عثمان ميرغني يكتب: «منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود    مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اسقاط النظام سلميا وعن طريق المظاهرات، كيف ومتى 1 – 2 ؟
نشر في الراكوبة يوم 12 - 06 - 2013

أحيانا يدلي البعض بأراء وأحاديث ساذجه، تفتقد للدقه والموضوعية وللنظره العميقه للأمور و (تقييمها) تقييما صحيحا .. وأحيانا أخرى تفتقد تلك الأراء للجديه فى التعامل مع الأمر وللمصداقيه والأمانة، ومثال لذلك ما يقال عن امكانية اسقاط النظام القائم فى السودان الآن بصوره (سلميه) ومن بين اصحاب ذلك الرأى مثقفين وزعماء وقادة احزاب كبار مثل الأمام (الصادق المهدى) الذى تسمعه يتحدث مرة عن (الجهاد المدنى) وضرورة اسقاط النظام بالوسائل السلميه، ومرة أخرى نسمعه يتحدث عن التهديد بتجييش اتباعه فى حزب الأمه وكيان الأنصار لمقاتلة الحركات الثوريه السودانيه جنبا الى جنب الجيش النظامى والكتائب والمليشيات الأرهابيه، التابعة للنظام والمسمة (بالدفاع الشعبى) وكأن السيد / الصادق، لم يقاتل ذات يوم نظاما ويحمل ضده السلاح، على الرغم من أنه وفى ذلك الوقت بالتحديد كان بكل المقاييس أفضل وارحم من النظام القائم الان وكم تمنيت أن اسمع ولو لمرة واحده للسيد/ الصادق المهدى وهو يتحدث عن (كتئاب) الدفاع الشعبى وهل تاسيس النظام لها عمل مشروع وقد كان سيادته آخر رئيس وزراء منتخب فى نظام ديمقراطى، لم يشكك أحد فى نزاهة الأنتخابات التى جرت فى ذلك الوقت وأوصلته لمنصب رئيس الوزراء؟
ربما تلك القناعه اعنى - (اسقاط النظام سلميا) - تتكئ على مبررات يرى اصحابها فيها شئ من المنطق رغم (سذاجتها) وسطحيتها، وسببها الخوف من المجهول ومن أن يتشبث الذين يستولون على السلطه عن طريق العمل المسلح مستقبلا بتلك السلطه وأن يمارسوا ديكتاتوريه واستبدادا وقهرا للشعب على نحو لا يقل عن استبداد النظام الذى خلعوه وازالوه.
وربما تلك الرؤيه مبنيه على تجارب تاريخيه عديده صاحبها كثير من العنف واراقة الدماء والمذابح ونصب للمشانق واهدار للحريات وكرامة الأنسان. مثل تجربة الأنقلابات العسكريه فى الدول الأفريقيه والعربيه التى ظهرت فى بدأية الخمسينات من القرن الماضى وتواصلت خلال الستينات والسبعينات منه وبدأت تتراجع وتنحسر خلال الثمانينات وفشل معظمها وكان ابرز تلك الأنقلابات التى نجحت هو انقلاب (الأخوان المسلمين) فى السودان نهاية الثمانينات وتحديدا فى يونيو عام 1989، وما هو مستغرب له ان ذلك الأنقلاب وجد تاييدا وقبولا من المجتمع الدولى فى وقت بدأ فيه تشكل رأى عام وشبه اتفاق دولى يرفض التغيير عن طريق الأنقلابات العسكريه مثل الأتفاق الدولى الذى تم فيه رفض عملية اختطاف (الطائرات) من اى جهى كانت ، وربما كان انقلاب (الأسلاميين) فى السودان هو الأنقلاب الوحيد الذى وافقت عليه امريكا – لشئ فى نفس بعقوب – بعد أستشاره مضلله وأنتهازيه من مصر (مبارك) وكأنهم جمبعا ارادوا للسودان أن يتفتت ويتمزق ويتشتت ويجوع ويفتقر على ايدى (الأسلاميين) ، ومن أجل ذلك اضاءوا الاشارة الخضراء لأعداء الأنسانية والحق والحريه والديمقراطيه وقالوا لهم اعبثوا بوطنكم كما تشاءون، حتى يأتى يوم تضعفون فيه وتوهنون فننقلب عليكم ونريكم ما لم تتوقعون.
لكن ما يغيب عن ذهن اؤلئك (المتخوفين) أن التطور سمة الحياة وأن رب العزه قال عن نفسه (كل يوم هو فى شأن). وهذا اقرار من الخالق تنزه وعلا بأن كل شئ فى الكون قابل للتطور نحو الأمام حتى (الحجر) الاصم بل حتى (الأله) نفسه كما قال عن نفسه وهو مخير فيما يقول، وتجرية سقوط (مبارك) الأخيره تؤكد ذلك فعلى الرغم من شدة الغبن والحقد الذى ملأ صدور جماعات اسلاميه ويساريه فى مصر عذبت وقتلت وأعدمت فى عصره بالحق أو بالباطل، لكن (مبارك) ورموز نظامه يلقون الآن شكلا من اشكال المعامله المحترمه لا يمكن أن يقارن بما حدث فى العراق وسوريا بعد انقلابات فاشله أو ناجحه أو كما حدث فى انقلاب هاشم العطا رحمه الله على النميرى ولا يمكن أن يقارن بما حدث بعد نجاح الثوره الفرنسيه.
ولا يدحض أو ينفى حقيقة ذلك التطور الذى حدث فى الحس والشعور وفى النفس البشريه العامه، ما حدث (للقذافى) رحمه الله فى ليبيا من ممارسات سبقت قتله بواسطة صبية صغار سن، ولو تم اعتقاله بواسطة خصومه السياسيين الواعين ولو أنه اسس جيشا (نظاميا) محترفا وقوات شرطه مهنية محترفه ولاءهم جميعا للوطن لا (للحاكم)، لعومل مثلما عومل ابنه (سيف الأسلام) ورئيس جهاز أمنه (السنوسى) .. وعلى كل حال فما حدث فى (ليبيا) ثوره على الرغم من الدعم والمساعدة الأجنبيه التى حظيت بها، لأنها تخلصت من القديم كله مدنيا وعسكريا ولا زالت تحاول التخلص مما تبقى من عناصر النظام السابق، والثورات يحدث فيها الكثير من الأنفلات وتعريف الثوره اصلا (تمرد) على القانون والنظام وتعطيل للدستور القائم وقت اندلاعها، اضافة الى ذلك فأن التعريف العلمى لما حدث فى (مصر) انها (انتفاضه)، وحتى لو كانت ثوره كما يحب الشعب المصرى أن يسميها، فأن الثورات عادة كما أكدت من قبل تشوبها اخطاء وتجاوزات ولم تسثن من ذلك على الأقل فى العالم الثالث غير ثورة ابدعها الشعب السوداني فى أكتوبر 1964، حيث كانت ثورة بيضاء لم ترق فيها دماء تذكر لا من جانب الثوار أو من جانب النظام العسكرى الحاكم وقتها والذى ساعد فى سلميتها لأنه استعاد (وعيه) واستجاب لمطالب الشعب حينما أدرك فشله وعدم رغبة الناس فيه وشعر باصرارالشعب كله على (التغيير) مهما كلف الأمر، فتوقف النظام عن البطش والقمع الذى كان يمارسه فى السابق ووقع اتفاقا يقضى بخروج آمن من السلطه.
ونحن كدعاة (لليبراليه) وللديمقراطيه أكثر الناس ايمانا بالعمل السلمى من أجل احداث (التغيير) ولأسقاط الأنظمه الفاسده والفاشله شريطة أن يؤدى ذلك العمل السلمى ما هو مطلوب منه لا أن يكون مجرد عملية تسوية أو (تسلية) أو كفلم أو مسرحية يتلهى بها الحاكم ويتابعها من خلال أجهزة التلفاز أو من خلال تقارير اجهزته الأمنيه التى تقول له: (كلو تمام يا ريس .. الشعب كله معك ولا توجد ضدك غير فئة قليلة مندسه وعميله وتعمل لحساب جهات أجنبية)!
و(الليبراليه) كما يقولون (خشم بيوت) .. لكن (المتأسلمين) عن عمد وسوء نية وقصد ومن أجل تضليل الشعوب الأميه والبسيطه يذهبون دائما الى ربطها بالفوضى المجتمعيه والأباحيه وعدم التقيد بالقيم الأخلاقيه و بصوره اجماليه تعنى رفضا (للدين).
فى هذا الجانب ومن طباعى الا أتحدث عن أمورى (الشخصيه) عند طرح القضايا العامه وفى ذات الوقت أكره تناول الأمور الشخصيه عن الآخرين، ولذلك أعترف بأنى اصبح عنيفا جدا مع من يتركون القضايا العامه والأختلاف الفكرى والسياسى ويلجأون للجوانب الشخصيه للنيل من الآخر بالحق أو بالباطل، لكنى مضطر هنا لكى اقول عن نفسى وكما يعرفنى القريبون منى ، بأنى لا أدخن السجائر (مثلا) دعك من اشياء أخرى وقناعتى الدينيه (الشخصيه) التى لا الزم بها أحد ولا اضائقه بالحديث عنها، بأن تدخين السجائر فى الجانب الذى يخصنى (حرام) أجتماعيا ودينيا من باب (استفتى نفسك وأن افتوك) لأنه مضر بصحة الأنسان ويسبب السرطان ويضائق الآخرين خاصة الأطفال فى أى مكان يجالسونك فيه، اضافة الى ذلك فأنى ارفض لنفسى أن تستعبدنى أو تسترقنى عادة أو (مزاج) أو (كيف) حتى لو كان الماء أو شرب (الشاى) والساده الصوفيه يقولون (من آفة العباده أن تصبح عادة) وفى الفهم الدينى (المستنير): الذنب "هو ما حاك فى نفسك وخشيت أن يطلع عليه الآخرون"، وقالها شاعرنا فى الفحل فى أغانى (الحقيبه) بصورة رائعه: (من تعاطى المكروه عمدا غير شك يتعاطى الحرام).
الشاهد فى الأمر رغم ذلك فأنى اعتز وأفتخر بأنى (ليبرالى) و(ديمقراطى) .. والليبراليه عندى تعنى وبكل ساطه ودون حاجه للجوء الى نظريات علميه أو تجارب اجنبيه :(الأيمان بالحريه لى ولسواى وبدوله المواطنه التى يتساوى فيها الناس جميعا فى الحقوق المدنيه والسياسيه والأجتماعيه دون تمييز بسبب الدين أو اللون أو العرق أو الجنس أو الثقافه) .. وتعنى (سيادة) القانون الذى يجب أن يكون فوق الجميع وأن يحترمه الكل حكاما ومحكومين .. وتعنى احترام كآفة الأديان والمعتقدات وعدم الأساءة اليها وأن تقف منها الدوله مسافة واحده ولا تقحمها فى السياسه). فالدوله لا دين لها ولا يمكن أن تؤمن أو أن تكفر وتدخل الجنة أو النار ، فذلك يجوز فى حق البشر . والأختلاف العميق فى هذه المسائل هو سبب كلما يدور من مشاكل فى هذا العصر – بالطبع - اضافة الى الظلم والتهميش والأقاصاء ومحاولات الهيمنه والأحتكار والأستحواذ.
والليبراليه عندى تعنى ، أن لا يسمح باستغلال البسطاء والأميين وخداعهم باسم (الدين) ومن أجل ذلك فعلى الأنسان أن يختار بكامله ارادته بين أن يكون مثل باقى الناس على اختلاف اديانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم يمارس حياته الطبيعيه ويؤدى واجباته الديانيه قدلار استطاعته وان تكون له رؤاه وأفكاره السياسيه وأن يكون متحزبا أو مستقلا وناخبا أو مرشحا له (برامجه) التى تحل مشاكل الناس اليوميه والمستقبليه وتوفر لهم الأمن ولأستقرار وتحقق لهم العيش الكريم، أو أن يكون (داعية) دينى مسلما أو مسيحيا أو غير ذلك، دوره اصلاح المجتمعات وتهذيبها وترقيتها وتقديم نماذج بشريه تصلح للقيادة وادارة اوطانها متحليه بقيم الدين دون أن تفرضه على الآخرين ، لا أن تكتب وتفتى وتشرع وتحرض على القتل والكراهية واهدار الدماء وتفتيت الدول وتمزيقها حتى اذا كان فتواهم مستنده على فهم دينى صحيح كان سائدا فى وقت من الأوقات، فالدين (بحر) فيه ما يخالف فهمه ذاك ورؤيته تلك ومن الدين نفسه لا من خارجه وبخلاف ذلك يصبح دينا غير ملائم لكل زمان ومكان وصر صالح لكل عصر.
فاذا كان الأمر كذلك، وكنا ندعو لليبراليه وللديمقراطيه وللحريه ، فلماذا نؤيد الحركات التى تحمل السلاح؟
للأجابه على هذا السؤال لابد من أن نشير بصورة واضحه، بأن سبب تفشى العنف بصوره مباشرة فى العصر الحديث هو نهج الجماعات) الدينيه الأسلاميه التى تسعى دائما لفرض (مفهومها) السياسى (للدين) أو مفهومها (الدينى) للسياسة وتعجز عن الفصل بين الأثنين فتحفظ للدين قدسيته وللسياسه دورها المعلوم فى بناء المجتمعات والأمم. والدول .. وبسبب ذلك العجز تتبنى العنف والقوه والأرهاب لفرض ايدلوجيتها تلك لأنها تعلم صعوبة اقناع الآخرين بها فى العصر الحديث عن طريق الحجه والمنطق والحوار .. والمنهج الذى يتبنوه نفسه يقول: ((ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) .. أى أن بطش الحاكم وقوته (وسيفه) المسلول يمكن أن يحقق ما لا يحققه القرآن بكلما يحتوى عليه من آيات وفقه معاملات وأحكام، ولذك دائما تجد شعار (الجماعات) والتيارات الأسلاميه (السيف) أو (الكلانشكوف) كما فعلت حركة (تجرد) الأسلاميه فى مصر أخيرا، ردا على حركة (تمرد) المدنيه لكنها استحت وسحبت (الكلانشكوف) من استبيانها للجماهير بعد مواجهة قويه وساخره من الأعلام المدنى الحر القوى والشجاع.
وبهذه المناسبه لدينا مثلين وتجربتين (اسلاميتين) واضحتين أمامنا، الأولى تجربة اسلاميه (أخوانيه) أغتصبت السلطه عن طريق انقلاب عسكرى ولا زالت متشبثه بها ولمدة 24 سنة، رغم مظاهر الفشل فى كآفة المجالات ودون استثناء، لأن (المنهج) الذى يؤمن به النظام الحاكم وأتباعه ومؤيديه وتسندهم (النصوص) التى يقدسونها دون تفكير أو تدبر بل يعتبرون توقف (العقل) فى بعض المناطق (نعمه) وواجب وهم لا يؤمنون (بالتطور) أو وجود (فهم) أفضل مما لديهم بينما يرددون بشفاههم (الحكمه ضالة المؤمن اينما وجدها عمل بها) .. وهم يتشبثون بفهم قديم يقول (بوجوب) استمرارية الحاكم (المسلم) وعدم عزله أو الخروج عليه وأن افسد وظلم وبغى ، بل يعتبرون الخروج عليه (كفرا) صريحا بأجماع الأراء يقاتل عليه الخارجون والمتظاهرون ويقام عليهم حد (الحرابه)، وهذا هو السبب فى وقوف معظم التيارات الأسلاميه الى جانب الرئيس (الأخوانى) محمد مرسى رغم اعترافهم وأجماعهم على فشله فى ادارة الدوله لكنهم لا يعترفون بفضيحة تعديه على القانون والدستور منذ اول يوم اصبح فيه رئيسا وسعي جماعته للهيمنه على مفاصل الدوله و(أخونتها) بذات الطريقه السودانيه، وسوف نعود للحديث عن كل ذلك بالتفصيل، فىة الحقيقه هم مسرورين لتصرفه لأنهم لا يؤمنون بدوله القانون ويعتبرون (القداسه) لأحكام الشريعه لا لأحكام القانون وما يصدر من القضاة.
الشاهد فى الأمر ومهما قلنا عن تجربة الأخوان المسلمين وحلفائهم فى التيارات الأسلاميه المختلفه فى مصر لكن كونهم لم يصلوا لللسطه عن طريق (انقلاب) عسكرى وفر للشعب المصرى مساحه جيده وهامش من الحريه غير متاح للشعب السودانى .. على سبيل المثال لا يستطيع الشباب وطلاب الجامعات فى السودان أن يؤسسوا حركه احتجاجيه تعمل سلميا مثل حركة (تمرد) المصريه وأن يجمعوا توقيعات الشعب السودانى فى الشوارع والميادين ويعلنوا رفضهم للنظام ورغبتهم فى اسقاطه (سلميا) .. النظام وأجهزة امنه لا تسمح لهم بذلك العمل الديمقراطى المشروع ، وعدد من رموزه وقادته مثل (نافع) يدعون كاذبين بأنه لا توجد أدنى مشكله لديهم ضد من يعمل سلميا لأسقاط النظام؟
والنظام وأجهزة أمنه لا يسمحون بخروج المظاهرات السلميه أو الوقفات الأحتجاجيه ولقد شاهدنا كيف يقمع الطلاب والناشطين وكيف يجلدون بالسياط فى وقت يسمح فيه النظام لنفسه ولأتباعه أن يسيروا المظاهرات وأن يحشدوا الحشود وأن يستنفروا جماهيرهم من خلال (التلفزيون) ويزيدوا عددهم بالأرزقيه والمأجورين الذين يلعقون احذية (جلادهم) راضين بما يقدم لهم من فتات وهبات و(صداقات) هى اوساخ الطغاة والمستبدين؟
ومن شاهد أو سمع فى العالم كله غير (السودان) فى ظل نظام الأنقاذ (الأسلامى) ومصر فى ظل النظام (الأخوانى) الحالى الذى بدأنا نشعر بأنه يعيد استنساخ تجربه الفشل السودانيه الأسلامويه فى كثير من جوانبها ، مثل المظاهرات والحشود التى تستنفر وتخرج لتأييد النظام الحاكم وللهتاف باسم رئيس يحقق فى كل يوم المزيد من الفشل.
والامر الطيبعى أن المظاهرات والحشود والأعتراضات والوقفات الأحتجاجيه من حق المعارضه وحدها.
ومطالبه (النظام) أى نظام أن تكون المظاهرات سلميه، مشروطه باستجابة النظام للمطالب التى يرفعها المتظاهرون ويرددونها فى هتافتهم طالما كان عدد اؤلئك المتظاهرين مقنعا ومعبرا عن شريحة من الشعب، حيث لا يوجد نظام فى العالم كله يأتى به الشعب بكامله وافضل نسبة للمشاركين فى أى انتخابات لا تزيد فى كثير من الأحوال عن 60% من نسبة المواطنين المسجلين الذين لهم حق الأنتخاب .. و(مرسى) كرئيس منتخب فى نظام (ديمقراطى) مهما شابته من (عيوب) وما لدينا عليه من (تحفظات)، لم توصله الى كرسى الرئاسه اصوات الأخوان المسلمين والتيارت الأسلاميه وحدها بل تم الحسم لصالحه بواسطة الدعم الذى وجده من القوى الليبراليه والعلمانيه واليساريه فى انتخابات الأعاده بينه وبين (شفيق)، وقد وصف تلك الحاله الدكتور عبد الحليم قنديل وصفا ساخرا وقاسيا، قال فيه، بأنه كان أختيارا (اجباريا) وأضطراريا بين أكل (لحم الميتة) ولحم (الخنزير).
الشاهد فى الأمر طالما أن الحاكم يسمع ولا يستجيب للمطالب التى ترفع اليها من خلال المظاهرات السلميه كما يحدث فى الدول (المتقدمه) فليس من حق الحاكم أو جماعته أن تطالب المتظاهرين بالتزام السلميه طول الوقت فالخروج والأحتشاد والهتاف ليس من اجل (النزهة)، والوقفه فى الميادين والهتافات وحدها قد لا تؤثر فى الحاكم ولا تجعله يستجيب للطلبات المشروعه ولا تسقطه، وقد قالها (مبارك) من قبل (دعهم يتسلوا) ، وكثيرا ما سخر (البشير) وتابعه (نافع) من المعارضين ومن نقدهم فى الصحف ومواقع التواصل الأجتماعى وكشفهم للفساد واهدار المال العام والقليل من المظاهرات من وقت لآخر التى لم يصل عدد المشاركين فيها فى افضل الأحوال الى 4 الف متاهر منذ أن أغتصبت الأنقاذ السلطه وأعلنت حربها على شعب السودان!
لذلك ولولا العنف الذى مارسه الثوار المصريين من كآفة الأتجاهات وحرقهم لدور الحزب الوطنى الحاكم يومها ولأقسام الشرطه، واستهدافهم لضباط الشرطه وأرهاقهم لجهازها كله، وتضحيتهم بأرواحهم لما نجحت الثوره ولما انحاز الجيش المصرى الى شعبه، لأن البديل كان أن يواجه شعبه ويقتله كما حدث فى ليبيا وسوريا وعلى نحو أقل فى اليمن، لولا ذلك العمل البطولى لبقى الثوار المصريين حتى اليوم يهتفون فى ميدان التحرير وغيره من ميادين، يتجمعون من وقت لآخر وينفضون ثم يعودون و(مبارك) يذهب الى قصر حكمه ويسافر ويعود غير عابء بما يقولون.
لذلك نقول أن العمل السلمى مطلوب ومؤيد أذا كان النظام الحاكم أى (نظام) كان، يسمح به ولا يقمع الثوار أو يحشد اتباعه ومؤيديه وأجهزة أمنه لمواجهتهم وممارسة العنف ضدهم .. واذا كان يستجيب لصوت العقل وللمطالبات المشروعه ولا ينفرد باتخاذ القرار وحده ولا يحول مؤسسات الدوله لتصبح مؤسسات (حزب) بل يعمل على (تقوية) الأحزاب الأخرى ومنظمات المجتمع المدنى دون أن يحولهم الى أرزقيه و(مأجورين) واتباع، وأن يجعل فرص العمل العام والخاص والتجاره متاحه للجميع وفى مساواة دون احتكار أو واسطه أو محسوبيه، وبذلك يصبح التبادل السلمى للسلطه ممكنا، والضمانه لتحقيق ذلك أن تشكل حكومة (تكنقراط) قبل فترة من الأنتخابات لا تقل عن ثلاثة اشهر من مستقلين معروفين بالنزاهة وطهارة اليد لأدارة البلاد والعمليه الأنتخابات، ففى العالم الثالث الذى نعيش فيه من الصعب أن ينفصل الموظف العمومى عن الحاكم والرئيس ومن الصعب أن يرفض لهم طلبا.
ويجب أن يتساوى كل المرشحين وكافة الأحزاب فى الظهور على وسائل الأعلام والا تستخدم موارد الدوله من قبل أى طرف وأن يحدد سقفا ماليا للصرف على الدعايه وأن تكون الأنتخابات مراقبه من جهات عديده وطنيه وأقليميه ودوليه.
فهل يقبل نظاما يرى انه (موكل) من الله لحكم شعب وأن من يخالفه يخالف (الله)، وكل معركه يخوضها النظام ضد معارضين ومخالفين فهى (جهاد) فى وقت تنام فيه (حلائب) فى احضان دوله خارجيه، أعلن النظام عن افتتاج طريق مشترك معها وقام باغلاق انابيب النفط مع دوله هى دمنا ولحمنا الذى لا يمكن أن (ينفصل) بأدعاء كاذب يقول انها تدعم (المعارضه) السودانيه المسلحه!!
وفى نهاية هذا الجزء اوجه سؤالا للذين يتحدثون عن تغيير سلمى أو ما يسمونه اسقاط للنظام (بالوسائل المشروعه)، كيف يتحقق ذلك والنظام مهيمن على اجهزة الأعلام الرسميه و(الخاصه) المموله من النظام والمشارك فيها بصورة أو أخرى وهى فى الأول والآخر أموال الشعب وأموال دافعى الضرائب؟
مثلا هل يستطيع النظام من خلال أى قناة فضائيه أن يسمح للمعارضين (الحقيقيين) لا (انصافهم) أن يتحدثوا تانى يوم وعلى الهواء بأن رئيس (النظام) عمر البشير قد اخطأ فى قراره العشوائى الأنفعالى الذى اعلن فيه عن اغلاق انبوب نفط الجنوب؟
وهل يستطيع معارض أن يقول على احدى القنوات الفضائيه السودانيه بأن (كتائب) و(مليشيات) ما يسمى (بالدفاع الشعبى)، هى كتائب (ارهابيه) دورها حماية النظام والعمل بكل الطرق لمنع اسقاطه سلميا أو عن طريق السلاح، وأنهم ليسوا مجاهدين ومن يموت منهم (فطيس) لا شهيد لأنهم لا يحاربون من أجل الدين أو (الحق) ولو كانوا كذلك لأتجهوا نحو (حلائب) لأنها محتله منذ عام 1995 بواسطة دوله أجنبيه؟
ولو كانوا مجاهدين وينصرون الدين كما نسمع فى أناشيدهم لسألوا (لصوص) النظام الذين امتصوا دم الشعب من اين لكم تلك الأموال؟
انهم لا يسألون لأنهم اما مضللين أو مخدوعين أو متاجرين بالدين يسترزقون باسمه وفى افضل الأحوال هم جهله لا يقرأون واذا قرأوا لا يفهمون.
وفى نهاية هذا الجزء اطرح سؤالا اعرف اجابته، لماذا توقفت حركة (قرفنا) التى سبقت حركة (تمرد) المصريه فى العمل الميدانى الجماهيرى المؤثر، وهل توقفت من نفسها أم بفعل فاعل؟ وماذا حدث لقادتها ورموزها وكوادرها الشباب الطاهر النقى؟
وللحديث بقية.
تاج السر حسين – [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.