين والجنود ، لهم حقوق ، حتّى لا ينطبق عليهم القول الشهير ( أكلوهم لحماُ و رموهم عظماً ) ، كما لآلهم وذويهم حقوق وحُقوق . وأقلّها الإجابة على الأسئلة التى يطرحها الجميع ( أين هم الآن ؟ ) . وهناك منظمات المُجتمع المدنى المهتمّة بقضايا حقوق الإنسان ( هنا وهناك ) مُطالبة - هى الأُخرى - بوضع هذا الملف فى مكانه اللائق فى أجندتها العاجلة . ومن المؤمّل أن تُنشأ جمعيات أهليّة ومُنظّمات مُجتمع مدنى مُتخصّصة ،يكون ( مانديتها ) الأساسى و(رسالتها ورؤيتها ) هذه القضيّة الإنسانيّة المُجتمعيّة الهامّة . وحتماً ستجد شراكات عالميّة فى جبهتى المناصرة والضغط ،وجبهات أخرى .هذه دعوة صادقة ،لتكثيف الجهود فى هذا الملف الهام والحسّاس من الجميع . فلنبدأ الآن.ومشوار الميل ،يبدأ بخطوة .