[email protected] أحرص من وقت لآخر على الذهاب لبيت المسرحيين وهو في حقيقة الأمر ليس بيتاً بالمعنى المعروف يتكون من غرف وقاعات مكيفة وفناء فسيح وإنما هو فضاء تابع للمسرح القومي ويقع بينه ومبني التلفزيون تظلله أشجار باسقة وبعض أحواض الزهور التي تجد رعاية يومية على يد شخص مسكون بحب الخضرة وهو عثمان الحويج الذي ربط نفسه بهذا العمل منذ نشأة المسرح القومي حين كان من العاملين فيه وظل يواصل ذات العناية تطوعاً بعد أن جلس في مقاعد المتقاعدين0 ولأن موقع البيت استراتيجي فقد تجد فيه لفيف من المهتمين بالعمل المسرحي والإذاعي والتلفزيوني يمضون فيه وقتاً مثمراً ويبحثون فيه همومهم اليومية ويتبادلون ما يحيط بوسطهم من أخبار ويناقشون فيه مشاريعهم الإنتاجية فينطلقون إلى حيث تتحول المشاريع إلى أعمال تتجسد عبر الإذاعة والمسرح والتلفزيون أو (الحيشان الثلاثة) كما يحلو لنا أن نطلق على تلك المنافذ0 ومع أن لإتحاد الدراميين داراً مستأجرة انتقلت من جوار بوابة عبد القيوم إلى موقع مؤقت شمال مبنى الإذاعة إلا أنها نادراً ما تحشد أعداداً مقدرة حتى عند تقديم ندواتها الثقافية مقارنة ببيت المسرحيين، لذا فالأمل معقود على القائمين بإدارة المسرح القومي وإتحاد الدراميين لتطوير هذه المساحة المرتادة بواسطتهم وجعلها بيتاً رحباً عوضاً عن النأي بالدراميين لمكان لا يتوفر فيه اكسجين العمل الحقيقي. وفي جلسة محضورة كان الأستاذ المسرحي الشامل محمد عبد الرحيم قرني يجتر بعض ما علق بذاكرته وسط ثلة من شباب المسرحيين الذين فيما علمت أن أغلبهم من الذين دخلوا بوابة المسرح عبر إدارة الدراما بقصر الشباب والأطفال التي كان مشرفاً عليها لأكثر من عشر سنوات تخرج خلالها العديد من نجوم الدراما الناشطين في السنوات الأخيرة0 وحين تعرض قرني لتجربة مسرح الشارع التي نفذتها (طلائع أبادماك) أواخر الستينات وأوائل السبعينات تقليداً لتجارب مسرح البرود واي الأمريكي اتضح أن أغلب الحاضرين لم يسمعوا عنها إلا لماماً، فأظهروا توقاً لمعرفة الكثير عن تجربة تجمع الكتاب والفنانين التقدميين (أبادماك) في هذا الضرب وغيره من الفنون باعتبار أن تجمع أبادماك كان وعاءا شاملاً يضم أندية الشعر والنقد والمسرح والموسيقي والغناء والقصة والفن التشكيلي ويدفع بأعمالهم للمتلقين في مدنهم وقراهم وساحاتهم العامة0 وقد ألقى قرني الكرة في ملعبي باعتباري ممن ساهموا في هذا التجمع قدر استطاعتي فأعادني ذلك لمسرحية من تأليف الدكتور عبد الله علي أبراهيم وإخراج الأستاذ صلاح قوله المصري الأصول تم تمثيلها إحتفالاً بذكرى أكتوبر بساحة الشهداء جنوب القصر الجمهوري في ذات المكان الذي تظاهر فيه ثوار إكتوبر وهي تجسد الحدث ويختلط فيها الجمهور بالممثلين في تظاهرة فنية0 ولما كان الحديث قد تعرض لتجمع أبادماك الذي سبق أن أشرت إليه في مقالات سابقة بهذه الصحيفة وغيرها وألقيت الضوء عليه بغرض التوثيق في موقع سودانيز أونلاين فأسهم فيه كتاب عاصروا التجربة مثل الدكتور عبد الله على إبراهيم وبشرى الفاضل وصديق ضرار وصدقي كبلو وشارك بالتعليق آخرون أذكر منهم د0 النور حمد ودكتورة بيان وحسن الجزولي وعاطف عبد الله وغيرهم لتظل المادة محفوظة لمن شاء الرجوع ضمن باب الموضوعات المتميزة بالموقع، إذا سلكت طرائق الدخول إليه وهي عصية هذه الأيام، لذلك فإنني تفادياً لتكرار القول خاصة وأن الحيز لا يتسع له، أوجه الحادبين للرجوع إليه0 وجدير بالذكر إن الدكتور عبد الله علي إبراهيم، الأمين العام لذلك التجمع، موجود هذه الأيام بين ظهرانينا ومن الممكن أن يلقي الضوء ولو باقتضاب عبر عموده (مع ذلك) الذي انتقل به حالياً إلى صحيفة (القرار) الوليدة حديثاً إذ أن الكلام كما نقول (حلو في خشم سيده) فهل يستجيب لهذا الرجاء حتى يشفي غليل المتشوقين لمعرفة جوانب هذه التجربة؟0